قال مسؤول أمريكي بارز إن السعودية اعتقدت أن التهديد باستخدام القوة العسكرية ضد سورية كان يعني إرسال صواريخ كروز مع أن كل ما كانت تريده
واشنطن هو التخلص من السلاح الكيماوي "لقد اعتقدوا أننا وعدنا بإرسال صواريخ كروز من أجل الإطاحة بالأسد وكل ما وعدنا به هو تدمير الترسانة الكيماوية وهو ما حققناه عبر المفاوضات".
وجاءت تصريحات المسؤول ضمن تعليق كتبته محررة مجلة "بروسبيكت" البريطانية براونين مادوكس التي قالت إن زيارة الرئيس باراك
أوباما للسعودية منتصف الشهر المقبل قد تكون من أهم الزيارات الخارجية للرئيس أوباما خلال الخمسة أعوام التي قضاها في البيت الأبيض حتى الآن.
فالزيارة يقصد منها مواجهة الإنهيار في العلاقات مع حليف قديم، والتي جاءت بسبب أفعال او عدم تحرك الإدارة الأمريكية بما يرضي السعودية فيما يتعلق بسورية ومصر.
وتقول الكاتبة إن الزيارة قد تنجح في إعادة العلاقات، وتحتاج إدارة أوباما للكثير من الجهد لشرح ما قامت به من تحركات ولماذا؟ وقد ينجح السعوديون بإقناع فريق أوباما بشرح الموقف الامريكي غير الواضح من مصر.
وبالإضافة إلى ذلك تشكل
إيران مشكلة حقيقية، تأتي في قلب توتر العلاقات الأمريكية- السعودية.
فمن السهل على الولايات المتحدة إدارة علاقات أقل عدائية مع إيران كجزء من صفقة تعلق من خلالها طهران جزءاً من مشروعها النووي مقابل رفع العقوبات؛ لكن التنافس بين السعودية وإيران الذي أطلقت عليه المجلة في عددها الأخير "الحرب الباردة الجديدة" تقوم بإعادة رسم التشكيلات السياسية والولاءات في المنطقة.
ولهذا السبب عقدت المجلة نقاشا حول دائرة مستديرة تحت عنوان (التنافس بين السعودية وإيران- الحرب الباردة الجديدة، كيف سيرد الغرب؟"، ودعت إليه مجموعة من المحللين العسكريين ومراسلي الصحف البريطانية ممن لهم علاقة بالوضع في المنطقة، وتم النقاش في 27 كانون الثاني/يناير. وكان محور النقاش هو رد فعل بريطانيا والإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على هذه الحرب الباردة.
وتم تقسيم المشاركين إلى فريقين، واحد راغب في إعطاء إيران فرصة والعمل على إخراجها من عزلتها، والآخر يلعب دور المتفهم لموقف السعودية ومخاوفها من إيران.
وتقول مادوكس إن مصطلح "الحرب الباردة" استخدمه مدير مركز راند للمخاطر الدولية والأمن غريغوي تريفيرتون، مع أن البعض ناقش فكرة أن المقارنة غير سليمة، ولكن الغالبية يرونها قريبة وتمسك بحس التنافس والتحالفات الجديدة في المنطقة.
وفي هذا السياق أشار بعض المشاركين إلى اتفاق الأردن والإمارات العربية المتحدة والكويت على بعض القضايا، خاصة فيما يتعلق بالموقف من مصر وسورية، والموقف من إيران ومن ضمن الموضوعات الأخرى التي تم طرحها قطر.
وينظر بعض المشاركين في الحوار إلى الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني بأنّه ملتزم بفتح بلاده للعالم ومستعد لتجميد العمل في المشروع النووي. مع التحفظ على صلاحياته في ضوء صلاحية المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، حيث أكدت تصريحاته في الأسابيع القليلة الماضية على حس الحذر.
وبرغم هذا فأوباما محق في دفعه للكونغرس على عدم فرض عقوبات جديدة على طهران بحسب نقاشات الكثيرين ممن حضروا الندوة.
وتعتقد مادوكس أن أي صفقة مع إيران ذات قابلية للحياة مشروطة باحتواء سباق التسلح في المنطقة.
وتضيف مادوكس أن التردد السعودي مفهوم، فقادتها يشكون في أن يؤدي الإتفاق مع إيران إلى منعها من الوصول للسلاح النووي إن لم يساعدها في الحقيقة على وضع اللمسات الأخيرة من أجل امتلاكه. وهم في هذا الموقف- اي السعوديون- في اتفاق نادر مع المسؤولين الإسرائيليين الكبار الذي يشكون في نوايا إيران.
وتشير هنا إلى تصريحات الأمير تركي الفيصل، الذي تقول إنه واحد من الذين يتحدثون عن سياسة المملكة الخارجية. فقد حذر الفيصل من أن السعوديين سيبحثون عن طرق لامتلاك السلاح النووي إن تأكد حصول الإيرانيين عليه.
ويقول انتوني كوردسمان، المحلل في مركز الدراسات الدولية والإستراتيجية إن سباق التسلح بين البلدين بدأ من خلال بناء القدرات في مجال السلاح التقليدي، مع أن إيران أعيقت عن تطوير قدراتها والحصول على التكنولوجيا الجديدة بسبب العقوبات، فيما تظل السعودية الزبون الرئيسي لشراء الأسلحة من الولايات المتحدة، ولكن إيران تمتلك قدرات عسكرية ووسائل تمكنها من إغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه نفط الخليج للعالم.
لكن الولايات المتحدة تقول إنها قد اكتفت ذاتيا أو في طريقها للإكتفاء في مجال الطاقة، فالتحول في المواقف الأمريكية أو عدم الإهتمام بمظاهر القلق السعودي مرتبط كما تقول مادوكس بزيادة تكسير الصخور واستخراج الزيت الصخري منها. ومن هنا يرى كوردسمان أن حديث الولايات المتحدة عن الإكتفاء في مجال الطاقة كلاما ليس حقيقياً؛ لأنّها ستبقى معتمدة على استيراد الوقود من الخارج، وما حدث في واشنطن هو مجرد تغير في التفكير.
هذا مع تحمس الولايات المتحدة للديمقراطية وإن كانت بشكلها الصاخب، وهذا ما يوضح كيف أخطأت واشنطن بقراءة رد فعل
الرياض، خاصة عندما دعمت الإطاحة بالرئيس حسني مبارك.فمن وجهة نظر الرياض تخلت واشنطن عن حليفها القديم ودعمت القوى الجديدة بطريقة غير مباشرة، ذلك ان الثورة المصرية فتحت الباب أمام الإخوان المسلمين.
وستكون مصر مع الموقف من سورية من القضايا الصعبة التي ستواجه أوباما في الشهر المقبل، فقد يختار فريقه التمسك بأن ما قامت الإدارة الأمريكية بفعله كان صحيحا حتى لو لم تدعمه الرياض، أو الاعتراف بأنّها أخطأت.
وتختم مادوكس بالقول إن زيارة أوباما مهمة، ولا يعني عدم وجود خلافات حقيقية بين البلدين، ونتيجة الزيارة قد تكون بحث السعودية عن حلفاء جدد والتوقف عن النظر للولايات المتحدة بنفس الدفء كما في العقود الماضية.