رصدت صحيفة "التايمز" البريطانية أعداد السعوديين الذين يقاتلون في صفوف المنظمات المرتبطة بالقاعدة في
سوريا والعراق، وأشارت إلى أنهم أضعاف ما كان يُظن سابقاً، ما أثار مخاوف الرياض من أن يعود المقاتلين ليشنوا حربا في الوطن.
وفي الوقت الذي تعترف فيه الحكومة
السعودية بوجود أكثر من 1000 شاب يشاركون في الصراع في سوريا،تشير تقديرات المخابرات الغربية إلى أن ما لا يقل عن 3000 سعودي هناك.
وتضيف الصحيفة أن هناك مئات آخرون التحقوا بالصراع في جارتها العراق، حيث يهدد مقاتلي
القاعدة الحكومة الشيعية المدعومة من إيران، وبحسب "التايمز" فإن المصادر الاستخباراتية توضح أن حوالي نصف الجهاديين السنة في العراق سعوديون.
وتقول إنه لهذا السبب وغيره قامت السعودية بإعادة ترتيب القيادات العليا في ظل التخوف من المشاكل التي سيتسبب بها هؤلاء حال عودتهم من سوريا والعراق عند انتهاء الصراع فيهما. فقد تم تسليم ملف سوريا والتركيز على حماية المملكة للأمير
محمد بن نايف، وزير الداخلية و المسؤول عن محاربة الإرهاب.
وتم في السياق نفسه تجاوز رئيس المخابرات "المتقلب" الأمير بندر بن سلطان بعد فشله في اقناع أمريكا القيام بعمل مسلح ضد النظام في سوريا كما أنه أغضب العديد من الحلفاء بأخطائه الدبولماسية.
وتشير إلى ما قاله مصدر استخباراتي غربي: "إنهم قلقون من أعداد السعوديين الذين يغادرون لينضموا للجهاد في ازدياد مستمر. وعليهم وقف تدفق المقاتلين هذا.. للآن لم يظهر أحد مثل بن لادن يدعو المقاتلين للذهاب والقتال في الوطن ولكن هذا ممكن أن يتغير في أي وقت".
وبجسب المصدر فإن مسؤليين كبار في الرياض كانوا قد أعربوا عن تخوفهم من تكرار ما حصل في أفغانستان حيث أيدت السعودية المجاهدين ضد روسيا في أفغانستان ولكن العملية أنتجت القاعدة بقيادة أسامة بن لادن الذي دعا أتباعه لإسقاط النظام الحاكم في السعودية.
كما أشارت الصحيفة إلى أنه عندما كان ملف سوريا بيد الأمير بندر بن سلطان حاول أن يحل الدور السعودي في سوريا محل الدور الإيراني وجعل هذا الأمر فوق أي اعتبار آخر، ولكنه عندما استلم الملف في 2012 كانت قوى الثوار تحقق تقدما سريعا وبدا سقوط الأسد قريبا، ولكن اليوم وبعد أن وصل الصراع الدامي إلى طريق مسدود بدأت تسمع أصوات تحذر من العواقب في الرياض.
و بدأت المملكة حملة قمع لوقف تدفق الجهاديين، حسبما أفاد المصدر، وأصدرت الحكومة قانونا ضد الإرهاب الشهر الماضي يعاقب من يشارك في حروب أجنبية من السعوديين بالسجن لسنوات طويلة، ويطال أيضا من يمول أو يشجع الشباب على الجهاد بعقوبات قاسية.
وكانت الرياض متهمة بغض الطرف عن رجال الدين والقضاة وشيوخ القبائل المتطرفين الذي يحرضون السعوديين للقتال في الخارج. وذكرت تقارير أنكرتها السعودية أن محكموما عليهم بالإعدام أطلق سراحهم وأرسلوا إلى سوريا. وستستمر السعودية بالدعم المادي والعسكري لمجموعات الثوار الشرعيين ولكن هناك جهودا متجددة لمواجه الخطر الجهادي.
وقد عاد الأمير محمد الأسبوع الماضي من واشنطن بعد إجراء محادثات مع كبار المسؤولين بما في ذلك وزير الخارجية جون كيري ومسؤولة الأمن القومي سوزان رايس ومدير المخابرات المركزية الأمريكية جون برنان.
وتدرس الولايات المتحدة خطة لتسليح الثوار بعد أن فشلت محادثات السلام في جنيف الشهر الماضي.
والأمير محمد بن نايف (54 عاما) والذي يتوقع أن يكون ملكا في المستقبل، قاد حرب السعودية على القاعدة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، ويتمتع باحترام في الغرب بعد سنوات من العمل المشترك في الحرب على الإرهاب ويعد بعلاقات أكثر سلاسة مع حلفاء السعودية وبالذات أمريكا وخاصة بعد دبلوماسية الأرض المحروقة التي اتبعها الأمير بندر. فقد نفذ الصبر في قائد الإستخبارات المتقلب في بلده وخارجها بأخطاء دبلوماسية أسخطت الحلفاء، فعندما رفضت أمريكا القيام بغارات جوية على سوريا العام الماضي هدد الأمير بندر بتخفيض مستوى مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع واشنطن.
ولكن الأسوأ من هذا كان ما نتج عن مباحثاته في روسيا في شهر آب/ أغسطس حيث يقال أن الأمير بندر عرض محفزات لموسكو إن هي تخلت عن دعمها لنظام الأسد بما في ذلك مساعدة سعودية في "قمع الإرهابيين الشيشان"، ورد بوتن بالتحذير أنه سيحمل الرياض مسؤولية أي أعمال إرهابية تقع خلال أولمبياد سوتشي.
ويعلق ثيودور كاراسيك، من مركز التحليل العسكري للشرق الأدنى والخليج: "اعتبر أن بندر تحول إلى شرير، وتسليم ملف سوريا لمحمد بن نايف يؤكد أن الهدف العسكري الرئيس من هذا هو محاربة القاعدة بسب مخاطر رد الفعل العكسي".