قال الكاتب
المصري والمفكر الإسلامي
فهمي هويدي إن حادث مقتل ستة من جنود الجيش في منطقة مسطرد شمال القاهرة، صباح السبت يشتم منه رائحة تكرار
السيناريو الجزائري في مصر.
وبحسب المتحدث باسم الجيش المصري، العقيد أحمد محمد علي، فإن "مجموعة مسلحة تابعة لجماعة
الإخوان الإرهابية هاجمت نقطة خاصة بعناصر الشرطة العسكرية في منطقة منفذ مسطرد، بداية (طريق القاهرة - الإسماعيلية الزراعي)؛ ما أدى الى استشهاد خمسة مجندين من قوة النقطة"، قبل أن يرتفع عدد القتلى إلى ستة.
وتحت عنوان "رائحة السيناريو الجزائري"، قال هويدي في مقاله اليومي بصحيفة "الشروق" المصرية الخاصة الأحد: "أشم في حادث مسطرد رائحة السيناريو الجزائري، وهي جريمة من النوع الذي يبعث إلينا رسالة ذكرتنا بما تمنينا أن ننساه، سواء إرهاب التسعينيات الذي استهدف رموز السلطة في مصر، أم عشرية الجزائر السوداء التي بدت صراعا بين الجماعات المسلحة من جانب، والجيش والشرطة من جانب آخر، وكل منهما أتعس من الآخر".
وأقدم الجيش الجزائري في بداية تسعينيات القرن الماضي على إلغاء نتائج المرحلة الأولى من انتخابات برلمانية، فازت فيها
جبهة الإنقاذ الإسلامية؛ ما أدخل البلاد في حرب أهلية دامت نحو عقد من الزمان يسمى "العشرية الحمراء".
وقال هويدي إنه "رغم استبعادي من قبل لهذا السيناريو، معتمدا على التباين بين البيئتين المصرية والجزائرية في البيئة السياسية والطبيعة السكانية والجغرافية، الآن أقر بأنني أحسنت الظن، وأخطأت في التقدير، رغم أنني ما زلت آمل أن يفعل التباين فعله، وألا تتطابق الحالتان المصرية والجزائرية في النتائج. السيناريو الجزائري استمر عشر سنوات، وأدى إلى سقوط نحو 200 ألف قتيل".
وتابع: "صحيح أن البدايات لا تخلو من تشابه بين البلدين، خصوصا في الدور الذي لعبه الجيش في إجهاض المسار الديمقراطي، مع الاختلاف في حجم التأييد الشعبي الذي كان في مصر أوضح منه في الجزائر، إلا أنني أتمنى أن تختلف النهايات، وأن يتعلم القائمون على الأمر في مصر دروس التجربة الجزائرية".
وأضاف أنه "على السلطة تعلُّم أن الحل العسكري والأمني لا يكفي في حسم الصراع السياسي، وهو ما فطن إليه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي تولى السلطة عام 1999، وتبنى سياسة الوئام المدني التي كانت مدخلا لتحقيق السلم الأهلي، وبه انتهت المرحلة التي يصفها الجزائريون بالعشرية السوداء التي أغرقت البلاد في بحر من الدماء".
ورأى الكاتب الصحفي أن "أحد الفروق المهمة بين التجربتين الجزائرية والمصرية، أن طرفي الصراع في الجزائر كانا واضحين إلى حد كبير، فالمواجهة كانت معلنة بين الجيش القابض على السلطة وبين جبهة الإنقاذ التي لم يكن قد مضى على تأسيسها أكثر من سنتين".
وأضاف: "أما في التجربة المصرية، فالإخوان المسلمون يتصدرون مقدمة الطرف الآخر، ومعهم التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي يضم جماعات أخرى".
وقال إنه بينما "جبهة الإنقاذ في الجزائر تبنت سياسة المواجهة المسلحة، فإن جماعة الإخوان ومعها التحالف اختاروا في مواقفهم المعلنة طريق المعارضة السلمية التي تمثلت في الاعتصامات والمظاهرات".
وتابع أنه "على الرغم من تعدد حوادث العنف التي شهدتها مصر خلال الأشهر الثمانية الماضية (أي منذ انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي في تموز/ يوليو الماضي)، إلا أنه لم يثبت حتى الآن أن التحالف ومعه الإخوان كانوا وراءها، حتى أكبر حدث وقع حتى الآن، وتمثل في تفجير مقر مديرية أمن القاهرة أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس مسؤوليتها عنه".
وأثار انتباه هويدي أن "المتحدث العسكرى المصرى سارع بعد عشر دقائق من إعلان خبر مقتل الجنود الستة إلى اتهام الإخوان بالمسؤولية عن الجريمة. وهو ما فعله صاحبنا أيضا بعد دقائق معدودة من إطلاق الرصاص على حافلة عسكرية قبل يومين وقتل اثنين من ركابها".
وخلص إلى أنه "في مواجهة أحداث بتلك الجسامة والبشاعة، نحن أحوج ما نكون إلى التحلي بالمسؤولية والوعي، وأن ينتبه الجميع إلى أن ما حدث في مسطرد، ليس منفصلا عن مسلسل الأزمة التي تواجهها مصر منذ الثالث من تموز/ يوليو الماضي التي سالت في ظلها دماء غزيرة".
وختم الكاتب المصري بقوله: "لا نريد أن يطول انتظارنا، ولا نريد أن نرى مزيدا من دماء الأبرياء تراق، ومزيدا من الخراب يحل، لكي ندرك أننا بحاجة إلى تحرك جاد لتحقيق الوئام المدني الذي دعت إليه خارطة الطريق قبل ثمانية أشهر، لم نشهد تحركا جادا يحققه".