أصدرت السفارة
المصرية في لندن إعلانا مدفوع الأجر على صورة "جريدة ملحقة" مع صحيفة "
ديلي تلغراف" البريطانية؛ بهدف تلميع صورة السلطات المصرية، والترويج لخارطة الطريق التي أعلنت بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 3 تموز/ يوليو الماضي.
وأكد الملحق الذي يتكون من 8 صفحات أن مصر عادت "لموقعها الريادي في الشرق الأوسط بالرغم من كل ما تعرضت له خلال الفترة السابقة؛ في إشارة إلى الاضطرابات السياسية والأمنية التي أعقبت الانقلاب.
وقال مصدر إعلامي بريطاني لـ "عربي21" إن السفارة المصرية اختارت "ديلي تلغراف"؛ في محاولة منها للرد بشكل غير مباشر على الفيديو الذي نشرته الصحيفة البريطانية قبل أسابيع، وأظهر حالة السجون المزرية، والتعذيب الممنهج الذي يتعرض له المعتقلون السياسيون في سجون سلطة الانقلاب.
واستغرب المصدر لجوء السلطات المصرية للإعلان بهذه الصحيفة بالذات، على الرغم من هجوم الإعلام المصري عليها بعد نشر الفيديو المتعلق بأوضاع السجون، حيث اتهمت السلطات المصرية "ديلي تلغراف" في ذلك الوقت بنشر فيديو قديم ومفتقد للمصداقية، وهددتها باللجوء للقضاء. وقال ساخرا: "بدلا من اللجوء للقضاء ضد الصحيفة، نشرت السفارة المصرية ملحقا إعلانيا فيها بهذا المبلغ الضخم، في محاولة يائسة منها للتأثير في تغطية الصحيفة للتطورات في مصر على ما يبدو".
واستدرك بأن هذا يؤكد "ضعف النظر عند سلطات الانقلاب، التي لا تدرك أن قسم الإعلانات في مثل هذه المؤسسات الإعلامية العريقة منفصل تماما عن قسم التحرير؛ وهو ما يعني أن الإعلانات مهما بلغ حجمها لا يمكن أن تؤثر بحال في السياسة التحريرية للصحيفة".
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن السفارة دفعت مبلغا ضخما لإصدار هذا الملحق/الإعلان، قد يصل إلى 75 ألف جنيه استرليني (أكثر من 862 ألف جنيه مصري)، مشيرا إلى أن هذا الإعلان يأتي ضمن حملة إعلامية تنفذها السلطات المصرية لتلميع صورتها في الخارج؛ نظرا لشعور هذه السلطات أن صورتها تعرضت لأذى كبير؛ نتيجة لما يكتب في الصحف الغربية عن ممارساتها ضد المعارضة.
من جهته، قلل رئيس جمعية المحامين العرب في
بريطانيا صباح المختار من تأثير هذا الملحق في كل من الرأي العام وصانع القرار البريطاني.
وقال المختار في حديث لـ "عربي21" إن هذه الطريقة في التأثير تستخدم من "الذين لا يعرفون في طرق التأثير في السياسات الغربية أو (Lobbying)"، مشيرا إلى أن بعض الدول العربية تلجأ عادة إلى استخدام الملاحق والكتب الإعلانية الثمينة؛ لأن هذه الدول لا تدرك الأساليب العلمية للتأثير في الرأي العام الغربي.
وأضاف المختار، الذي يعتبر خبيرا في النظم السياسية الغربية، أن صناع القرار في بريطانيا أذكى من أن يتم استغفالهم بمثل هذه الطرق، وأن من المستحيل إقناع المواطن أو صانع القرار البريطاني بأن مصر دولة ديمقراطية من خلال ملحق إعلاني، في الوقت الذي تغلق فيه السلطات المصرية الصحف، وتعتقل الناس، وتصدر أحكاما بالإعدام ضد 529 مواطنا خلال يومين.
وفي تحليل لسلوك السلطات المصرية ولجوئها إلى إصدار مثل هذا الملحق، يرى المختار أن السلطات المصرية تستخدم في بريطانيا نفس المعايير الإعلامية التي تستخدمها في مصر، "فهي تحاول إقناع المواطن المصري في وسائل الإعلام المحلية أن القضاء مستقل، رغم إصداره أحكام الإعدام بهذه الطريقة غير المسبوقة تاريخيا، وهي تتوهم أنها تستطيع استخدام نفس أسلوب التعمية مع المواطن البريطاني"، معتبرا أن هذا الأسلوب لن ينجح؛ لأن المواطن البريطاني ليس لديه اهتمام كبير بما يحدث في مصر، ولأنه يسمع الأخبار الصحيحة التي تنقلها وسائل الإعلام البريطانية وتناقض ما يقوله هذا الملحق الإعلاني، ولأنه حتى لو اقتنع بما يقوله الملحق، فإنه لن يمتلك الدافع لمحاولة التأثير في صانع القرار السياسي.
واختتم رئيس جمعية المحامين البريطانيين حديثه لـ "عربي21" بتأكيد أن الملحق الإعلاني المصري في "ديلي تلغراف"، "إضاعة لأموال الدولة التي يجب أن توجه لمصلحة المواطن المصري"، وأنه دليل على "الاستهانة بعقل المواطن البريطاني، والجهل بأساليب صناعة الرأي العام في الغرب".