قالت دراسة حديثة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلية إن العائلة المالكة في
السعودية تخشى من انهيار أسس التحالف بينها وبين الولايات المتحدة، في ظل التوقعات بأن تحقق الولايات المتحدة اكتفاءً ذاتياً من الطاقة في أعقاب النجاحات التقنية التي حققها الأمريكيون في مجال إنتاج الوقود الصخري.
وأشارت الدراسة التي جاءت بعنوان: "رؤساء وملوك وانعدام المطر" إلى أنه يتوقع أن يقترب إنتاج الولايات المتحدة من
النفط خلال عام 2016 من إنتاج السعودية، مشيرة إلى الإنتاج الأمريكي من النفط سيصل إلى 10 مليون برميل يومياً.
وشددت الدراسة التي نشرت في عدد 535، والتي أعدها كل من عوديد عيران، سفير إسرائيل الأسبق في الأردن والاتحاد الأوروبي ويوئيل جوزينسكي، مسؤول قسم الخليج في المركز على أن السعوديين يعون أن تحقيق الولايات المتحدة اكتفاءً ذاتياً من النفط سيساعدها على بلورة أسس جديدة لسياستها الخارجية في المنطقة، بشكل لا يأخذ بعين الاعتبار المصالح السعودية والخليجية.
وأشارت إلى أن واردات النفط كانت هي أساس العلاقات الاستراتيجية بين السعودية والولايات المتحدة منذ أن التقى الرئيس روزفلت مع الملك عبد العزيز آل سعود على ظهر المدمرة الأمريكية "USS Quincy" في قناة السويس في فبراير 1945.
وأوضحت الدراسة أن العلاقة بين الجانبين كانت في الواقع تقوم على صفقة تلتزم السعودية بموجبها بتأمين النفط للولايات المتحدة مقابل التزام واشنطن بالدفاع عن السعودية، مشيرة إلى أن السعودية لم تتردد في بلورة سياستها في مجال تصدير النفط على أساس المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ونوهت إلى أن السعوديين صدموا في السنين الثلاثة الأخيرة عندما لاحظوا مؤشرات على انسحاب الولايات المتحدة في المنطقة، والتي تجسدت في تراخي الموقف الأمريكي تجاه البرنامج النووي الإيراني والنظام السوري.
وشددت على أن الخيارات المتاحة أمام العائلة المالكة "الهرمة" تبدو محدودة للغاية، مشيرة إلى أنه لا يوجد قوة عالمية، سواءً كانت روسيا أو الصين أو الهند قادرة ومعنية بأن تملأ الفراغ الذي توشك الولايات المتحدة على تركه.
وأشارت إلى أن الرئيس أوباما حرص من خلال زيارته الأخيرة للسعودية على طمأنة النخب الحاكمة في الرياض على التزام واشنطن بمواصلة حماية حلفائها في المنطقة، في مسعى لاستعادة الثقة بين الجانبين.
وأشارت إلى أن ظروف زيارة أوباما الأخيرة للرياض تختلف جذرياً عن ظروف زيارته الأولى في 2009 للرياض، حيث حرص في زيارته الأولى على تأكيد فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي في أعقاب تدهور هذه العلاقات خلال حكم سلفه جورج بوش.
وأوضحت الدراسة أن الولايات المتحدة لا زالت في حاجة لخدمات السعودية في مجال محاربة "الإرهاب"، علاوة على حاجة واشنطن لتوظيف علاقات النظام السعودي مع كل من اليمن وأفغانستان وباكستان، في حين أن السعودية تحتاج الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات الإيرانية.
واستدركت الدراسة أن هناك خلافا واضحا وجليا بين العائلة المالكة في السعودية والإدارة الأمريكية بشأن دعم حكم الجنرالات في مصر، حيث أن النظام السعودي يطالب بموقف أمريكي أوضح وغير متحفظ في دعمه للانقلاب على مرسي، علاوة على خيبة السعوديين من مظاهر التقارب المحسوبة بين كل من واشنطن وطهران.
وأشارت إلى أن السعوديين وبقية الخليجيين يرون أن الولايات المتحدة ضللتهم بعد توصلها للاتفاق المؤقت مع إيران بشأن برنامجها النووي، مشيرة إلى أن السعوديين كانوا يعون أن الإيرانيين غير جادين في توجهاتهم للتوصل لتسوية بشأن البرنامج النووي، وأن كل ما يعنيهم تأمين حصولهم على سلاح نووي.
وأوضحت أن السعوديين يخشون أن يسهم أي اتفاق نهائي بشأن برنامج طهران النووي إلى تحسين مكانة إيران في منطقة الخليج وخارجها.
وأكدت الدراسة أن السعوديين يرون أن أي اتفاق نهائي مع إيران سيعكس توجه واشنطن لقطع ارتباطها بالمنطقة، بحيث يبقي إيران كدولة على حافة قدرات نووية وتحسين مكانتها الإقليمية بشكل كبير.
ونوهت الدراسة إلى أن السعودية تعي أن تقاربا أمريكيا إيرانيا يعني تحسين فرص بقاء بشار الأسد في حكم سوريا، مشيرة إلى أن الانطباع الذي تولد في الرياض هو أن الرئيس أوباما تجنب التدخل العسكري في سوريا في سبتمبر 2013 خشية أن يهدد الاتفاق مع إيران بشأن البرنامج النووي.
وأكدت أن النظام السعودي، الذي أثار السلوك الأمريكي شكوكه، بات معنياً بإعادة بلورة علاقاته مع الولايات المتحدة عبر اتخاذ خطوات محددة تسمح له بهامش مناورة أكبر.
وعدت الدراسةُ الزيارةَ التي قام بها ولي العهد الأمير سلمان لكل من باكستان واليابان والهند والصين تأتي في هذا السياق، مشيرة إلى أن الأمير سلمان ناقش قضايا اقتصادية وسياسية وعسكرية، تعكس التوجهات السعودية الجديدة.
وأشارت إلى أن السعوديين لم يقتنعوا كثيراً بتعهدات أوباما بأن واشنطن لن تتوصل إلى "اتفاقية سيئة" مع إيران، مشيرة إلى أن الملك عبد الله طالب أوباما بخطوات صارمة تجاه "التدخل السلبي" لإيران في شؤون المنطقة.
وكشفت النقاب عن أن الملك عبد الله أوضح لأوباما بأن البحرين تمثل خطاً أحمر للسعودية وأنه يتوجب على الإدارة الأمريكية التوقف عن مطالبة العائلة المالكة في البحرين بإصلاحات، محذراً من أي تحرك قد يفضي إلى المس بالعائلة المالكة هناك عبر تدخل إيراني.
وأكدت أن الملك دعا أوباما للإقدام على خطوات تفضي إلى إسقاط نظام عائلة الأسد.
وأوضحت الدراسة أن السعوديين طالبوا أوباما بالسماح بتزويد الثوار السوريين "المعتدلين" بأسلحة تغير موازن القوى القائم، سيما صواريخ الكتف"MANPADS"، في حين أن الأمريكيين يخشون أن تقع في "الأيدي غير الصحيحة".
وأشارت إلى أن السعوديين والأمريكيين يتفقون على القضايا الاستراتيجية لكنهم يختلفون على القضايا التكتيكية، مما يقلص فرص التوافق في النهاية.
ونوهت الدراسة إلى أن ما لم يتم مناقشته خلال اللقاء بين أوباما والسعوديين هو سجل حقوق الإنسان في السعودية، مشيرة إلى أن الأنظمة الخليجية تبدي حساسية كبيرة لأي محاولة من قبل المجتمع المدني في بلدانها لتحدي البنى السياسية القائمة ولا تترد في قمعها.
وأوضحت أن أوباما تجنب إغضاب الأمريكيين، حيث تحدث أمام الملك عن حقوق المرأة والطفل، ولم يطرح قضايا مهمة مثل حرية العمل السياسي والحرية ومستوى الحريات في المملكة.