تتزايد احتمالات تصاعد الأزمة بين التيار الإسلامي والسلطة بموريتانيا، خلال المرحلة المقبلة، بحسب تقرير صادر عن مركز الصحراء للدراسات والاستشارات.
وتوقع التقرير، الذي صدر الأحد، أن تمر "العلاقة المتوترة" بين الطرفين بأحد ثلاثة مسارات رئيسية.
وأوضح التقرير أن "مسار التصعيد" بين الطرفين، "يظل الاحتمال الأكثر ورودا"، مشيرا إلى "احتمال اتساع المواجهة بين الطرفين بطريقة متسارعة تدريجيا، من خلال قيام النظام بشن حملة من المضايقات والاعتقالات في صفوف التيار الإسلامي".
وأغلقت السلطات الموريتانية، أوائل شهر آذار/ مارس الماضي، جمعية "المستقبل" وفروعها بالداخل، والتي يرأسها العلامة الموريتاني الشيخ محمد الحسن ولد الددو، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى، محسوبة على جماعة
الإخوان المسلمين في البلاد.
وبررت وزارة الداخلية الموريتانية حينها، قرار إغلاق جمعية المستقبل، باعتبار الجمعية "خرقت نظم وقوانين الجمعيات من حيث التمويل والتدخل".
لكن محللين يرون أن قرار حل الجمعية يأتي في إطار حملة تشنها السلطات الموريتانية على جماعة الإخوان في
موريتانيا، ويربطون هذه الحملة بالتقارب بين الأخيرة، وكل من
السعودية والإمارات.
وأوضح التقرير أن "المسار الثاني، الذي يمكن أن تسلكه علاقة الطرفين، هو الاتجاه لتجميد الأزمة، بالاقتصار على الإجراءات التي حصلت حتى الآن في حق التيار الإسلامي، من خلال حل جمعية المستقبل، على أن يتجه الأخير إلى الامتناع عن اتخاذ ردود مستفزة، واعتبار ما حصل مجرد إجراء محدود أملته الظروف".
أما المسار الأخير فيتمثل "في التراجع عن المواجهة، مع البحث عن تسويات وصيغ مناسبة لإعادة الأمور إلي نصابها، وربما يؤدي هذا المسار إلى التفاهم حول التزامات وترتيبات تتعلق بالاستحقاقات الانتخابية القادمة".
واعتبر التقرير أنه "رغم اقتصار الإجراءات الحكومية على إجراءات إدارية في حق جمعية المستقبل، إلا أن أغلب المراقبين يرون أن هذا الإجراء يؤشر على ملامح توتر سياسي، لم يعلن عن نفسه، بين الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، و تيار الإسلام السياسي بموريتانيا، كما يمثل بوادر أزمة لا يبدو أن أيا من الطرفين حريص على المبادرة بالتصريح بها".
واعتبر التقرير أن هناك عوامل "موضوعية"، يفترض فيها الدفع نحو خلق التوتر في علاقة النظام الحاكم بالإسلاميين، أبرزها، "الرواسب المتبقية من النظرة التقليدية المتبادلة.. والمرارات المتراكمة بين نظام ولد عبد العزيز والإسلاميين".
وتطرق التقرير لما اسماه "دواعي التهدئة والتراجع"، مشيرا إلى أنه بقدر ما توجد "عوامل تأزيم واضحة"، توجد في المقابل دواعي تهدئة بين الطرفين، "من أهمها وعي الطرفين بحساسية وضع البلد على كافة الأصعدة، والتي تتجاوز الأزمة السياسية المستحكمة إلى التحديات الأمنية".
ومركز الصحراء للدراسات والاستشارات هو هيئة بحثية واستشارية مستقلة، تأسس منذ خمسة أعوام، ويصدر تقارير دورية عن الواقع السياسي والاقتصادي والأمني بموريتانيا.