قال ناشطون معارضون للنظام السوري، اليوم الأربعاء، إن بوادر شقاق جديد بدأت بين
الجيش الحر وحليفته جبهة "النصرة"، مشابهة للتي وقعت مؤخراً بين الاثنين من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "
داعش" على الجهة المقابلة.
ومنذ نهاية العام الماضي شنّ الجيش الحر وحلفاؤه من قوات المعارضة السورية وأبرزهم "
جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية"، حملة عسكرية واسعة، ما تزال مستمرة، ضد معاقل "داعش" في مناطق شمالي وشرقي
سوريا، كونهم يتهمون التنظيم بتشويه صورة الثوار والتعامل مع النظام.
وأدى ذلك لسقوط قتلى وجرحى من الطرفين وطرد مقاتلي "داعش" من مناطق عديدة تسيطر عليها قوات المعارضة في البلاد.
وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال الناشط الإعلامي "محمد الديري" من مدينة دير الزور شرقي سوريا، وهو اسم وهمي اختاره خوفاً من ملاحقة "النصرة" له، إن جبهة "النصرة" اعتقلت، أمس الثلاثاء، 4 ناشطين مناهضين للأسد "على خلفية انتقادهم للتضييق الذي تمارسه الفصائل الإسلامية على سكان المناطق التي تتواجد فيها".
وأشار الديري إلى أن اعتقال الناشطين الأربعة جاء بالتزامن مع قيام "النصرة" باعتقال عدد من الرجال والنساء بسبب مشاركتهم في عرس جماعي مختلط في المدينة، تحت بند أن ذلك يتنافى مع التعاليم الدينية والإيقاع الذي يعمل التنظيم على فرضه في المناطق التي يتواجد فيها.
من جهته، حذّر أمجد حمادة ناشط إعلامي آخر من مدينة دير الزور، من أن المعطيات التي حصلت بالأمس مشابهة للتي سبقت اندلاع الاشتباكات بين الحر وكتائب إسلامية أخرى ضد "داعش" نهاية العام الماضي، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى من الطرفين وطرد الأخير من معظم مناطق دير الزور التي كانت تعد معقلاً أساسياً له.
وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال حمادة إن "النصرة" قد تكون أكثر حكمة من "داعش" كونها اختارت منذ بداية وجودها في البلاد ألا تصطدم مع المجتمع المحلي وإنما جعلت من محاربة قوات النظام أولوية لديها، وهو ما قد يمنع توسّع الخلاف.
وأشار إلى أن شخصيات أهلية معروفة من المدينة وقادة من الجيش الحر بدأوا مساع لحلحة الأزمة والإفراج عن المعتقلين لدى الجبهة، وذلك قبل توسعها واللجوء للقوة في حلها، خاصة أن هنالك نساء تم اعتقالهن، ودير الزور محافظة "يغلب عليها الطابع العشائري والمحافظ ولا يقبل أهلها بذلك"، حسب تعبيره.
واستغرب الناشط قيام "النصرة" بهذه الممارسات خاصة أنها متواجدة في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في المحافظة منذ عام ونصف العام، ولم يحصل أن اصطدمت سابقاً مع الأهالي أو الجيش الحر، بل على العكس "يحظى مقاتلوها بالحب والاحترام، إلا أن بعض التشدد من قبل المهاجرين قد يفسد الأمر".
و"المهاجرون" هي تسمية يطلقها مقاتلو الكتائب الإسلامية على العناصر من غير السوريين الذين يقاتلون في صفوفها، ويكون هؤلاء أكثر تشدداً دينياً كونهم وكما يذكرون جاؤوا سوريا لـ"تطبيق شرع الله وإقامة دولة الخلافة الإسلامية فيها".
وبحسب قيادات في "النصرة" فإن 70 % من مقاتليها من السوريين وسكان المناطق التي يتواجدون فيها، في حين أن العدد المتبقي من "المهاجرين".
في حين أن الجيش الحر يتكون من عسكريين منشقين عن جيش النظام، وأهالي قرروا حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم في مواجهة هجمات قوات النظام على المناطق التي يقطنوها.
وتعد دير الزور أبرز معاقل "النصرة"، ويسيطر مقاتلو المعارضة منذ أكثر من عام ونصف على معظم مناطق المحافظة، باستثناء عدد من الأحياء في مدينة دير الزور، إضافة إلى مطارها العسكري ومعسكر الطلائع واللواء 137 المجاوران لها التي لاتزال قوات النظام تسيطر عليها.
في سياق متصل، قال الناشط أمير اللاذقاني من محافظة اللاذقية إن توتراً بين الجيش الحر وجبهة "النصرة" بدأت بوادره في المنطقة منذ أيام، على خلفية هجوم فصيل تابع للنصرة على قياديين في الجيش الحر وخطف أحدهم.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، أوضح اللاذقاني أن العميد مصطفى هاشم قائد الجبهة الغربية والوسطى التابعة للجيش الحر، أصدر الأحد 20 نيسان/أبريل الجاري، بياناً طالب فيه جبهة "النصرة" بالامتثال لحكم "المحكمة الشرعية" في الساحل المكلفة بالفصل في الخلاف الحاصل بين الطرفين.
ونشب خلاف بين الجيش الحر و"النصرة" على خلفية مقتل عنصر من الأخيرة بتفجير نفذه الجيش الحر بسيارة تابعة لـ"داعش" مؤخراً، وترتب عليه قيام الجبهة بالاعتداء على قياديين في الحر وخطف أحدهم، وعدم قبول الدية لأهل القتيل بعد أن حكمت للمحكمة بأن قتل عنصر النصرة كان بـ"غير عمد"، وأنه كان يستهدف عناصر من "داعش" بغية إخراجهم من الساحل.
وأمهل القيادي في الجيش الحر جبهة النصرة مهلة 3 أيام للمثول لقرار المحكمة الشرعية التي تم تشكيلها لحل الخلاف، بحسب البيان الذي اطلعت عليه "الأناضول".
وأشار اللاذقاني إلى أن المهلة التي منحها هاشم للنصرة تنتهي اليوم، وهذا ينذر بتصعيد بين الحليفين الاستراتيجيين ورفاق السلاح في المعارك التي يشنها الطرفان ضد قوات النظام في المنطقة الساحلية، إن لم يتم التوصل إلى تسوية.
ومنذ 21 مارس/آذار الماضي، أعلنت فصائل إسلامية مثل جبهة "النصرة" وحركة "شام" الإسلامية وأخرى تابعة للجيش الحر، عن إطلاق معركتين باسم "الأنفال" و"أمهات الشهداء"، تستهدف مناطق تسيطر عليها قوات النظام شمالي محافظة اللاذقية ذات الغالبية العلوية، التي ينحدر منها رأس النظام بشار الأسد، ومعظم أركان حكمه وقادة أجهزته الأمنية.
واستطاعت قوات المعارضة السيطرة على مدينة "كسب" الاستراتيجية، ومعبرها الحدودي مع تركيا، وعلى قرية وساحل "السمرا" أول منفذ بحري لها على البحر المتوسط، وعدد من المواقع الأخرى القريبة منها.
وتعد معطيات الخلاف بين الجيش الحر والنصرة التي ظهرت مؤخراً فيما يتعلق بالتضييق على سكان المناطق التي تتواجد فيها قوات المعارضة، وعدم الامتثال لقرارات المحاكم أو الهيئات الشرعية التي يتم اللجوء لها لفض الخلاف، مشابهة للمعطيات التي نشبت بين الحر وحلفائه مع "داعش"، والتي أدت في نهايتها إلى معارك طاحنة بين الطرفين.