كتبت مونوليزا فريحة: لم ينه اتفاق
حمص الحرب في سوريا بالتأكيد. من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، لا يزال النزف مستمراً. لا الانتخابات الرئاسية "التعددية" المقررة في حزيران المقبل تفتح صفحة جديدة في البلاد، ولا "الجهاد العالمي" سيسقط دير الزور ودياراً سورية أخرى كثيرة من حساباته قريباً . ولكن لدى كثيرين في حمص التي عادت أخيراً إلى قبضة النظام، شعور بأنها النهاية.
المشاهد الواردة من المدينة وأحيائها القديمة لا توحي الا بذلك. مدينة أشباح ومبان مدمرة وأنقاض تروي ضراوة ثلاث سنوات من القصف والحصار. مقاتلون يتركون، وإن بأسلحتهم، ما كان يوماً مهد ثورتهم، لا يمكن إلا أن يشعروا باليأس. أما النظام فيمكنه التباهي أمام العالم بأنه استطاع بالبراميل وكل أنواع الاسلحة (في ما عدا الكيميائي المحظور)، تحقيق ما عجز عنه جنيف 1 و2 و3 وكل قرارات مجلس الامن والامم المتحدة مجتمعة.
ومع ذلك، من المبالغة القول إن اتفاق حمص ضربة قاضية للمعارضة أو نصر كامل للنظام. ثمة اقتناع بأن ما حصل في هذه المدينة التي تعكس عمق الأزمة السورية بدلالاتها العسكرية والسياسيّة والطائفية، قد يؤذن بدينامية جديدة في الحرب السورية أساسها التفاوض بين النظام والثوار، على أن تشمل لاحقاً مدناً ومناطق أخرى. وليس بعيداً من هذه الأجواء ما يحصل حالياً في عدرا بريف دمشق من محاولة لإدخال مساعدات غذائية إليها، والتي استولى المسلحون عليها في كانون الأول من العام الماضي، في مقابل الافراج عن أسرة سورية وضباط مخطوفين.
وليس سراً الدور الخارجي في اتفاق كهذا. فإذ اضطلعت ايران خصوصاً بدور علني أول فيه، عززت دعوة الوزير سعود الفيصل أمس نظيره الايراني محمد جواد ظريف لزيارة
السعودية، التكهنات عن حصول تنسيق ما بين طهران والرياض في الصفقة. فللمملكة دور اساسي مع الجبهة الاسلامية، اكبر الفصائل المعارضة، والتي كانت لاعباً أساسياً وساهمت في اتمام ادخال المساعدات الى قريتي النبل والزهراء الشيعيتين.
وفيما تتكشف تباعاً حيثيات اتفاق حمص وقطبه المخفية، يبدو أن استنتساخه سيكون مرتبطاً ارتباطاً مباشراً بتطور الامور بين الرياض وطهران. فالدعوة السعودية لظريف لا تعني بالضرورة أن الخلافات بين الجانبين قد انتهت، الا أنها قد تكون اقراراً من الجانبين بالحاجة الى التنسيق في أكثر من ملف، وخصوصاً في شأن الخطر الذي بات يشكله الارهاب في سوريا.
كانت ساحة الساعة في حمص شاهداً على الايام الاولى التاريخية للثورة السورية عام 2011، فهل يكون ما تبقى من تلك الساعة شاهدا على تاريخ جديد في هذه الثورة؟
(النهار اللبنانية)