لم يكن الشهيد علاء عودة (30 عاما) الذي استشهد مساء الاثنين برصاص قوات الاحتلال عند حاجز زعترة جنوب نابلس الشهيد الوحيد الذي يقتله جنود الاحتلال خلال أقل من سنة، ففي أواخر العام الماضي قتل جنود الاحتلال المحاضر في جامعة خضوري بشير سامي حبانين (28 عاما)، وفي كلا الحالتين زعم الاحتلال أن الشهيدين استهدفا جنود الاحتلال.
وبحسب إحصائيات منظمة بتسيلم الإسرائيلية للسلام، وصل عدد الحواجز الثابتة المنصوبة في
الضفة الغربية في شهر شباط/ فبراير 2014 إلى 99 حاجزا، من بينها 59 حاجزا داخليا منصوبة في عمق الضفة الغربية، بعيدا عن الخط الأخضر. هذا المعطى يشمل أيضا 17 حاجزا منصوبة في منطقة ما يسمى (H2) في الخليل، التي يوجد فيها نقاط استيطان إسرائيلية؛ يضاف إلى ذلك عدد آخر من الحواجز (الطيارة) –غير الثابتة والمتنقلة والتي تقام بشكل مفاجئ.
سياسة ممنهجة
ويرى مدير المركز
الفلسطيني لحقوق الإنسان في رام الله سميح محسن، أن مسألة الانتهاكات على الحواجز لا تتعلق بزيادة أو نقصان للانتهاكات الإسرائيلية التي تقع عليها بقدر ما تتعلق بوجود سياسة إسرائيلية رسمية باستهداف المدنيين الفلسطينيين على الحواجز العسكرية.
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن حالة استشهاد الشاب علاء عودة على حاجز زعترة تقدم دليلا واضحا على استمرار إسرائيل في هذه السياسة، وما سبقه من استشهاد محاضر جامعي قبل أشهر في ظروف مشابهة على الحاجز المذكور، فهناك سياسة إسرائيلية واضحة في هذا الاتجاه، ويتعلق ذلك بوجود قرار رسمي إسرائيلي باستهداف المدنين الفلسطينيين على الحواجز.
واعتبر الحقوقي الفلسطيني أن هذه الانتهاكات تأتي في إطار الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في جميع المجالات، وهو سياق من سياقات الانتهاكات سواء التي تتعلق بسياقات إطلاق النار والقتل أو استهداف المدنيين في ظروف مختلفة أو استهداف الصيادين في قطاع غزة أو إطلاق النار على العمال والمزارعين في القطاع، في المناطق كلها تأتي في سياق الانتهاكات التي تستهدف الشعب الفلسطيني في جميع المجالات وفي جميع المناطق.
ونوه إلى أن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان طرق باب المؤسسات الحقوقية الدولية من سنوات عدة لملاحقة الاحتلال في جرائمه، واستخدم ما تسمى بالولاية القانونية، حيث رفع العديد من القضايا باسم ضحايا من أجل ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ولكن "الشيء الصادم هو تغيير تلك الدول لبعض القوانين التي توفر الحماية لهؤلاء المجرمين، بمعنى أن تلك الدول تراجعت عن قوانينها المتطورة من أجل توفير الحماية لمجرمي الحرب الإسرائيليين.
نحن نطالب بوضع الحد للانتهاكات والجرائم التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ولكن هناك حالة نفاق من المجتمع الدولي حيال الاحتلال وممارساته".
وبين أن الإشكالية الكبرى التي يواجهها الشعب الفلسطيني بخصوص الجرائم التي يرتكبها الاحتلال مثل جريمة قتل الشاب علاء عودة هي تحيز النظام الدولي وعدم التعامل مع إسرائيل بشكل جاد، من أجل إلزامها بتطبيق القانون الدولي لحقوق الإنسان، بحسب محسن.
انتهاك كرامة الإنسان
ويعتبر حقوقيون أن الحواجز الإسرائيلية تشكل انتهاكا لكرامة الإنسان وتحد من حرية الحركة والعمل للمواطنين، وكابوسا يوميا يلاحق من يمرون خلالها.
واعتبر زكريا السدة من مؤسسة حاخامين لحقوق الإنسان، أن أبرز أشكال الانتهاكات التي يتعرض لها المواطن على الحواجز تتمثل في مس الكرامة الإنسانية حيث لا يوجد مواطن فلسطيني لم يتعرض لهذا الانتهاك، عدا عن حالات الاستهتار التي يتم خلالها إطلاق النار على المدنيين، وانتهاك الحق في العناية والصحة.
وتتعدد أشكال الانتهاكات التي وثقتها المؤسسة، منها: ما يتعلق بالصحة مثل حجز سيارات الإسعاف، وانتهاك التعليم عندما يتم احتجاز طلاب ومنعهم من الذهاب إلى جامعاتهم ومدارسهم، وانتهاك الحق في العمل، وانتهاك حرية حركة التجارة؛ ولاحظت أن وتيرة المعيقات الإسرائيلية على الحواجز ارتفعت بعد الإعلان عن المصالحة.
ويعتبر حاجزا زعترة، وحاجز الحمراء بالأغوار من الحواجز التي شهدت بالأيام الأخيرة انتهاكات عدة بحق المواطنين من تأخير وحجز، عدا عن حالة استشهاد الشاب على زعترة، بحسب حديث السدة لـ"عربي21".
وتعتبر قرية بورين من القرى القريبة من حاجز حوارة، وتعاني بشكل يومي من إجراءات الاحتلال القمعية.
يقول رائد النجار نائب رئيس مجلس بورين: "نحن من القرى التي تعاني الكثير بسبب الحواجز الإسرائيلية وخاصة حاجز حوارة. يتم توقيفنا لساعات طويلة عند الدخول والخروج، إضافة إلى التفتيش والإهانات وإجبار الشباب على خلع الملابس للتفتيش، وانتهاك الخصوصية عند تفتيش حقائب النساء، ونواجه الكثير من الإشكالات في الوصول إلى أعمالنا، وبسبب الحواجز نصل متأخرين عن العمل. بعد حادثة استشهاد الشاب علاء عودة زاد قلق وتخوفات أهالي بورين والقرى المجاورة. الأم الآن عندما يخرج ابنها تخشى أن يعود لها شهيدا كما عاد علاء لذويه".
وناشد النجار عبر صحيفة "عربي21" المؤسسات الحقوقية والدولية وضع حد لمعاناة المواطنين على الحواجز، والوقوف في وجه الانتهاكات الإسرائيلية المتزايدة.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يقطع أوصال الضفة الغربية إلى خمس مناطق من خلال شبكة الحواجز والمعوقات: شمال الضفة (محافظات: جنين ونابلس وطولكرم)، ووسط الضفة (محافظات: سلفيت وقلقيلية ورام الله وجيب أريحا)، وجنوب الضفة الغربية (محافظتا بيت لحم والخليل)؛ الأغوار وشمال البحر الميت (باستثناء جيب أريحا)، وشرقي القدس.
كما أن الاحتلال يمنع الفلسطينيين من المرور في كثير من الطرق، ويحتكر بعضها لمرور المستوطنين.