أكد المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن معظم أفراد الشعب
المصري أصبح متعايشا مع
الفساد، وينظر له على أنه أمر طبيعي لا يستحق التوقف أمامه، سواء المواطنين العاديين، أو كبار المسؤولين الذين يستبيحون حرمة المال العام.
وقال جنينة -في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" الصادرة الأربعاء- إن الجهاز لا يستطيع القيام بدوره على أكمل وجه في ظل انعدام مبدأ سيادة القانون، والاستقلال الكامل للقضاء، وتوافر الحكم الديمقراطي.
وكشف النقاب عن أن أبرز قضايا الفساد التي توصل إليها الجهاز مؤخرا تجاوزات مالية خطيرة وفساد في منظومة أراضي طرح النهر والجزر النيلية، وأيضا تجاوزات في منظومة النقل البحري للركاب التي أدت إلى غرق ركاب العبارة السلام 98، وتجاوزات خاصة بمنظومة قطاع البترول، فضلا عن موضوع الصناديق الخاصة.
وقال: "نسعى لتمكين أعضاء الجهاز من القيام بدورهم على أكمل وجه، لكن ثقافة المجتمع تعودت وتآلفت مع أشكال الفساد، وأصبح الاعتداء على المال العام لا يشكل بالنسبة لهم أي هاجس، وهذا لا ينطبق فقط على المواطنين بل على المسؤولين أيضا الذين يستبيحون المال العام، ويعتبرون أنه لا يجوز لأحد أن يراقبهم".
وأماط اللثام عن أن الجهاز لم يتمكن من إنهاء عمله بوزارة الداخلية، وأن إبراهيم محلب رئيس الوزراء أجرى لقاء معه واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية في مكتبه، بهدف التغلب على المعوقات التي تعوق أعضاء الجهاز من أداء دورهم الرقابي على الوزارة، مشيرا إلى أنه بعد توضيح الأمور من الطرفين وعد الوزير بتمكين أعضاء الجهاز من استكمال عملهم.
المواجهة مع نادي القضاة
وحول المواجهة بينه وبين أحمد الزند رئيس نادي القضاة، قال: "المسألة تتعلق بالمال العام، سواء عندما كنت أعمل قاضيا، وذكرت أن هناك مخالفات بنادي القضاة يجب التحقيق فيها، وبعد أن توليت مسؤولية الجهاز قلت إنه يجب إخضاع جميع الجهات في الدولة للفحص في النواحي المالية، لكنها تحولت إلى إيهام الرأي العام بأنها تدخل في شؤون القضاء، وهذا غير صحيح، فأنا قاض قبل أن أصبح رئيسا للجهاز، والقضية بدأت عندما أدليت بتصريحات فور تولى رئاسة الجهاز تخص أموال نادى القضاة اعتبرها الزند سبا وقذفا، لكنني مصر على كل ما ورد فيها".
وأضاف: "لا أحب شخصنة الأمور، وأنا لست ضد الأشخاص، ولست ممن يخضعون للترهيب، والقول إن أموال نادى القضاة ليست مالا عاما، وإنها من اشتراكات القضاة كلام أجوف، ولدى مستندات تثبت تلقى نادى القضاة أموالا من وزارة العدل، ومن موازنة مجلس القضاء الأعلى، والزند نفسه أقر بأنه تلقى أموالا، وإذا كان ينكر ما أقوله أنا بأن النادي حصل على 8 ملايين جنيه، ويقول إنه حصل على 600 ألف جنيه فقط، فأيا كان المبلغ فهو مال عام لابد من فحصه".
وتابع القول: "أنا متمسك بالرقابة على نادى القضاة، مثلما تمسكنا بحقنا في الرقابة على دور ونوادي القوات المسلحة، ولا أسعى لافتعال صدام لكنى أقوم بواجبي، وإذا كان هناك من يعترض على ذلك فليسع لتغيير القانون لاستثناء نادى القضاة عن باقي النوادي.. لكنني لن أخضع للترهيب أو محاولات التشويه".
الصناديق الخاصة
وحول الصناديق الخاصة، وحجم ما بها من أموال، وما ذهب إليه البعض من أنها تحتوى على أكثر من تريليون جنيه، قال: "لا يوجد حصر دقيق لعدد الصناديق الخاصة أو الأموال المودعة فيها أو مصادر تمويلها، وكل هذه اجتهادات خاطئة، وما تم ذكره في تقارير الجهاز هو ما أمكن كشفه، والوصول له، وهذه الصناديق تحتاج إلى معالجة من الحكومة التي لابد أن تكون جادة في التعامل مع القضية".
وأضاف: "طالبت إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بأن يضع في أولويات الحكومة الجديدة موضوع الصناديق الخاصة لأنها الباب الخلفي لنهب المال العام".
وكشف عن أنه مازال هناك فتح لصناديق جديدة مخالفة، وأن هناك أيضا حسابات يتم فتحها دون قانون أو قرار، بشكل غير قانوني، ودون أي سند من القانون، ولا رقابة لأحد عليها، مؤكدا أنها تفتح خارج البنك المركزي حتى تكون بعيدة عن الأنظار، حسبما قال.
وحول مصير صندوق دعم وتطوير البنوك الذى أنشأه البنك المركزي، قال: "الصندوق تم إنشاؤه تحت مسمى تطوير القطاع المصرفي، ويتم خصم 5% من أرباح البنوك العامة لصالحه، وكانت أمواله تصرف كمكافآت ومزايا بالملايين لبعض قادة القطاع المصرفي الحكومي، فقد تم صرف ما يقرب من 100 مليون جنيه كمكافآت لنحو 73 مستشارا و17 عضو مجلس إدارة، ولم يخضع لأى رقابة منذ إنشائه، وقد تم تصفيته بناء على تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات".
وتابع: "لم نبدأ بفحص الصندوق إلا منذ أشهر قليلة، ويتم فحصه منذ نشأته حتى تصفيته، والأموال التي تم صرفها بطرق غير قانونية أو إهدار سيتم محاسبة المسؤولين عنها".
لا رقابة على الصحف والقنوات
وحول رقابة الجهاز على الصحف والمؤسسات الإعلامية والقنوات الخاصة، قال: "لن تكون هناك رقابة من الجهاز على الصحف الخاصة، لأنها منشأة بأموال خاصة، ولا تتلقى أموالا أو دعما من الدولة، أو تشارك فيها الدولة بمال عام، على عكس الصحف القومية التي تتلقى دعما من خزانة الدولة وتمتلكها".
وأضاف: "كانت هناك مطالب لإخضاع الصحف الخاصة لأن رأس المال أصبح له دور في توجيه الرأي العام، وكبار رجال الأعمال وبعض الدول في الخارج تتحكم في ذلك، وتنفق مبالغ باهظة، وذلك يشكل إضرارا بالأمن القومي، لكن لابد من أن تكون الرقابة على المال المنفق في الإعلام تابعة لجهة في الدولة، وأن تكون الرقابة مالية فقط دون تدخل في السياسات الإعلامية، حتى لا يُفهم أن الغرض من ذلك هو تكميم حرية الرأي والتعبير".
واختتم حواره بقوله: "من الأفضل أن يضع الإعلاميون أنفسهم ميثاق شرف للالتزام بمعايير واضحة".