يتناول الكاتب السعودي
غسان حامد عمر في
كتابه (ماذا حدث للسعوديين؟!) وجوها مختلفة من التغيرات التي طرأت على حياة السعوديين ومن الناحيتين السلبية والايجابية وكان التطور الاجتماعي السلبي هو الغالب.
يروي الكاتب عن أيام مضت سادها دفء في العلاقات بين الناس ونوع من التسامح في علاقاتهم وتميزت بجو من الألفة والتكافل الاجتماعي.
وجاء الكتاب في 269 صفحة متوسطة القطع وبرسم غلاف للفنان التشكيلي المصري حلمي التوني. وقد صدر عن (دار المناهل للطباعة والنشر والتوزيع) في مدينة جدة في المملكة العربية
السعودية.
قال الكاتب في المقدمة "بدأت بذرة هذا الكتاب عام 2008 بعد قراءتي لكتاب الكاتب الكبير جلال امين (ماذا حدث للمصريين؟) فلقد لامست تشابها كبيرا في فصول الكتاب من حياة المصريين مع حياتنا من ناحية التغيرات الاجتماعية..."
أضاف متحدثا عن السعودية "لقد مرّ مواطنو هذه البلاد بمراحل مختلفة ...ولن يلاحظها الا ثلاثة : انسان استيقظ من غيبوبة طويلة او زائر غاب عن البلاد لعقدين او امرؤ لديه بصيرة نافذة. وارجو ان اكون من النوع الاخير."
وأعلن انه بذل كل جهده ليصف المتغيرات التي طرأت على المجتمع السعودي خلال ثلاثة عقود.
وقال إنه تحدث عن أربع فترات أثرت كثيرا في حياة السعوديين أولها سنة 1979 "وكما يعلم الجميع دخلت مجموعة مسلحة المسجد الحرام وروعت مصليه ...وبعد معركة دامت اسابيع فض الحصار وأسر (قائد المجموعة) "جهيمان" وبعض اتباعه في حين قتل البعض الاخر ..واستشهد عشرات الضباط..."
وانتقل الى الحديث عن تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر ايلول سنة 2001 في الولايات المتحدة حيث "قامت مجموعة من الفتيان باختطاف طائرات امريكية في اجواء امريكية مسببة زلزالا هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية."
ثم انتقل الى عام 2006 حيث "انهارت سوق الأسهم السعودية وسط ذهول المراقبين قبل المساهين ملتهمة مدخرات عشرات الالاف من المواطنين.."
وختم بالحديث عن عام 2011 حيث غرقت جدة في السيول بعد عامين من كارثة أكبر طالت المدينة الثانية وتلتها مدن اخرى ...وفي العام نفسه "هرب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من بلاده مدشنا ما اطلق عليه الربيع العربي الذي وان كان لم تبلغ امواجه المملكة العربية السعودية فانها أحدثت حراكا لا يمكن تجاهله في الشارع السعودي."
وتحت عنوان (الضبط الاجتماعي والمثاقفة) وفي مجال الحديث عن المطوعين وتشددهم وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية قال إن كثيرين ممن عاشوا في الرياض قبل أربعين عاما يروون "ان رجال الحسبة كانوا يسيرون في الشوارع لردع ممارسي السلوك الخاطيء وكانوا من كبار السن ويعرفون باسم "النواب".
"وكان كل منهم يحمل عصا خفيفة ينبه الناس لدخول وقت الصلاة دون غلظة ٍولم يكن هؤلاء "النواب" يحكمون على الناس بالشبهة او باطلاق الاحكام المسبقة عليهم.
"أما تعاملهم مع السيدات فلقد كانت السيدات تكشفن عن وجوههن لرؤية البضائع والتحدث للبائع ...والغريب ان السيدات كن يرضعن ابناءهن في السوق امام المارة وكل ذلك على مرأى من رجال الحسبة وقتها..."
وينقل عن مرجع تاريخي للحجاز هو "العم احمد باديب" كيف تميز الحجاز بصفتين : التدين وحب الدنيا فوصف حال بيت من البيوت قائلا "عندما تدخله تجد الناس جلوسا في "الديوان" يستمعون للطرب الاصيل الخالي من الابتذال..."
ويروي قصصا عن التكافل ومساعدة الناس بعضهم بعضا.
وتحت عنوان (أنصاف العلماء) تحدث عن عدم القراءة والاطلاع وعن إصدار الاحكام عن عدم معرفة ونقل عن الكاتب اللبناني سمير عطاالله تسميته هذه الحال باسم "ثقافة الموجزات" وعقلية "لا تقربوا الصلاة."
وتحدث عن طلاب العلم "الفاشلين" أو مشائخ فترة سابقة الذين "شيطنوا البشر من حولهم" ودعا "الأحبة الوسطيين الربانيين ان يتبرأوا من هذه التصرفات علنا كما يفعلون في الأحاديث الجانبية معي ومع غيري ...وعلى العلماء التبرؤ من أنصاف العلماء المتشددين هذه الايام الذين لا هم لهم الا الموت والقبور لا الحياة والاعمار في الارض ..."
وقال إن من "أكبر الاخطاء والاخطار" على المجتمع : التصنيف والاقصاء والتخندق ورمي الاخر وعدم اعطائه حرية ابداء الراي..."
اضاف يقول إن "متدين وملتزم" وزواج اسلامي "كلمات تحفز على تقسيم المجتمع على اساس طبقي لان غير ذلك يعتبر غير اسلامي وغير ملتزم وغير متدين."
وفي مكان آخر تحدث عن بعض جيل الشباب في مرحلة ما وحذر من "السلوكيات الجديدة على البيت السعودي الوسطي كاغلاق صوت التلفاز وقت الموسيقى في حضور الوالدين المدهوشين من تصرفات ابنائهم التي أخذت اسلوب الغلظة التي كاد الا يخلو منزل منها ..كأن يصطدم الولد بابيه ليقطع سلك الطبق اللاقط او ان يدفع والدته بقوة ليفصل قسرا الاغاني ليلة عرس اخته او ضرب الاخت مثلا في حالة وجد ان لديها مجلة نسائية..."
وخلص الى القول "باختصار نزعت الالوان من المجتمع الذي بات يعيش حياة بلونين ..اسود غالبا.. واحيانا ابيض."
وفي فصل آخر تحدث عن خطاب متشدد في بعض الاوساط وقال "إن هذا الخطاب المنتشر يسوّق لثقافة الموت والآخرة ويستعجلها ولا يذكر نصيب الانسان في الدنيا التي يسوّق لها على انها زائلة. وهذا ما سيساء استخدامه لاحقا من قبل الفاسدين الذين كان لسان حالهم ’حسنا.. دعوا الدنيا لنا ولكم الآخرة’."
وتحت عنوان (أزمة فكر ايديولوجيا) قال إننا نجد "للأسف من اذا قلت له شاهدت كذا في البلد الفلاني! قفز عليك مهاجما بردين : إما ان يقول لك ’في هذا بدعة’ او ان يقول غاضبا ’لقد سبقناهم بذلك وهي في ديننا منذ كذا وكذا’.. وكأننا نعيش وحدنا في هذا الكون دون حضارات اخرى سبقتنا...
"إن ازمة الفكر الاسلامي الراهن عند البعض ترفض أي علاقة بالفكر الغربي وما تركته لنا شعوب متلاحقة على مر العصور مطالبة بالاكتفاء بما جاء في كتبنا. وأدت هذه القطيعة المعرفية الى عرقلة معرفية لدى شبابنا وبالتالي لدى المجتمع والامة."