كتب إيان بلاك محرر الشؤون الدولية في صحيفة "الغارديان" معلقا على تضارب المصالح في عمل توني
بلير مبعوث الرباعية للشرق الأوسط ورئيس الوزراء البريطاني السابق.
وقال بلاك إن المسؤولين في الحكومة البريطانية يشعرون بالقلق من نشاطات بلير في المنطقة العربية، ولا يعرفون من يقابل ومن يمثل، وتحدث مسؤول ساخرا "إنه يتحرك بطريقة غامضة"؟
وعاد بلير لعناوين الأخبار بسبب ما يجري في العراق ومحاولته التحلل من المسؤولية من آثار غزو
العراق عام 2003، ما دعا عددا من السفراء والسياسيين المطالبة بتنحيته عن عمله في الرباعية الذي لم يقدم شيئا للعملية السلمية.
ويضاف للجدل حول بلير هو مصالحه التجارية التي تتعارض مع دوره السياسي. ويقول الكاتب إن "الأدلة تتزايد حول توسع مصالحه التجارية في المنطقة المتفجرة".
ويقول الكاتب "أكد مساعدون لرئيس الوزراء السابق أنه يفكر وبجدية فتح مكتب له في أبو ظبي، عاصمة
الإمارات العربية والتي تقف على الخط الأمامي في المعركة ضد الإسلام السياسي. ولكن المتحدثون باسمه نفوا اقتراحات لأحد الاقتصاديين العرب أن هناك تفكيرا بتعيينه مستشارا لسلطنة عمان للمساعدة في خطة تنمية طويلة المدى بعد مشروعه الاستشاري المثير للجدل والذي دفعت له الكويت 27 مليون جنيه استرليني في السنوات الأخيرة".
وأضاف الكاتب "تجمع دبلوماسيون وأعداؤه السياسيون للمطالبة بتنحية بلير كمبعوث للرباعية – الأمم المتحدة، الولايات المتحدة، روسيا والاتحاد الأوروبي- بعد أن حقق القليل في العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ تعيينه قبل 7 أعوام".
ونقل عن أحد الموظفين السابقين في مؤسسة توني بلير التجارية " منظمة بلير تشبه الحكومة بدوائر متعددة تقوم بعمل أشياء مختلفة". وأضاف "يدار مكتبه كما الطريقة التي يدار فيها مقر الحكومة البريطانية (10 داونينغ ستريت)، كما أنه لم يترك الحكومة".
و"يقول مساعدون له إن مكتب أبو ظبي سيستخدم لإدارة مشاريعه في كازخستان ورومانيا، ولكن سيمكنه من الحضور إلى قلب منطقة استراتيجية، فرئيس الوزراء السابق على علاقة وثيقة مع ولي العهد في أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والذي يوصف بأنه مسكون بهاجس محاربة الإسلاميين، وضغط على بريطانيا لانتهاج سياسة قاسية ضد الإخوان المسلمين.
ووقع بلير عقدا في الماضي مع المجموعة السيادية "مبادلة" لتقديم الاستشارة لها. وبالإضافة للإمارات "تنتشر شائعات في لندن والقاهرة أن بلير سيقدم النصح للحكومة المصرية بقيادة عبد الفتاح
السيسي، المشير السابق الذي أطاح بحكومة الرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا والذي لم يحظ بشعبية قبل عام".
و"زار بلير القاهرة مرتين خلال العام الحالي بصفته ممثلا للرباعية، كما وزار مدير مكتبه السابق للاتصالات أليستر كامبل مصر، وأكد أنه "التقى المسؤولين والسياسيين" و كان الهدف "مناقشة الأفكار حول مصر في الإعلام الدولي فيما يتعلق بمظاهر القلق الواضحة".
ويعلق بلاك " أعقب الإطاحة بالرئيس مرسي قتل ما يزيد عن ألف من مؤيدي الإخوان، وأحكام جماعية بالإعدام وانتهاكات حقوق إنسان أخرى وكذلك الحكم بسجن ثلاثة من صحافيي الجزيرة بعد محاكمة فوضوية ومهزلة ولقي الحكم شجبا دوليا".
ويضيف بلاك "تقول مصادر شرق أوسطية أن أي عمل لبلير في مصر سيكون نيابة عن الإمارات العربية التي تدعم مع الكويت والسعودية ماليا وسياسيا السيسي".
وبحسب متحدث باسم بلير "لا بلير ولا منظمته تقوم بعمل أموال في مصر ولا رغبة لدينا لعمل هذا".
ويشير الكاتب لما قام به بلير من إعداد دراسة عن الإخوان المسلمين بالتوازي مع التحقيق المثير للجدل الذي طلبه ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الحالي التحقيق بنشاطات الإخوان في بريطانيا وأيديولوجيتهم، وكلف سفير بريطانيا في السعودية سير جون جينكز. ويقول مساعدو بلير إن الوثيقة هي لاستخدامه الخاص ولـ "مؤسسة توني بلير للإيمان" التي تقوم بإجراء أبحاث حول الشرق الأوسط وقضايا أخرى.
ويعلق الكاتب أن الإمارات العربية المتحدة تدير حملة قوية لتشويه نشاطات الإخوان المسلمين معتمدة على مستشارين يقيمون في لندن. ونقل عن مسؤول إماراتي قوله "نأمل أن لا يساعد أصدقاؤنا أعداءنا" فيما يؤكد الإخوان أنهم جماعة سلمية وملتزمة بالقانون.
وتحدث كاميرون مع بن زايد هذا الأسبوع حول العراق وسوريا ما يذكر بالعلاقة القريبة بين شريكين تجاريين وسياسيين رئيسيين. ويتوقع أن يصل حجم التجارة البريطانية مع الإمارات العربية إلى 12.5 مليار جنيه استرليني بحلول عام 2015، فيما يصل حجم الاستثمارات الإماراتية في بريطانيا إلى 40 مليار دولار.
ويشير الكاتب إلى علاقة أخرى بين أبو ظبي ولندن من خلال جندي مغمور يقدم الاستشارة لبن زايد، اسمه ويل تريكس، وهو ما أثار استغراب الكثيرين في مقر الحكومة البريطانية. وحسب زملاء سابقين له فقد ترك عمله مع المخابرات البريطانية الخارجية – ام اي6 لتقديم الاستشارة لولي العهد.
ويقول بلاك إن "تعليقاته – أي بلير- عن الإخوان المسلمين ودعمه للسيسي كانت أقوى من أية تصريحات صدرت علنيا عن الحكومة البريطانية".
ونقل عن الباحث المتخصص في شؤون الإمارات في جامعة درم ، كريستوفر دافيدسون قوله "يحصل بلير على راتب بسبب تعاقده مع (مبادلة)" و "يجب أن لا يتم اعتباره ممثلا للمصالح الوطنية البريطانية".
ويقول كريس دويل من جمعية التفاهم البريطاني- العربي (كابو) "على توني بلير الاختيار بين دوره كمبعوث للرباعية في منطقة من أخطر مناطق العالم، دوره الإعلامي المستمر في الدعوة للتدخل في العراق وسوريا أو مصالحه التجارية حول العالم بما في ذلك الشرق الأسط، وهذه الأدوار متناقضة وتخلق تضاربا في المصالح".
ويقول دبلوماسي سابق إن مواقف بلير حول الإسلام السياسي ليست سرا "فقد اتخذ مواقف قوية ولم يتسامح مع التطرف الإسلامي، ولم يعد يتحمل المعتدلين الذين لم يتصرفوا (ضده) ولكن أصبح يمينيا متطرفا". و"المشكلة في العراق أنه ربط بين صدام حسين والمتطرفين".
وحتى بعض من يعترفون أنهم يشاركون بلير آراءه حول الإخوان المسلمين يقولون إنه لا يدعو للوسائل القمعية لسحقهم كما حدث في مصر.
ولكن الحديث عن دور له في تقديم النصح للسيسي قد أدى لانتقادات وتكهنات. وبحسب سمير رضوان، وزير المالية المصري السابق "من الواضح أنه مجرب ولديه كمية ضخمة من الاتصالات وهو قادر على تقديم الدعم لأي رؤية تتبناها مصر".
ولكن "توني بلير أحيانا غامض، ولو تخلى عن هذا فسيكون فاعلا، ولا أعرف إن كانت أجندته تسمح له بالخروج من التوتر بين الإخوان المسلمين والحكومة، وسيكون هذا اشكاليا"
"والسيسي نفسه فتح الباب أمام لضم الآخرين. وما يحتاج إليه هو محفز، فهل يمكن لبلير لعب هذا الدور، والمشكلة أن مصداقية بلير متدنية في مصر، ولو أعلنت الحكومة المصرية أن بلير قدم لها النصح فالشارع لن يقبل بهذا نظرا للدور الذي لعبه بلير في العراق".
دليل لمصالح بلير التجارية:
2008 : وقع صفقات مع عدد من الدول الإفريقية لتقديم الاستشارة لها وتضم رواندا، سيراليون وليبريا.
2009: وقع عقدا لتقديم الاستشارة للكويت وأبو ظبي ودبي
2011: وقع عقدا مع كازخستان لتقديم الاستشارة حول الإصلاح السياسي والاقتصادي.
2012: عمل مستشارا لحكومات في أمريكا اللاتينية، كولومبيا والبرازيل.
2013: تعاقد مع منغوليا.
2013: تعاقد مع الحزب الاشتراكي الألباني بعد فوزهم في الانتخابات