أكد رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التشريعية شفيق صرصار ، أن عدد
التونسيين الذين سجلوا أسماءهم للانتخابات المقبلة حتى الاثنين، لم يتجاوز السبعين ألف مواطن، من أصل حوالي خمسة ملايين تونسي لهم حق التصويت.
تصريحات صرصار حول عملية تسجيل الناخبين، تواترت هذا الشهر خاصة في ظل مشهد واضح يصور عزوفا كبيرا لدى التونسيين عن المشاركة بالانتخابات، حيث ستغلق الهيئة أبواب التسجيل يوم 23 تموز/ يوليو الحالي بعد شهر كامل مضى حوالي نصفه ولا تزال نسب الإقبال ضعيفة.
واستبعد رئيس هيئة الانتخابات أن يتم تمديد مدة التسجيل الإداري للناخبين خارج إطار الرزنامة التي سبق ضبطها، ولا تزال مساعي الهيئة العليا المسستقلة للانتخابات حثيثة لدعوة المواطنين التونسيين إلى التسجيل للانتخابات من خلال الإعلان والدعاية على القنوات التونسية والملصقات التي شيدت على اللوحات الإعلانية في الطرقات.
يذكر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ضبطت رزنامة التسجيل للانتخابات التشريعية التي تقرر إجراؤها يوم 26 تشرين أول/ أكتوبر المقبل، حيث تقرر أن يكون يوم 25 من الشهر الجاري آخر موعد لتمديد التسجيل في مكاتب التسجيل ويوم 29 موعدا نهائيا للتسجيل، إضافة إلى أنها أقرت يوم 28 من الشهر الجاري آخر أجل لصدور أمر لدعوة الناخبين للاقتراع من طرف رئيس الجمهورية.
هذا وقد استأثر ملف
عزوف المواطنين عن عملية التسجيل باهتمام بالغ على الساحة الإعلامية والسياسية، حيث اعتبر قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري أن هذا الأمر مرجعه بالأساس "اهتزاز ثقة المواطنين في الطبقة السياسية"، مؤكدا أن ضعف الإقبال لا يعد اتهاما بالتقصير في حق هيئة الانتخابات.
أما فيما يخص النخبة السياسية، فقد استرعى انتباهها هذا العزوف مقارنة بانتخابات 23 تشرين أول/ أكتوبر 2011، التي كانت أول انتخابات إبان الثورة التونسية. وقد عبر عدد من السياسيين عن تنامي تخوفهم من أن يكون ضعف الإقبال على التسجيل استعدادا للاستحقاق الانتخابي المقبل إشارة لمقاطعة الانتخابات.
وفي رصد لآراء عدد من المواطنين، أكدوا لـ "عربي21" أنهم غير مهتمين بالانتخابات القادمة معللين أن الإدلاء بالأصوات فرصة للمواطنين، ليس فقط في اختيار نوابهم وإنما في الإسهام في جزء من قوانين المنظومة الاقتصادية والاجتماعية التي نادت بها أصوات الثائرين على نظام المخلوع بن علي.
واعتبر المواطنون أن السياسات الاقتصادية سبق إقرارها من طرف صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، وسيكون لها تأثير على المستوى السياسي و الاجتماعي للبلاد، خاصة في ظل غلاء المعيشة المتزايد وضعف سيطرة الحكومات المتعاقبة على ظاهرة الإرهاب، التي أودت بحياة العديد من جنود الوطن، على حد تعبيرهم.
البعض الآخر من المواطنين عبر عن عزمه على المشاركة الفعلية من خلال انتخابات 2014 مبرزا إصراره على حث الآخرين للإسهام في تقرير مصير البلاد، خاصة وأن هذه الانتخابات تتيح ولاية لمدة خمس سنوات، أي ما يجعلها فرصة لتوطيد الاستقرار في تونس ومزيد تركيز السياسات الاقتصادية و الاجتماعية، على حد قولهم.
بعد انتخابات 2011 البرلمانية التي كانت بداية المرحلة السياسية لفترة ما بعد الثورة، تعد سنة 2014 سنة
الانتخابات التشريعية والرئاسية التي تعتبرها النخبة السياسية مرحلة جديدة في تاريخ استقرار تونس أمنيا واقتصاديا.
فهل تنجح الطبقة السياسية ومكونات المجتمع التونسي في تجاوز عثرات مسارها من خلال أصوات مواطنيها وإسهامهم في العملية الانتخابية، لإنجاح آخر مراحلها الانتقالية بغية تركيز دولة الجمهورية الثانية؟