تستمر رحلة نزوح آلاف المدنيين بين بلدات ريف دمشق الغربي هربا من وطأة الحرب المشتعلة في بلداتهم ليستقر بهم الحال في بلدة "
زاكية" التي باتت تعيش أوضاعا مأساوية إثر الاكتظاظ السكاني الشديد فيها مؤخرا.
لم تكن هذه البلدة الصغيرة الواقعة على بعد 30 كم من العاصمة دمشق تحوي هذا العدد من اللاجئين إلا أن الحملة العسكرية الأخيرة التي شنتها قوات النظام السوري على بلدات "الثورة “و"عين البيضا “و"الطيبة" القريبة منها كانت بداية رحلة نزوح جديدة للكثير منهم بعد نزوحهم الأول لتلك البلدات أساسا.
حيث ارتفع معدل عدد سكان المدينة ليتجاوز الخمسين ألف نسمة حسب توثيق المكتب الإغاثي في البلدة يعيش معظمهم في ظروف صعبة إذ يتخذ أغلب اللاجئين في المدينة من المدراس والمحال التجارية والمباني العامة التي تفتقر للكثير من المقومات مأوى لهم.
لذا فقد واجه الناشطون والطاقم الإغاثي في المنطقة صعوبات كبيرة في تأمين المتطلبات الأساسية للاجئين في المدينة ومما زاد الأمر سوءا منع قوات النظام منظمة الهلال الأحمر من توصيل المعونات والمساعدات الإغاثية للمحتاجين في عموم مناطق الريف الغربي بالرغم من وجود مئات العائلات التي تعجز بشكل كامل عن تأمين لقمة غذائها التي ستفطر عليها في شهر رمضان.
تتحدث "نور" إحدى اللاجئات إلى "زاكية" مؤخرا والتي تسكن حاليا مع أطفالها وعائلة أخرى في أحد الصفوف في مدرسة تم تحويلها مؤخرا لمركز إيواء في محاولة لاستيعاب عائلات اللاجئين الوافدة إلى المدينة " قدمنا من عين البيضا إثر الاشتباكات المتواصلة وبهذا أكون قد جربت النزوح للمرة الثالثة بعد هروبي من مدينة داريا إلى عين السودا فعين البيضا والان في زاكية ".
فيما أضافت "يحاول القائمون هنا على تأمين الأساسيات قدر الإمكان ورغم ذلك فالوضع يسوء مع ازدياد أعداد الوافدين وخاصة من النساء والأطفال"، أما عن وضعهم الحالي داخل المدرسة؛ فقد بينت أن كل عائلتين أو أكثر يقطنون في أحد الصفوف في الوقت الذي يؤمن فيه القائمون في كل صف بضع "اسفنجات" يستعملها القاطنون للنوم والجلوس معا ناهيك عن الانقطاع المستمر للكهرباء الذي يزيد من معناتهم وسط الأعداد الكبيرة في الأماكن المغلقة.
وأردفت "أما الصغار فلم يجدوا متنفسا لأوجاعهم سوى باحة المدرسة التي اتخذوها ملعبا لهم رغم الحر الشديد وخواء بطونهم" فالوجبات التي تقدم وسط قلة الإمكانيات المتاحة لا تكاد تسد رمقهم حسب تعبيرها.
اتهام النظام السوري بعرقلة إدخال المساعدات للغوطة الغربية لم يأتيمن قبل الناشطين السورين فحسب؛ وإنما من منظمات دولية أيضا أبرزها الأمم المتحدة، حيث صرحت مسؤولة الشؤون الإنسانية بالمنظمة الدولية "فاليري آموس" قبل عدة أيام، في تقرير قدمته خلال الاجتماع الشهري لمجلس الأمن الدولي، أن آلاف السوريين يموتون شهريا في هجمات عشوائية أو محددة الأهداف، مشيرة إلى وجود نحو خمسة ملايين سوري يعيشون في مناطق يصعب إيصال المساعدات اللازمة إليها .
فيما أعرب مدير مكتب عمليات الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "جون غينغ" في وقت سابق عن شعوره "بالإحباط".
من العقبات التي تواجه عمليات تقديم
المساعدات الإنسانية في
سوريا, حيث أوضح أن النظام السوري يتبنى استراتيجية تعتمد على منع وصول الرعاية الطبية اللازمة إلى المصابين عبر إزالة كل ما يمكن استخدامه في العلاج من قوافل المساعدات واصفا هذه الأعمال بـ"غير المقبولة والبغيضة".
وفي السياق ذاته أكد أن الأزمة الإنسانية في سوريا تفاقمت بسبب الحرب الدائرة مع وجود 2.8 مليون لاجئ في الدول المجاورة وتشرد 6.5 ملايين آخرين داخل سوريا.