يعاني السوريون من موضوع انتهاء مدة صلاحية
جوازات السفر، والتي يقوم النظام على تجديدها في فروع الهجرة والجوازات في الداخل وفي السفارات والقنصليات المنتشرة في مختلف دول العالم، إلا أنه لا يجدد جوازات السفر لمعارضيه مطلقا، وغالباً ما يقتصر التجديد عبر اللصاقة الخاصة بذلك للنساء فقط، وخاصة خارج
سوريا في مكاتب البعثات الدبلوماسية والقنصليات والسفارات.
وحرم أكثر من 60% من السوريين من الحصول على
وثائق رسمية صادرة عن النظام، حيث يمنع النظام عنهم هذه الوثائق بسبب معارضتهم لرأس النظام السوري بشار الأسد.
ونتج عن ذلك نشوء مهنة جديدة بين بعض الشباب السوريين، حيث تم إتقانها بنسبة عالية جدا وبدأت تدر على أولئك الشباب الأموال، فالجوازات تجدد لمدة عامين أو أربعة أعوام حسب ما ترى الجهة التي تمنح التجديد، ويكون ذلك بلصاقة لها رقم محدد مسجلة لدى مكاتب الهجرة والجوازات لدى النظام، وبعد محاولات عديدة نجح البعض في
تزوير هذه اللصاقة التي تحتوي على طابع لايزري بداخلها وعدة أمور مميزة أخرى وبدأوا العمل عليها.
واستطاعت هذه المهنة الجديدة أن تحل الكثير من العقبات أمام السوريين الذين لم تستطع مؤسسات المعارضة حتى اليوم استصدار وثائق معترف بها لهم، ولم تتمكن لا الحكومة المؤقتة ولا الائتلاف من تأمين الوثائق التي يعترف بها في باقي الدولة وحتى العربية منها، فالمهنة الجديدة نشأت نتيجة حاجة وضرورة.
فيما تتفاوت الأسعار من مزور إلى آخر حسب الجودة، ووصلت كلفة تجديد بعض الجوازات لدى المزورين المحترفين إلى سبعمائة دولار، وفي هذه الحالة تحصل على تجديد مضمون الصلاحية لأن الأختام فقط هي المزورة، أما اللصاقة فقد هربها بعض موظفي النظام خارج البلاد، وقاموا ببيعها لأولئك المزورين، وبالنتيجة سواء بكلفة عالية أو منخفضة يتحقق المطلوب، وهو تجديد الجواز.
ويرى بعض "المزورين" أن عملهم هذا عمل جيد، وفيه خدمة للمواطن السوري، ويقول أبو صطيف أحد المزورين المتمركزين في إحدى المناطق الحدودية من سوريا لـ"عربي 21": "أنا أقدم خدمة هامة لأبناء البلد، دون أن يتعرضوا للمذلة والإهانات أمام فروع الهجرة والجوازات التابعة للنظام، صحيح أنني أحصل على مبلغ من المال لقاء ذلك، لكنني أيضا أدفع الكثير لأحصل على اللصاقة، فمعظم اللصاقات المزورة تم كشفها بعد فترة من استعمالها، ولم تعد صالحة مطلقا، إلا أنني أحصل على اللصاقة من موظفين لدى النظام يسرقون كميات بسيطة من أماكن عملهم ويبيعونا إياها".
ويضيف أبو صطيف: "لا أستغل الناس كما يقولون بشكل عام عن المزورين، وأحصل على مبالغ بسيطة خاصة من الفقراء و(المعترين) أمثالي، أنا أرى عملي عملاً إنسانياً حلالاً لا يضر أحد بل يخدم الناس، وأنجزت أنا ما عجز الائتلاف عن إنجازه".
لكن يظهر مؤخرا أن البعض تمادى وبدأ يصدر شهادات جامعية أو ثانوية ليبيعها، وأحيانا تكون دقة التزوير عالية، بحيث تقبل بها بعض الجهات لاسيما بعد قيام المزور بتزوير كل الأختام والتصديقات اللازمة.
من جهته يقول الشيخ أحمد لـ"عربي 21": "لا أرى في موضوع تجديد جوازات السفر تجاوزا شرعيا في ظل الظرف الراهن، فهل هناك حل أمام السوري المهجر من بلاده غير هذه الطريقة ليتمكن من التنقل والسفر، إنه مجبر على ذلك وبحمد الله أنه وجد مزورا يحل له مشكلته، أما بالنسبة للمزور عليه أن يتقي الله وأن تكون نيته الحقيقية خدمة الناس، حتى ولو حصل على مبالغ من المال ليعيش من هذه المهنة، لكن استغلال الناس هو المحرم، ومطالبة المضطر بأرقام خيالية هي الخطأ الكبير، وهذا بالنسبة للجوازات".
ويتابع الشيخ أحمد: "بالنسبة للشهادات العلمية فهذا حرام حتما، لاسيما أن بعض من يحصلون على شهادات مزيفة يحصلون على وظائف من خلالها، ويحرمون أصحاب الشهادات الحقيقية منها، ثم إن هنالك مهن تشكل خطورة كبيرة عندما تقدم شهادة لشخص لا يتقنها، فالمحاسبة أو الطب أو الهندسة، إن تزوير الشهادات العلمية جريمة واضحة، وتضر كل حملة الشهادات من السوريين لأن ذلك لا بد أن يكشف، ومن ثم لن تعترف أي دولة حتى بالشهادة الحقيقية، لشكها أن تكون مزورة".
وفي حديثه لـ"عربي 21" قال غسان الذي اضطر لدفع خمسمائة دولار من قوت أطفاله ليجدد جواز سفره، ملقيا اللوم على الدول التي تعتبر نفسها صديقة للشعب السوري، قال: "أنا لا ألوم الائتلاف والحكومة المؤقتة، فهم غير قادرين على فعل شيء، وما الفائدة من أن يصدروا جوازات سفر مثلا ولا تعترف الدول بها، إن من يسمون أنفسهم أصدقاء سوريا، والذين فاق عددهم المائة ليسوا بأصدقاء مطلقا، فماذا قدموا للشعب السوري؟".