وجّه عبد الحميد درويش سكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في
سوريا، نداءً عاجلاً للأحزاب والقوى الكرديّة والكردستانيّة إلى عقد لقاء تشاوري مشترك، يهدف إلى إيقاف "الكارثة التي تهدد الكرد" على حد وصفه.
وقال درويش في بيانٍ حصلت "عربي 21" على نسخةٍ منه إنه "بعد أكثر من ثلاث سنوات من عمر الثورة السورية التي رفعت شعارات الحرية والديمقراطية والكرامة لأبناء سوريا، انخرط الشعب الكردي منذ البداية في صفوفها، ورأى في إنجاحها إسقاطاً للاستبداد والدكتاتورية التي مورست بحق السوريين خلال عقود عديدة بعد سيطرة حزب البعث العنصري على مقاليد السلطة في سوريا".
وتابع "والآن بعد أن تغيرت العديد من المسارات السياسية والعسكرية - أصبحت سوريا مهددة بالإسقاط كدولة وأصبح الخطر يداهم البلد بشكلٍ كامل بعد انتشار الكتائب المسلحة المتطرفة على مختلف ألوانها في عموم البلاد، ناهيك عن تدخل دول عديدة على الصعيدين الإقليمي والدولي في الشأن السوري حتى انتزاع زمام المبادرة منه، كما أن المناطق الكردية بدورها أصبحت عرضة لهجمات المتطرفين كتنظيم "
داعش" وغيرها، وفي مثل هذه الأوضاع يتحتم علينا نحن الأحزاب الكردية والكردستانية، لقاءً تشاورياً عاجلاً وجاداً لتحليل وتفسير ما يجري في سوريا والمناطق الكردية على وجه الخصوص".
وقال في بيانه: "ومن هنا أناشدكم جميعاً ومن منطلق الحرص على مصالح شعبنا لتلبية ندائنا الوطني هذا، آملاً أن يلقى لديكم الدعم والاستعداد لهذا اللقاء التاريخي والهام لخدمة لشعبكم الكردي في سوريا".
وفي حديث خاص لـ"عربي 21" قال القيادي فؤاد عليكو عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكردي في سوريا إنَّ "نداء عبد الحميد درويش هو تعبير حقيقي عما آل إليه وضع شعبنا الكردي اليوم، وإذا استمر هذا التشرذم وهذا الاستفراد باتخاذ القرارات المصيرية من قبل حزب الاتحاد الديمقراطي الـ (PYD)، فإننا حقيقة نتجه الى كارثة أقلها إفراغ الكرد من مناطقهم التاريخية وتشتيتهم في المجهول، عدا أن المناطق الكردية تتعرض في الوقت نفسه لهجمات شرسة من قبل القوى التكفيرية، “داعش” وأخواتها، والتي تقدم على القتل الممنهج والدمار على مرأى ومسمع النظام السوري، إضافة الى الحصار الاقتصادي الخانق الذي يعانيه الشعب الكردي من جميع الجهات".
وأضاف عليكو: "التمني شيء والواقع الممكن شيء آخر لأسباب عدة، منها أن حزب الاتحاد الديمقراطي الـ (PYD) لم يقتنع بعد بمبدأ الشراكة الحقيقية مع المجلس الوطني الكردي، وهو غير قادر على العمل به، وقد ضرب عرض الحائط كل الاتفاقات المبرمة بينهما، لا بل استغلها أبشع استغلال لخدمة أجنداته الحزبية".
وأوضح أن الحزب لا يريد التعامل إلا "مع المصّفقين لسياسته لا أكثر، كما أن التباين في الطرح السياسي والحقوق القومية مسألة أخرى لا تقل تعقيداً وأهمية عن سابقتها، لأن حزب الاتحاد الديمقراطي تخلى عن المشروع القومي وتبنى نظرية الأمة الديمقراطية، وهي صورة منسوخة عن الأممية الشيوعية ولا تتعدى رؤيتها للحقوق القومية عن ممارسة الحقوق الثقافية في أفضل تطبيقاته، ولا أعتقد أن الحركة الكردية جاهزة لتتنازل وتقبل بمثل هذا الطرح اليوم، كما أن حزب الاتحاد الديمقراطي غير قادر على التخلي عن هذه النظرية التي تعتبر الحجر الأساس الذي بنى عليه زعيم الحزب الأم (حزب العمال
الكردستاني الـ pkk) رؤيته للحل السياسي في تركيا".
وأشار إلى أنه "في الواقع المعقد ليس من السهل الوصول إلى تفاهمات ترضي الطرفين، وقد كانت اتفاقية هولير المبرمة بين مجلس شعب غربي كردستان والمجلس الوطني الكردي في سوريا عام 2012، أفضل صيغة توافقية بينهما، ومن المؤمل الآن بعد هذا النداء، أن يلعب الحزب الديمقراطي الكردستاني-سوريا، وحزب العمال الكردستان (PKK) دوراً إيجابيا لإنقاذ الوضع وتصحيح مسار الحركة الكردية وذلك بالعودة إلى اتفاقية "هولير" بما يخدم مصلحة الشعب الكردي في سوريا، ودون مثل هذه التفاهمات لا معنى لأي مؤتمر".
أما ميدانياً فقد توقف القصف المدفعي من قبل قوات النظام السوري على مدينة الحسكة، شمال شرق سوريا ليلة أمس بعد محاولة تنظيم الدولة الدخول إلى عدّة أحياء منها، في حين تتصدى له وحدات "حماية الشعب الـ (YPG)" في حيي غويران والعزيزية، بعد سيطرتها على عدّة مراكز حكوميّة بالتزامن مع نزوح أغلب العائلات من الآشوريّة والكلدانية إلى مدينة القامشلي تجنباً لأي تصعيد آخر، حسب ما أكد نشطاء لـ"عربي 21".
وأشاروا إلى أنه لا صحة للأنباء التي تفيد بهجرة مسيحيي الحسكة، لاسيما أن الخدمات شبه معدومة في المدينة، وتعاني من استمرار انقطاع التيار الكهربائي والمياه، ونقص الأدوية الطبية وأغذية الأطفال والمواد التموينية، مما أدى إلى نزوح البعض منهم إلى مدينة القامشلي ملء إرادتهم.
هذا وتضاربت الأنباء حول سيطرة وحدات حماية الشعب على كامل مدينة الحسكة بعد انسحاب محافظ الحسكة إلى القامشلي، حيث يرى مراقبون أن العرض العسكري الذي تم في المدينة قبل يومين من قبل وحدات حماية الشعب كان تمهيداً لضم مدينة الحسكة إلى مقاطعة الجزيرة التي يقودها الشيخ دهام العاصي الجربا والسيدة هدية يوسف، وفقاً للإدارة الذاتية المدنية التي أعلن عنها حزب الاتحاد الديمقراطي الـ (PYD) وذلك بالتعاون مع أحزاب كردية أخرى في أواخر عام 2013.
من جهتهم أفاد ناشطون من داخل مدينة الحسكة لـ "عربي 21"، إن مجلس شعب غربي كردستان التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي الـ (PYD) دعا صباح اليوم إلى عقد اجتماعٍ طارئ مع المجلس المحلي في مدينة الحسكة والتابع للمجلس الوطني الكردي في سوريا، وذلك للبحث في آخر التطورات العسكرية والسياسية في المدينة، إلا إنها إلى هذه اللحظة لم تنشر أي بيان فيما يخص ذلك.