لم يكن أمام الرئيس الأمريكي أي خيار ولكن التدخل في
العراق وتنفيذ غارات جوية ضد مواقع الدولة الإسلامية –
داعش، هذا ما تقوله صحيفة "
الغارديان" البريطانية فقد هرب اليزيديون والمسيحيون من ديارهم، فيما تتعرض مناطق الأكراد بما فيها عاصمتهم أربيل للخطر.
"وبعيدا عن المخاطر البعيدة المدى على مستقبل العراق كله، فالولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان مسؤولية إنسانية تجاه الأقليات ودينا عليهما دفعه للأكراد".
ورغم كل هذه الواجبات فلا يعني أن التدخل الغربي في العراق "سيكون سهلا أو سيترك أثرا، لأنه يأتي بعد سنوات من الفشل الذريع لمحاولة الولايات المتحدة وحلفاءها إعادة تشكيل العراق مما يشير مرة أخرى إلى الأثر الكارثي للجهل والعقم الذي طبع جهود التحالف في ذلك البلد".
ومشكلة التدخل الأمريكي أنها تأتي في وقت يعيش فيه العراق أوضاعا ملتهبة في كل جزء منه.
فالنزاع ليس بين العراق وداعش ولكن تنافسا من أبعاد ثلاثة بين أقاليم العراق الثلاث، حيث يشهد كل جزء منها تنافسا آخر في داخله.
وأكثر مناطق التنافس في الشمال بين داعش والقبائل السنية، ولكن الجنوب العراقي الذي يقطن فيه الشيعة أيضا منقسم، حيث شهدت بغداد مناورات ومناورات مضادة بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والمعين حيدر العبادي، كما تعاني منطقة الحكم الذاتي الكردية من انقسامات طويلة بين الأحزاب السياسية والعائلات البارزة التي لم يتم تجاوزها، وتظل الوحدة بين البيشمركة، القوات العسكرية اسمية وتعكس الانقسامات الداخلية.
وتقول الصحيفة "أن قصة نجاح منطقة الأكراد مقارنة مع بقية أجزاء العراق أدى إلى تجاوز النظر للكثير من ملامح ضعفها حيث تعتمد على النفط وتعاني من الفساد، فيما يعتمد الكثير من السكان على رواتب الحكومة إضافة لقوة عمل أجنبية تقوم بالأعمال اليدوية والخبرات.
كما أن التضخم في التوظيف داخل دوائر الحكومة يمتد إلى القوات المسلحة الضخمة والمسلحة تسليحا خفيفا ولا تنسق إلا في الحد الأدنى بين وحداتها" وتقول " الجيوش المحترفة لا تخسر ذخائرها بعد سلسلة من المواجهات كما حدث لبعض الوحدات الكردية".
وترى الصحيفة أن "الولايات المتحدة تعود مرة أخرى ولكن مترددة للعراق وأوباما محق عندما يتحدث بلغة حذرة واصفا أهداف العملية. ونقاده الجمهوريون على خطأ عندما يطالبون بتوسيع مجال الغارات الجوية التي ستؤدي لسقوط ضحايا بين المدنيين السنة في الشمال، وسيكون لها أثر مضاد وتقوي جانب داعش.
وفي الوقت نفسه يطالب النواب البريطانيون رئيس الوزراء استخدام سلاح الجو الملكي والمشاركة في القصف إضافة للعمليات الإنسانية ويدعون لعودة البرلمان من عطلته الصيفية ومناقشة الوضع وهم أيضا مخطئون. فعلينا أن لا نتظاهر بالأهمية أكثر مما نبدو".
وتحذر الصحيفة من أن الخطة قد لا تسير كما رسمها
أوباما لأسباب "أولا، فلا يوجد ضمان لتحقيق الغارات الأمريكية والأسلحة التي قالت إنها ستزود الأكراد بها التوازن العسكري بين داعش والبيشمركة، وحالة تحقق هذا فستعزز مطالب الأكراد بالاستقلال أو أي شي آخر، وحتى لو استطاع الأكراد حماية مناطقهم فهذا لا يعني بالضرورة أن لديهم القدرة والاستعداد لمواجهة داعش في المناطق العربية".
و"ثانيا لا توجد ضمانات لقيام الحكومة التشاركية في بغداد التي يرغب الأمريكيون والإيرانيون بقيامها أو أنها ستكون قادرة على شن هجمات قوية ضد داعش.
فسيظل المالكي شخصية سياسية مهمة سواء بقي رئيسا للوزراء أم ذهب لشخص آخر، فحكومة تعاني من تنافس بين الفصائل الشيعية فلن تستطيع الوصول للسنة في شمال العراق الذين إما يدعمون داعش أو ينتظرون".
وفي النهاية تقول "الغارديان" "أمريكا محقة بالتدخل ولكنها محقة هذه المرة في نظرتها لصعوبة تحقيق تدخل على أمل أن يأتي العراقيون بحل لمشاكلهم المتعددة هذا إن استطاعوا".