على مدار أكثر من عام أخفقت جهود مصر الدؤوبة في الخارج بدعم عدد من دول
الخليج في الترويج إلى أن جماعة
الإخوان المسلمين تقوم بأنشطة "إرهابية"، ويجب إدراجها على قوائم "الإرهاب".
وكانت آخر تلك الإخفاقات تأجيل تقرير الحكومة البريطانية الذي أعده سفيرها في السعودية، والذي خلص إلى أنه لا ينبغي تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وأنه لم يجد دليلا يذكر على أن أعضاءها ضالعون في أنشطة "إرهابية".
وقالت جماعة الإخوان حينها، إنها ستتعاون مع المراجعة البريطانية رغم أنها أبدت قلقها من تولي السفير جون جنكينز الإشراف على هذه المراجعة.
وفي الوقت الذي يسعى فيه النظام الانقلابي في مصر لتوجيه ضربات لجماعة الإخوان، يتلقى هو ضربات أشد قوة من قبل المنظمات الإنسانية والحقوقية، ولعل كان آخرها تقرير "هيومن رايتس ووتش" في الذكرى الأولى لفض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" الدموي.
فوبيا الإخوان تغلق كل أفق الاستقرار السياسي في مصر
قال نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام وعضو جبهة الإنقاذ السابق وحيد عبد المجيد، في تصريح خاص لـ"عربي 21": " يجب وضع حد لفوبيا الإخوان التي تجتاح الإعلاميين والسياسيين، المشكلة لم تعد في الإخوان، وإنما في إعادة بناء البلاد"، على حد قوله.
وأضاف أن تلك المراجعة هي "
تحقيق روتيني"، وأن منظمات وجمعيات الإخوان تعمل هناك وفق القانون، و"المطلع على الوضع في
بريطانيا يدرك جيدا أن الحكومة لن تكتشف في تلك المراجعات أي نتائج، وليس لها أي علاقة بنشاط الإخوان خارج حدودها".
وتضاف إلى تلك الضربة، أخرى سابقة لها عندما قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية في حزيران/ يونيو الماضي، إبان زيارة جون كيري للقاهرة، إن واشنطن لا تعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين تشكل تهديدا أمنيا لمصر، ولم تصلها أي معلومات عن وجود صلة مثبتة بينها وبين الجماعات الإرهابية.
وأضاف أن واشنطن طلبت من مصر اطلاعها على الأدلة "لكن لم نتلق شيئا حتى الآن".
وتابع المسؤول: "نعتقد أن الحكومة المصرية تحتاج بالمعنى العام إلى أن يكون لديها منهج سياسي شامل، ما يعني أنها بحاجة إلى إشراك الإخوان المسلمين وإيجاد سبل للتواصل معهم".
قرارات سياسية في خدمة العقود والصفقات الاقتصادية
هناك علاقة وطيدة بين القرارات السياسية والمصالح الاقتصادية، حيث تتخذ العديد من القرارات السياسية لدوافع اقتصادية بحتة تتمثل في توقيع عقود وصفقات ووعود باستثمارات مغرية، وليس أدل على ذلك من مناسبة العشاء الفاخر في القاهرة على شرف مجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني الزائرين في حزيران/ يونيو الماضي، وفيها قدم الملياردير المصري محمد فريد خميس قطب صناعة السجاد صاحب الدعوة لضيوفه طعاما شهيا، وعرض عليهم فيلما مصورا مليئا باللقطات الدموية لشرح الأخطار التي تعتقد السلطات أن الإخوان يمثلونها على مصر.
ولتوقيت دعوة النواب البريطانيين مغزاه، فبريطانيا كانت تجري في ذلك الوقت مراجعة لأنشطة الإخوان المسلمين.
وسئل خميس عن سبب استضافته الساسة البريطانيين للمرة الثانية خلال ستة أشهر، فأكد أن المراجعة البريطانية تمثل عاملا وراء هذه الدعوة.
وبدوره قال عضو الهيئة العليا لحزب الدستور، أحمد دراج، لـ"عربي 21" إن "من كان ينتظر صدور قرار بريطاني باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، فهو واهم، فتلك البلاد استقبلت تلك الجماعات منذ عشرات السنين قبل أن يعودوا إليها مرة أخرى بعد أن خرجوا من الحكم"، مشيرا إلى أنهم تربطهم بالساسة البريطانيين علاقات قوية، على حد قوله.
وأضاف دراج: "يجب الربط بين الجماعات الإرهابية في بريطانيا واستثمارتها هناك، واستثمارات تلك الدولة في هؤلاء الأشخاص من أجل تنفيذ أجندتهم الخاصة".
الخصومات الثأرية في عالم السياسة تضر بوضع البلد السياسي
في السياق ذاته، قال الفقيه القانوني، وعضو مجموع البحوث الإسلامية، أحمد كمال أبو المجد: "إن مثل تلك الدعوات ضد جماعات الإخوان لا تخدم الصالح العام للبلاد، فخلق أجواء التخوين يعطل الاستقرار، ويجب أن يظل باب التصالح مفتوحا، وتقديم تنازلات، وعدم إغلاق قنوات الاتصال بين الطرفين".
وانتقد أبو المجد حملات التخوين التي طالت الجميع، مشيرا إلى أن الخصومات الثأرية في عالم السياسة تضر بوضع البلد السياسي، مطالبا العقلاء بتجنب الخطاب التصعيدي والجلوس للحوار.
ويرى بعض المراقبين أن كل محاولات النظام في مصر من أجل استئصال شأفة الإخوان، هي محاولات يائسة، وستبوء بالفشل، وسيكون ضررها أكبر من نفعها بسبب الرسائل السلبية التي تحملها للخارج، سواء على سبيل الحريات وحقوق الإنسان والعلاقات الثنائية، أو التبادل التجاري والاستثمار.