تساءل الكاتب الصحفي روبرت فيسك عن موقف الرئيس الأمريكي باراك
أوباما، من تهديد تنظيم الدولة الإسلامية (
داعش) بقتل صحفي أمريكي ثان بعد إعدامها
جيمس فولي الذي اختطفته في
سوريا منذ عام 2012، فهل ترمش عينه؟
وقال فيسك في مقاله بصحيفة "إندبندنت": "كلنا يعرف وحشية داعش، لكننا لا نعرف عنه إلا القليل"، رغم أن الحكومات وطوال القرون الماضية أخبرت جنودها وشعوبها أن "اعرف عدوك" وأهمية هذه المعرفة. ولكن مشكلة أوباما الكبيرة مع "الخلافة"، بعد مقتل جيمس فولي "أننا لا نعرف شيئا عنها"، أي الخلافة، و"أُخبرنا عن ذبحها للناس وقسوتها واختطافها للنساء ودفنها لأعدائها أحياء، وشراستها مع المسيحيين واليزيديين، وقطع الرؤوس في الساحات العامة. ولكن هذا كل ما نعرفه، وحتى زعيمها أبو بكر البغدادي قدم لنا على أنه مزيج بين مهدي السودان الذي أعدم غوردون في الخرطوم، وأسامة بن لادن الذي اغتيل وأوليفر كرومويل الذي فعل لسكان دورغيدا ما فعله المسلم اللورد الحامي البغدادي بأعدائه".
ويضيف أن "الطريقة التي
ذبح فيها فولي كافية لتثبيط عزيمة أي صحفي مغامر يتوق لمقابلة أبي بكر البغدادي، فلا يوجد في الشرق الأوسط شخص لا يمكن للصحافة الوصول إليه، ونحن جاهلون ولا نعرف عن هذه الدولة الإسلامية في العراق والشام.. أرض مظلمة لا نرى منها سوى أفلام الفيديو المصورة على الهواتف النقالة، حيث يقوم أوباما وكاميرون وهاموند بصك أسنانهم على هذا العدو الذي لا يمكن وصفه، ولا يوجد ما يمكن الحديث عنه".
ويقول إنه "مع ذلك تعرف الدولة الإسلامية كيف تواجه أوباما بشيء، واحد وهو مشكلة الرهائن، وهو نفس المأزق الذي واجهه توني بلير مع كين بيغلي الذي ظهر في شريط فيديو. فإن تجاهلت التحذيرات فهذا يعني أنك لا تهتم بحياة مواطنيك عندما تقوم بعمليات عسكرية – وهذه هي الحقيقة- أو أن تكون بطلبك المساعدة من جيمي كارتر، راضخا لرغبات عدوك".
"والآن يرى أوباما صحفيا أمريكيا ثانيا مهددا بقطع رأسه، فهل ترمش عينه؟ لا يستطيع.. هل بإمكانه؟".
ويتوقع فيسك أن يقوم أوباما وكاميرون بمواصلة ما يتقنان عمله، وأعلنا أن "مقتل فولي لا يكشف إلا عن بشاعة داعش، ومن هنا تبرز أهمية مواصلة الغارات عليها حتى يتم تدميرها. بعبارات أخرى استغل الفعل السادي الذي قام به داعش لتبرير استمرار الغارات الجوية، فالسبب الرئيس للغارات كان حماية الإيزيديين ومنع تهجير المسيحيين ومنع داعش من تهديد الأكراد، والآن لدينا سبب آخر لمواصلة الغارات على (خلافة) البغدادي".
ويرى فيسك أن حادثة مقتل فولي بهذه الطريقة البشعة "كانت أمرا مخيفا للصحفيين، فقبل 30 عاما كان العرب يعترفون بفضلنا، ومع مرور الوقت وقيام الأمريكيين والجيش الإسرائيلي والمتمردين العراقيين، أصبحنا عرضة للخطر أكثر. وعندما قام صديقنا الحميم الحميم عبد الفتاح السيسي بسجن الصحفيين لأشهر طويلة، لم يهتم الغرب كثيرا بمصيرهم. وعندما لا يهتم أسيادنا بمصير الناس، فهل نفاجأ باستعداد داعش لقتلهم؟ نحن بالتأكيد لا نعدم الصحفيين ولكن هذا لا يهم لأن داعش سيهتم أكثر".
ويقول فيسك إن الغرب سيواجه حقيقتين حول وحشية البغدادي وخلافته السخيفة: فهؤلاء الجلادون – أو من سبقوهم – بدأوا حياتهم العملية كقتلة للمقاومة المعادية لأمريكا في العراق. ورغم أعمالهم المقرفة إلا أن السنة لم يهربوا من مناطق الخلافة خوفا على حياتهم، وهذا واقع غير مريح. ويتساءل عن السبب الذي منعهم من الهرب، ويقول: "دعونا نعود للوراء للأشهر والأعوام التي أعقبت الغزو الأنجلو – أمريكي للعراق، فقد أظهر المتمردون قدرة غير عادية على ممارسة القسوة ضد رهائنهم، وعرض علي فيديو في الفلوجة مرة عن رجل يقوم بحز رقبة آخر ملثم.. هذا ما أطلق الغزو العنان له". والحقيقة الثانية، أن داعش يخيف فقط الغربيين، خاصة أن السنة ظلوا في مناطقهم، وهل هذا يتعلق بالتطورات السياسية وجلب السنة للعملية السياسية بعد رحيل المالكي كطريقة لهزيمة البغدادي؟
ويختم بأنه "في أسبوعه الأخير عبر أسامه بن لادن عن قرفه من الهجمات الطائفية التي يرتكبها الإسلاميون. بل وتلقى ترجمة من اليمن لمقالي في الإندبندنت الذي وصفت فيه القاعدة (أكبر تنظيم طائفي في العالم) فيما مضى من الأيام، وعلى الأقل لم أخش على حياتي عندما قابلت بن لادن".