بعد سيطرة مقاتلي الدولة الإسلامية في
العراق والشام -
داعش- على مطار "الطبقة" العسكري قرب الرقة السورية، قام داعش ببث شريط فيديو لـ250 شخصا شبه عراة وهم في الصحراء، قال إنهم من جنود النظام السوري.
هذه الصور وإن كانت صادمة، إلا أنها ليست جديدة على المشاهد الذي يراقب أشرطة فيديو الدولة الإسلامية، لكن ما هو مثير للخوف والرهبة للرئيس الأمريكي باراك أوباما وقادة الدول الغربية هو سيطرة داعش على أسلحة روسية متقدمة، منها
الصواريخ المضادة للطائرات "أس إي- 24 غرينتش" (مانبادس) المحمولة على الكتف.
وهذا
السلاح ظلت المعارضة السورية المسلحة التي توصف بالمعتدلة تطلبه من الولايات المتحدة والدول الغربية. وأخيرا حصل عليه داعش بالإضافة لأسلحة أمريكية متقدمة غنمها المقاتلون من مخازن القواعد العراقية، التي سقطت بأيديهم في الموصل وتكريت ودول أخرى، بما فيها دبابات وعربات همفي ومصفحات وعدد من دبابات أم1 أم1 "أبرامز" التي تستخدم في المعارك. ورغم كل هذا فالقدرات العسكرية لداعش في مجال الأسلحة المضادة للطائرات لا تزال تعتمد على ما لديه من سلاح قديم.
وفي تقرير لكيم سنينغوبتا، مراسل صحيفة "إندبندنت" عن قدرات داعش العسكرية قال فيه إن التنظيم المتشدد يملك أسلحة سوفييتية وبولندية وبلغارية وصواريخ زيد يو 23-2 المضادة للطائرات، وصواريخ ذات المدى القصير أف أم 92 ستينغر المحمولة على الكتف "مانبادس"، واستخدم مقاتلو داعش الرشاشات الثقيلة جي أس أتش س ضد مروحيات الجيش السوري التي يقل عددها بشكل متزايد، مع أنها لا تفيد في استهداف الطائرات التي تحلق على مستوى عال.
لكن هذه القوة عززت بالحصول على صواريخ محمولة على الكتف -مانبادس- صينية الصنع من نوع "أف أن -6" والتي تستطيع ضرب طائرة تحلق على مستوى 11 الف قدم و"أس إي -16 مانبادس" التي يمكنها استهداف طائرة تحلق على مستوى 16 الف قدم، والتي حصل نظام بشار الأسد على كميات كبيرة منها.
ولكن أهم ما حصل عليه داعش هو سلاح "أس إي-24" المعدل وذا التقنية العالية والسهل الاستخدام، وبحسب مواصفات صناعته فقد "صمم للاستخدام ضد أهداف واضحة مثل مقاتلات ومروحيات وطائرات بدون طيار، وصواريخ كروز. ويتميز بالفعالية والمدى الواسع ويمكنه إصابة الهدف أثناء الليل".
ولا يعرف عدد صواريخ أرض-جو التي حصلت عليها داعش لكنها تتراوح ما بين 250-400 صاروخ حسب بعض التقارير، لكن بعض المحللين العسكريين يعتقدون أن الرقم قد يكون أعلى، خاصة أن نظام الأسد كان يملك 20 الف صاروخ من هذا النوع قبل بداية الانتفاضة عام 2011.
وفي الحرب الأهلية تبادلت عدة فصائل السيطرة على مخازن أسلحة النظام، فجبهة النصرة التي كانت متحالفة مع داعش حتى وقت قريب وتعتبر فرع القاعدة في
سوريا لديها ترسانة من الأسلحة المتقدمة.
وفي وقت يبحث فيه أوباما خياراته بشأن داعش في سوريا يحذر محللون عسكريون من مخاطر إرسال طائرات فوقها، وينقل الكاتب عن إريك تومبسون من مركز البحث البحري في فرجينيا قوله "تحليق طائرات فوق سوريا يختلف عن تحليقها فوق العراق، فهناك نظام دفاع جوي متقدم وبعضه وقع في يد داعش".
وأضاف روبرت إيمرسون المحلل الدفاعي البريطاني: "تعتبر أس إي-24 وأس إي -16 وأف أن – 6 أسلحة متقدمة. صحيح أن بعض الأسلحة لها مدة استخدام قصيرة، لكن المقاتلين في سوريا أظهروا قدرتهم على تطوير هذه البطاريات والأسلحة التي مضى وقت استخدامها، وكما اكتشفنا فقد أظهر داعش قدرة على التكيف والتعلم".
وحصلت المعارضة السورية على أسلحة بمال خليجي تم شراؤها من دول حلف وارسو القديم، وهي ليست أقل من 3 آلاف طن حيث تم نقلها من كرواتيا لسوريا عبر الأردن.
ولم تقدم السعودية هي وقطر التي مولت معظم الشحنات صواريخ مضادة للطائرات بناء على طلب أمريكي. ولكن تقارير غير مؤكدة قالت إن السعودية عرضت تزويد المعارضة السورية بصواريخ مانبادس صينية الصنع.
وكان التلفزيون الرسمي الصيني قد بث خبرا عن تحطم مروحية ضربت بصاروخ "أف أن-6" ولكن الخبر لم يتحدث من أين جاء الصاروخ ومن أطلقه. ومعظم الصواريخ المضادة للطائرات المعروضة في السوق السوداء إما روسية أو أوروبية الصنع.
وكانت سلطة الطيران الفدرالية الأمريكية قد أصدرت بيانا قبل عشرة أيام حذرت فيه الطائرات الأمريكية من التحليق في الأجواء السورية، وجاء فيه أن "المتطرفين مسلحون بعدد من الأسلحة المضادة للطائرات، والتي تملك القدرة على تهديد الطائرات المدنية. واستطاعت جماعات المعارضة السورية بنجاح إسقاط طائرات عسكرية سورية بهذه الأسلحة".
وأوقفت السلطات الروسية كل الرحلات فوق سوريا بعد تعرض طائرة مدنية كانت في طريقها لمصر لصاروخ ولكنها تجنبته بنجاح.
وفي الحرب الأهلية السورية خسر النظام السوري مروحيات قتالية والتي سقط عدد كبير منها لكن المقاتلات الحربية تم استهدافها أيضا.
وبحسب الضابط أيمن وليد نزار الذي كان يعمل في سلاح الجو السوري قبل انشقاقه ويعيش اليوم في تركيا: "لم تكن المعارضة قادرة على إسقاط عدد كبير من الطائرات، ولكن هناك حالات كثيرة عن ضرب صواريخ مقاتلات، وكانت الحكومة تقول لنا إنهم يتلقون مساعدة من مرتزقة، وفي الحقيقة كانت قدراتهم على استخدام الصواريخ تتحسن".
ويقول "نعرف أن الحكومة كانت تحصل على معدات مضادة للطائرات، ولم يكن هذا سرا، لكننا لم نكن نعرف التفاصيل، ويمكن استخدامها ضد أمريكا إن ضربت سوريا، ولكنها قد تقع في المستقبل بيد داعش".
وبحسب ديفيد أرون ميللر، الذي عمل مستشارا لستة رؤوساء أمريكيين، والذي قال معلقا على خطط أوباما لتوسيع الضربة العسكرية كي تشمل سوريا: "في العراق كان لدينا عدد من الميزات تجعل من الغارات الجوية عملا مفيدا، بما فيها قوات كردية يعول عليها، وجيش عراقي دربته الولايات المتحدة، وفي سوريا لا شيء لدينا من هذا".
و"لأن الولايات المتحدة لا يمكنها الوقوف على الجانب وانتظار النتائج فهي ستعمل ما يمكن عمله: البحث عن طريق وسط، فسيتم توسيع مجال المعركة، وسيتم شن غارات جوية على سوريا، هل تشير لغياب الاستراتيجية؟ هل هي وصفة لمهمة زاحفة؟ نعم ونعم ولكن تفجير حفنة من الأشرار يشعرك بالراحة، وسواء قبلت هذا أو لم تقبل فسيحدث" يقول ميللر.