دفع
الصحفيون في أعقاب
ثورة يناير، في
مصر ثمنا باهظا من دمهم وحريتهم منذ عرفوا صحافة الميدان، وقرروا النزول إلى الشارع لتغطية المظاهرات والمسيرات والفعاليات التي باتت تجري في الشوارع سواء بالحشد لها أو التعاطف معها.
وكان الفاعل واحدا في كل مرة، وهو الطرف الذي لا يريد للحقيقة أن تظهر، مستغلا حالة الفوضى التي تعتري مثل تلك الأحداث، خاصة إذا صاحبها عنف متبادل بين المتظاهرين وقوات الأمن، إلا أن العديد من تلك الفعاليات نجحت في تنظيم نفسها بامتياز، رغم كثرة المشاركين فيها بسبب غياب عناصر الشرطة عن الحضور في محيطها، والتوافق حول أهدافها بين المنظمين.
وأعلنت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن 11 صحفيا قتلوا في مصر منذ 28 كانون الثاني/يناير 2011، الذي سمي بجمعة الغضب، حيث بلغت الاحتجاجات الشعبية ذروتها ضد الرئيس الأسبق حسني مبارك حتى شهر آذار/ مارس الماضي، ولم تتم معاقبة الجناة. وأصدرت الشبكة كتيبا، تحت عنوان "شهداء الصحافة في مصر منذ ثورة يناير والإفلات من العقاب".
وقال الناشط الحقوقي، ومدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان لـ "عربي 21" في تصريح: "التقرير الذي أصدرته الشبكة يشمل جميع الصحفيين سواء المحترفين أو الهواة، والمقيدين وغير المقيدين بنقابة الصحفيين، مشيرا إلى أن عملهم يتعلق بكل ما يمس الصحفيين والكتاب ومتظاهري الرأي بهدف حماية الحقوق، وتوثيق الحالات".
مصر تحتل مركزا متقدما في سلم استهداف الصحفيين
وتحتل مصر مركزا متقدما في سلم استهداف الصحفيين الذي زادت وتيرته في أعقاب عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، بداية من أحداث الحرس الجمهوري حيث قتل الصحفي أحمد عاصم بجريدة الحرية والعدالة مرورا بفض اعتصامي رابعة العدوية ونهضة مصر الشهيرين والذي شكل فضهما جرائم ضد الإنسانية بحسب تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان، بسبب المنهجية في القتل ونطاقها الواسع والأدلة التي تشير على أنها كانت عمليات موسعة ضمن سياسة ممنهجة لمهاجمة الأشخاص العُزل.
وفي أعقاب الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي أشارت لجنة حماية الصحفيين في نيويورك إلى تواصل الاعتقالات في صفوف الصحفيين المصريين والأجانب والإعلاميين بالتوازي مع استهداف مكاتب المؤسسات الإعلامية ومصادرة أجهزتها بحجج مختلفة، بينها نشر أخبار زائفة أو العمل دون ترخيص.
سياسة الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين تعيق العدالة
وقال مدير الشبكة العربية عن توقيت صدور هذا التقرير بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات لـ "عربي 21": "لا يوجد سبب محدد للتوقيت، ويأتي نشر الكتيب بعد الانتهاء من توثيق جميع الحالات التي تم رصدها، والتي استغرقت وقتا طويلا بسبب كثرة الأحداث المتلاحقة".
وعن الأدلة التي استعانت بها الشبكة في تقريرها قال جمال عيد: "اعتمدنا في توثيق جميع الحالات على اللقاءات، وشهادة الشهود، وملفات القضايا، مشيرا إلى سياسة الإفلات من العقاب كانت ما يميز كل تلك الحالات باستثناء حالتين هما قضية الصحفية ميادة أشرف إبان حكم الرئيس المؤقت عدلي منصور، والأخرى قضية الصحفي حسين أبو ضيف فيما عرف بأحداث الاتحادية إبان حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي.
ويمثل اعتقال بعض الصحفيين منهم أجانب، جانبا مظلما آخر منذ أحداث الثالث من تموز/ يوليو عام 2013 بسبب قيامهم بتغطية عمليات الاعتداء على المتظاهرين أو المعتصمين من أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي من قبل رجال الشرطة والجيش، ويقبع بعضهم في السجون، ومنهم من صدر بحقه أحكام بالسجن أثارت ردود فعل دولية سياسية وحقوقية غاضبة طالبت في مجملها بضرورة الإفراج عنهم وعدم تسيس القضاء.
الانتهاكات ضد السجناء تبدأ من لحظة الاعتقال
وقال رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي المحامي محمد ذارع قال في تصريح لـ "عربي 21": "تصلنا شكاوى بوجود انتهاكات ضد السجناء تتعلق بالتعذيب، وسوء المعاملة، والمشاكل الصحية، والاكتظاظ بمراكز الاحتجاز ويتم إبلاغ النيابة العامة للتحقيق فيها" .
وأشار ذارع إلى أن بعض التحقيقات لا يصلون فيها إلى نتائج، ما ينعكس بالسلب على حقوق السجناء، وقال إن بعض الحالات التي يثبت فيها حدوث معاملة سيئة تبدأ من لحظة الاعتقال مرورا بمراكز الشرطة، وأماكن الاحتجاز التي يعاني بعضها من تكدس، انتهاء بإقامة ما يعرف بحفلات الاستقبال لبعض السجناء في السجون.
وبحسب الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان فإن الكتيب وثيقة، تسلط الضوء على ظاهرة لم تكن معروفة في مصر، وهي قتل الصحفيين، مصحوبة بظاهرة الإفلات من العقاب المترسخة في مصر منذ عهد الدكتاتور المخلوع حسني مبارك وحتى اليوم".