"دوي سيارات الإسعاف لا يكاد يتوقف، ورشقات الرصاص المتقطعة التي تستعجل فتح طريق سياراتهم تسمع في مختلف الأوقات، بالإضافة إلى انتشار لعناصر الأمن المدججة بسلاحها الكامل والخوذ بشكل مكثف كما لم نعهد من قبل"، بهذه الكلمات يصف "محمد" واقع مدينته
دمشق التي تشهد في الأيام الأخيرة استنفارا أمنيا عاليا، تزامنا مع تقدم قوات
المعارضة السورية باتجاه العاصمة من جهتها الشرقية، والتي تشهد بدورها معارك عنيفة في جبهات جوبر والدخانية وعين ترما.
ويبين محمد في حديثه لـ"عربي 21"، أن قوات النظام قامت بنشر العديد من الحواجز العسكرية الإضافية في مناطق متفرقة من العاصمة خاصة في الأحياء القريبة من الجبهات المشتعلة، في الوقت الذي تستنفر فيه قوات الأمن والعناصر الموجودة على الحواجز بشكل كامل.
ويتابع "القصف الجنوني والغارات المتتالية التي تسمع أصواتها بوضوح في أكثر من منطقة داخل دمشق دفعت أغلب سكان مناطق الدخانية والكباس اواقعة على أطراف المدينة لترك منازلهم، في حين تشهد مناطق دويلعة وجرمانا نزوحا جزئيا لبعض سكانها باتجاه العاصمة، رغم تطمينات النظام المستمرة لسكان المناطق بإحكام سيطرته على الوضع".
من جهة أخرى، أوضح ناشطون ميدانيون، أن قوات النظام لجأت لتجنيد جميع الشباب المسجلة أسمائهم لدى كتائب البعث، وتم تزويدهم بالسلاح الكامل ونشرهم في دوريات امنية تجوب شوارع وحارات العاصمة، بالرغم من صغر سنهم وعدم خضوعهم لدورات تدريبية، حيث أن أغلب العناصر المدربة من كتائب البعث تقاتل على خطوط الجبهات على جانب قوات النظام وميليشيات الدفاع الوطني.
أما بلدات غوطة دمشق الشرقية، فإن تقدم كتائب المعارضة عبر سيطرتها الكاملة على منطقة الدخانية كان سببا أساسيا في ظهور ملامح الفرح على وجوه الناس بالرغم من الحصار الخانق وسوء الأوضاع المعيشية فهذا الأمر دفع بالعديد من المدنيين بالالتحاق بصفوف كتائب المعارضة.
وأوضح "خالد" وهو مقاتل في صفوف القوى العاملة في المنطقة في حديث لـ"عربي 21"، أن "أخبار تقدم المعارضة على مشارف دمشق هي السبب الأبرز لتطوع العديد من الشبان مؤخرا، فالعديد من المدنيين الشباب قد عمدوا إلى تجميع أنفسهم في مجموعات والالتحاق بالجبهات رغم قلة خبرتهم"، مبينا أنه "حتى في بعض الجبهات الهادئة نسبيا قام بعض المقاتلون بالالتحاق بالجبهات المشتعلة، في حين تولى آخرون مهمة تسهيل انضمام معارفهم من الشباب الراغبين في التطوع".
ويبين أن "الجميع هنا يأمل بفتح معركة دمشق والقضاء على النظام حتى المدنيين الذين دفعهم القصف المتواصل وصعوبة تأمين المعيشة إلى التذمر سابقا باتوا يؤيدون العمليات العسكرية الأخيرة بحبور واضح رغم القصف المتواصل من قبل قوات النظام"، فبحسب رأيهم "نصبر على المر هنا في سبيل تحقيق نتائج ملموسة والقضاء على النظام وانهاء المعاناة الإنسانية في المنطقة".
وحول توقعاته، أوضح خالد "معنوياتي مرتفعة جدا والحمد لله، فالنظام قد استغرق خمسة أشهر لإحكام سيطرته على المليحة وقدم في سبيل ذلك أكثر من خمسة الاف شخص بين قتيل ومصاب، في الوقت الذي استطعنا فيه تحرير مساحة جغرافية تساوي أضعاف مساحة المليحة بيومين فقط وبخسائر قيلة".
يشار إلى أن القيادة الموحدة في الغوطة الشرقية والمسؤولة عن غرفة عمليات المعركة الحالية شرق دمشق فرضت تعتيما إعلاميا شديدا على مجريات وتفاصيل المعركة ما زاد من تخبط قوات النظام والمؤيدين له، بالرغم من التطمينات التي قدمها محافظ ريف دمشق للمدنيين في جرمانا والرسائل النصية التي وصلت لسكان دمشق وخاصة للأحياء الشرقية.
وجاء في نص تلك الرسائل "إلى الأخوة المواطنين ما يرد عن هجوم المجموعات الإرهابية المسلحة على منطقة دويلعة-كشكول- الكباس- وماحولها عار عن الصحة ويزيلها بـالجيش العربي السوري".