فنون منوعة

"هما" و"هي" و"هو".. 3 أفلام أمريكية لحكاية واحدة

المخرج الأمريكي نيد بينسون كتب وأخرج الأفلام الثلاثة - أرشيفية
المخرج الأمريكي نيد بينسون كتب وأخرج الأفلام الثلاثة - أرشيفية
إنس حكاية النهايات الاختيارية التي باتت تقدمها بعض الأفلام السينمائية على أقراص "الدي ف يدي"، فقد أصبحت هذه موضة قديمة، إنس أيضا التحدي الذي يقدمه بعض السينمائيين حين يحكون في أفلامهم حكاية واحدة بأكثر من رواية أو من خلال أكثر من منظور، كان أشهرهم المخرج الياباني الشهير أكيرا كوروساوا في فيلمه الشهير راشامون.

نحن الآن أمام تحدٍ سينمائي جديد يقدم فيه مخرج سينمائي ثلاثة أفلام تحكي عن مسار قصة حب من بدايتها إلى تصاعدها وتكللها بالزواج وصولا إلى فشلها وانفصال الحبيبين عن بعضهما لتتقطع بهما سُبُل الحياة، مخصصا فيلما كاملا لرواية قصة الحب من وجهة نظر الحبيب، وفيلما ثانيا لرواية القصة من وجهة نظر الحبيبة، في حين يقدم الفيلم الثالث قصة الحبيبين قبل أن ينفصلا، تاركا لكل فرد من الجمهور أن ينحاز لوجهة النظر التي يرغب فيها.

المثير للاهتمام أن هذا التحدي يحمل عبئه مخرج يقدم لأول مرة على تجربة إخراج الأفلام الطويلة، هو المخرج الأمريكي نيد بينسون الذي كتب وأخرج الأفلام الثلاثة التي ستحمل عنوانا واحدا يجمعها هو "اختفاء إيليانور رجبي" (The Disappearance of Eleanor Rigby) ، لكن الفيلم الأول الذي خرج إلى دور العرض قبل أيام حاملا عنوان (هما)، في حين يحمل الفيلم الثاني عنوان (هو)، والفيلم الثالث عنوان (هي).

وسيعرض الاثنان في شهر تشرين الأول/ أكتوبر معا، لكي يكون من حق الجمهور أن يتبنى مسبقا وجهة نظر الحبيب أو الحبيبة بعد أن أخذ فكرة مسبقة عن قصة الحب في الفيلم التمهيدي الذي سيعرض خلال أيام.

الطريف أن هذه الفكرة البراقة لم تكن متعمدة منذ البداية، بل جاءت بالصدفة البحتة، بعد أن أنهى صانع العمل نيد بينسون كتابة سيناريو تدور فكرته عن نهاية قصة حب عاصفة، وعرضه على صديقته السابقة النجمة الصاعدة جيسيكا شستاين التي لمع نجمها بعد سلسلة من الأدوار السينمائية المهمة كان على رأسها دورها في فيلم (زيرو دارك ثيرتي) والذي يحكي قصة قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وهو الدور الذي رشحت عنه لجائزة أوسكار أحسن ممثلة قبل عامين.

 قرأت جيسيكا الدور وبرغم إعجابها بالسيناريو إلا أنها وجدت أنه لا يقدم الكثير عن شخصية الحبيبة، وهو ما تعودت عليه في الكثير من أفلام "هوليود" التي تكتب الشخصيات النسائية فيها من وجهة نظر ذكورية بحتة.

وبرغم أنها كانت ترتبط بعلاقة عاطفية سابقة بالمخرج إلا أنها لم تتحرج من قول رأيها له بصراحة، ولأن ما قالته له من ملاحظات وأسئلة كان قوي التأثير عليه، فقد اختار ألا يعيد كتابة السيناريو، بل قرر بمفرده كتابة نسخة ثانية كاملة من السيناريو يروي الحكاية من وجهة نظر الحبيبة، وهو ما تحمست له جيسيكا التي قررت مساندة التجربة واستجابت لاقتراح المخرج بأن يتم تصوير الفيلمين معا.

ووجد الاثنان نجما يشاركهما الحماس هو جيمس ماكفوي الذي لعب دور الزوج الحبيب، وفريقا من الممثلين المتميزين يضم إيزابيل هوبير وفيولا ديفيز وويليام هارت وبيل هايدر وغيرهم من الممثلين الثانويين الذين يجسدون قصة الحب التي اتخذت من شوارع حي "إيست فيلاج" الشهير في مدينة نيويورك مسرحا سينمائيا لها.

جيسيكا ستاين وجدت في التجربة فرصتها المثلى لاستعراض طاقاتها الفنية كاملة، فالشخصية التي تلعبها تقدم حالات فنية مختلفة من الامتلاء بالحب الذي يجعلها متوهجة إلى الاكتئاب الذي يجعلها متوقفة عن الحياة بعد الانفصال إلى محاولات استعادة حياتها التي تفشل حينا وتنجح حينا.

ورغم أن هناك أصدقاء لها حذروها من دخول التجربة، لأن عودتها للعمل مع حبيبها السابق يمكن أن تكون لها آثار نفسية سلبية، لكنها وضعت كل مشاعرها الشخصية جانبا، وقررت أن تتعامل بأريحية ومودة مع المخرج الشاب الذي لم تنس كيف شاهدت فيلما قصيرا له في إحدى المهرجانات قبل سنوات، وذهبت إليه وهي لا تزال ممثلة صاعدة وطلبت منه أن يضعها في حسبانه في مشروعاته القادمة، دون أن تدري أن ذلك سيكون سببا في دخولهما في علاقة عاطفية عاصفة يقسم المخرج أنها لم تكن قصة الحب التي يحكيها الفيلم مؤكدا أنه كتب النسخة الأولى من سيناريو الفيلم قبل أن يقعا في الحب.

شركة الأخوين "وينستين" الشهيرة بدعم التجارب الفنية المتميزة ـمنذ أن كانت شركتهما تحمل اسم ميراماكس الشهيرـ تلقفت الفكرة، وأضافت إليها باقتراح عمل نسخة ثالثة من الفيلم يقدم الحبيبين قبل انفصالهما، على أن يعرض أولا، لكي يكون حافزا للجمهور لكي يشاهد الفيلمين التاليين الذين يرويان قصة الانفصال بوجهتي نظر مختلفتين فضلا عن تقديم كل فيلم للمسار الذي سيسير فيه الاثنان بعد انفصالهما، وهي فكرة ذكية تسويقيا دون شك، لكن أثرها الفني لن يمكن تبينه إلا بعد مشاهدة الأفلام الثلاثة، ليحكم كل مشاهد ليس على القصة التي رويت أفضل وأقنعته أكثر، بل على مصير تجربة كهذه وما إذا كان راغبا في مشاهدتها في أفلام سينمائية أخرى، إذ لربما أدى نجاحها إن كان ساحقا إلى جعلها عادة سينمائية حميدة، وربما أصبحت هي الأصل بعد ذلك، من يدري؟.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم