ما يزال الغموض يلف تصريحات المسؤولين الأميركيين حول طبيعة وشكل ونوايا التنظيم الجهادي "
خراسان"، الذي ظهر فجأة في
سوريا، وكان الهدف الأول للغارات الأميركية عليها.
ويقول سبنسر إكرمان، مراسل صحيفة "الغارديان" في أميركا إن المسؤولين الأميركيين ناقضوا أنفسهم في تصريحاتهم حول "خراسان"، بعد ثلاثة أيام من الهجوم غير المتوقع على موقع في حلب لضرب جماعة مجهولة لم يسمع بها أحد.
فبعد ساعات من تدمير صواريخ تومهوك قال الجيش الأميركي إن هذا التنظيم "يخطط لهجمات وشيكة" ضد أهداف غربية. ومع ذلك فليس من الواضح أن هذا التنظيم متورط في عمليات تخطيط متقدمة ولا يعرف إن كانت الولايات المتحدة هي الهدف الرئيس لخططه هذه، كما أوردت الصحيفة.
وقال المسؤولون، ورفض عدد منهم ذكر اسمه، إن الولايات المتحدة تحركت بناء على معلومات استخباراتية موثوقة، لكنهم رفضوا تقديم تفاصيل حتى لا تؤثر تصريحاتهم على مجمل العملية العسكرية.
وكان بن رودس، نائب مدير الأمن القومي الأميركي قد تحدث للصحافيين يوم الثلاثاء، أي مباشرة بعد الضربات الجوية، قائلا إن تنظيم "خراسان" متورط في "التخطيط لعمليات كانت تحت الإعداد في سوريا"، لكنه رفض التوضيح إن كان التهديد حتميا أم لا، بحسب الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن مسؤول آخر، بعد يوم من الهجمات، قوله إن "تنظيم (خراسان) كان يقترب من المرحلة النهائية لتنفيذ الهجوم على أوروبا والتراب الوطني" أي الولايات المتحدة.
وكان مسؤولون قد أخبروا الصحيفة قبل ساعات من الهجوم بأنه "لا توجد إشارات على وجود تهديد محتوم على البلاد من التنظيم".
وتشير الصحيفة إلى رفض الأدميرال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، أسئلة حول طبيعة التخطيط، وإن كانت عمليات التنظيم نضجت أم لا، قائلا "إنها كانت في المراحل الأخيرة من التخطيط ضد أهداف غربية".
وأضاف كيربي "لا أعتقد أننا نستطيع تحديد هذا في يوم أو أسبوع أو شهر ولا حتى بعد ستة أشهر، هل هذا يهم؟ فمن الأحسن ان تكون إلى يسار الدوي بدلا من اليمين"، مستخدما مصطلحا في الجيش عن فترة التحضير للهجوم قبل وبعد.
لكن نيد برايس، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، قال للصحيفة إن الهجمات على "خراسان"، "لم تكن تدابير وقائية".
وترى ماري إلين أوكونيل الباحثة في القانون الدولي بجامعة نوتردام أن حتمية الهجمات لها تداعيات "فالأساس القانوني للهجوم على (خراسان) سوريا يثير التساؤل والشك أكثر من الهجوم على (
داعش)". ولاحظت أن وزارة العدل استخدمت مصطلح "قريب" لوصف الهجمات التي "قد تحدث في المستقبل والتي لا تعطي معنى قانونيا مثل استخدام كلمة "وشيك" في ظل القانون الدولي"، وفق "الغارديان".
وأورد التقرير قول نائب ديمقراطي وعضو في لجنة الاستخبارات في الكونغرس إن "تنظيم (خراسان) كان يخطط لتنفيذ هجمات على طائرات مدنية، بعد أن ارتبط بطريقة معينة في تنظيم القاعدة في اليمن، الذي حاول أكثر من مرة دون نجاح استهداف الطائرات المدنية المتجهة للولايات المتحدة".
ونقلت الصحيفة عن آدم شيف، النائب عن ولاية كاليفورنيا، في حديث مع شبكة "أم أس أن بي سي"، "تم إعلامنا قبل أشهر حول تهديد محدد من (خراسان)"، مضيفا أنه "تعاون مع صانعي المتفجرات في تنظيم اليمن، مما يشكل تهديدا مباشرا على الطائرة وعلى بلادنا".
وأكد شيف إن "التهديد المباشر على بلادنا لا ينبع من (داعش) الذي أعلن الرئيس اوباما هجماته عليه بداية شهر آب/أغسطس، ولكن من جماعات مثل (خراسان)".
وأوضح كيربي للصحيفة إنه حتى لو انتقل التنظيم هذا إلى مرحلة الاستهداف، فليست لدى الولايات المتحدة معرفة عن الدولة التي ستكون الهدف. "لا نعرف إن كان الهدف في أوروبا أو التراب الوطني الأميركي، ولكننا نعرف أنهم كانوا يقتربون من شن الهجمات".
وتعتقد "الغارديان" أنه لا يعرف إن كانت الهجمات قد حققت هدفها أم لا، أي بتدمير قيادته أو بإضعاف قدراته على شن الهجمات. وكان المتحدث باسم القيادة المركزية مارك بلاكينغتون قد أكد أن التقييم مستمر فيما إذا تم القضاء على التهديد أم لا.
ولم يتأكد بعد إن تم القضاء على محسن الفضلي الكويتي، الذي قالت الولايات المتحدة إنه وصل إلى سوريا العام الماضي، واتصل بخلايا القاعدة. وكان الفضلي، الذي يوصف بأنه احد مساعدي أسامة بن لادن، قد هرب إلى
إيران بعد الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001، بحسب الصحيفة.
ويرى روبرت ماكفادين، العميل الخاص السابق في خدمات التحقيق الإجرامية التابعة للبحرية الأميركية أن العملية ربما تركت صدمة قوية حتى لو لم تؤد لقتل القادة الرئيسيين.
وتورد "الغارديان" أن "خراسان" هو اسم على ما يبدو نحتته المخابرات الأميركية لوصف مجموعة من قيادي القاعدة، ممن كانوا أعضاء في مجلس شورى "خراسان" في إيران، حيث كانوا يشرفون على نقل المال والسلاح من إيران إلى الباكستان، حسب تسريبات سي أي إيه.
ويختم التقرير بأنه لا يعرف كيف خرج الفضلي من إيران، وطريقة تعامل السلطات الإيرانية معه ومع قيادات القاعدة، التي فرت لهذا البلد، حيث أكدت الحكومة الإيرانية أنها وضعتهم تحت الإقامة الجبرية.