خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للموضوع السوري، وقالت فيها إن الرئيس السوري بشار
الأسد ليس حليفا في الحرب ضد "
داعش". فمهما كانت مخاطر الجهاديين على
الغرب إلا أنه يجب مقاومة كل الرغبات للتحالف مع النظام السوري في دمشق.
وتقول الصحيفة "لمدة أسبوعين يقوم التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، بغارات جوية على تنظيم المعروف بـ (داعش). وانضمت إلى الجهود عدة دول من الخليج وأخرى غربية، لتحقيق الهدف الرئيسي للعملية، وهو إحداث ضرر للتنظيم وتدميره بعد أن سيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا، حيث أعلن عليها دولة، وأحيا الخلافة من جديد. وآظهر التنظيم ميله لتبني كل أشكال العنف المتطرف، ولهذا فـ (داعش) يعتبر تنظيما بربريا ومدمرا لما تبقى من نظام في المنطقة في عالم متفجر".
وتتابع الافتتاحية "هذا التنظيم لديه قوة، بحيث لا يمكن وقف زخمه دون عمل عسكري، ولكن السؤال يتعلق بطبيعة العمل العسكري، وإلى أين تنتهي. وحتى الآن لم يحقق الغرب والدول العربية إلا القليل في الحملة العسكرية. فقد يكون من المبكر التوصل لنتيجة، لكن الأحداث الدراماتيكية في بلدة كوباني الكردية كشفت عن محدودية العمل العسكري الجوي وفاعليته. ويقال إن القوات الجوية بقيادة أميركا بدأت بتكثيف عملياتها في محاولة لمنع سقوط كوباني بيد (داعش)، والذي رفع رايته فوق بنايات البلدة، قرب الحدود السورية – التركية، فيما لم يتم هزيمة (داعش) في بقية المناطق في
سوريا والعراق بعد".
وتضيف الصحيفة "في ضوء الظروف فقد يتم اللجوء إلى الإجراءات المتطرفة، ومن بينها إعادة تأهيل نظام الأسد كحليف ضروري للمشاركة في القتال الصعب. وستناسب هذه الخطوة النظام الديكتاتوري، والذي طالما بحث عن طرق لاستعادة شرعيته، فقد بدأ عمله تجاه هذه الخطوة من اللحظة التي دعا فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى جانب قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى رحيل الأسد، وذلك في آب/أغسطس عام 2011. في ذلك الفصل الذي كان فيه القادة الأقوياء العرب يتداعون بشكل سريع، فقد تحرك الأسد سريعا لتصوير معارضيه ووصمهم بالتطرف ومن الجهاديين العنيفين. وكانت رسالة مبطنة للغرب، أنه يجب عليه مواصلة التعاون مع الشيطان الذي يعرفه، وربما يكون قد دعم (داعش) حتى يبالغ في تهديده، فطيرانه لم يقم باستهداف مواقع (داعش)، وعزز من صفوف التنظيم عندما أطلق سراح السجناء الإسلاميين المتشددين من السجون".
وتواصل الصحيفة "بعد ثلاثة أعوام، تجد دمشق نفسها واثقة للتحدث عن (المعركة المشتركة) مع الغرب ضد (داعش)".
وترى الصحيفة أن الاسد وقف متفرجا مع بداية الغارت الجوية، وربما قام وفسر الضربات الجوية كضوء أخضر لمواصلة الحرب التي ستزيد من الآلام والمتاعب للسوريين، وإجبارهم على الهرب أو قتلهم، ولم يتورع النظام عن نشر كل ترسانته ضد المدنيين من الدبابات والمدرعات والطائرات وصواريخ سكود وأسلحة كيماوية.
وتذكر الافتتاحية أنه قُتل منذ بداية الحرب أكثر من 200.000 مدني سوري، ويتواصل القمع وقد دخلت الحرب الأهلية اليوم مرحلة جديدة "ففي الوقت الذي تقوم فيه طائرات التحالف بضرب (داعش)، يقوم طيران النظام برمي البراميل المتفجرة على سكان مدينة حلب، المدينة التي كانت معقل المعارضة".
وتبين "الغارديان" أنه "مهما كانت طبيعة التعاون السري القائم بين دمشق والجيش الأميركي ضد (داعش)، فسيكون من الخطأ الفادح السماح للأسد بمواصلة مذابحه دون خوف من العقاب، وإعطاؤه فكرة أنه أصبح حليفا، إنه نظام قوبلت جرائمه بالصمت من بعض العواصم الغربية".
وتمضي الافتتاحية "لن يكون هناك أي تحالف مع الأسد، حتى لو كان مخفيا، ليس لأنه غير أخلاقي، ولكنه سيترك آثاره السلبية. فالسماح للأسد لأن يكون ما كان يطلق عليه الأميركيون (ابن الحرام)، لن يؤدي إلا لزيادة الدعم والجذب لـ (داعش) من قبل السنة في سوريا وخارجها، أي دعم القوى التي يحاول التحالف الدولي تدميرها. وستكون هناك صعوبة لإقناع السنة المعتدلين بشرعية السياسة الغربية، في حال تم التحالف مع الأسد وبأي نوع. فالمعارضة السورية والجيش السوري الحر لديهما ما يكفي من الشكوك حول هذا التدخل".
وتختم بالقول "إذا كان قتال (داعش) هو مكافحة الإرهاب والدفاع عن الدول الغربية ومنع تعرضها لخطر العنف الجهادي، فهناك محذور قد يؤثر على هذا الهدف وهو الظهور بمظهر الوقوف إلى جانب الأسد، مما يعني زيادة الدعم للجهاديين وروايتهم المنحرفة. وتظل أساليب بشار الأسد هي السبب الرئيسي للعذاب الحالي في الشرق الأوسط، فهو ليس ولن يكون جزءا من الحل".