"أن يكون اسمك مشابها لاسم شخص مطلوب في دمشق، فهذا يعني أن تضطر للسفر، أو أن تقضي معظم أوقاتك منتظرا على الحواجز للتأكد من هويتك في حال كنت محظوظا ولم تعتقل".. بهذه الكلمات المتذمرة أوضح أحمد معاناته شبه اليومية في التنقل بين أحياء دمشق. فأحمد الذي يحمل اسما مشابها لاسم أحد المطلوبين للنظام السوري يعاني من كثرة توقيفه على الحواجز الأمنية، غير أنه تم احتجازه أكثر من ثلاث مرات لعدة أيام للتأكد من أنه ليس الشخص المطلوب.
مئات الحالات المشابهة والقصص يتداولها السوريون يوميا، وكثير من الشباب المعتقلين لا نشاطات معارضة لمعظمهم ولا ذنب لهم إلا اسم يحملونه، ما يثير ذعر الكثير من السكان ويدفع بهم لتأمين سفر لأبنائهم.
توضح السيدة "أم خالد" أنها اضطرت لتأمين سفر ابنها "خالد" الوحيد لديها، وخاصة بعد اعتقاله لمدة تجاوزت الأربعة شهور بسبب "
تشابه أسماء"، حيث تقول: "كانت فكرة سفر ابني الوحيد مرفوضة تماما لدي، لكن الآن أن يكون بعيدا في مأمن خير من أن يكون تحت رحمة
النظام الجائر".
وتبين أم خالد أنه "عند اعتقال ابنها تم اعتقال سبعة أشخاص آخرين يحملون الاسم نفسه بأعمار مختلفة في إطار بحث قوات النظام عن شاب يحمل الاسم نفسه عرف أنه انضم لقوات
المعارضة العاملة في ريف دمشق"، موضحة أنه لم يتم الإفراج إلا عن ابنها واثنين آخرين في حين ما يزال آخرون يذوقون مر الألم والتعذيب في أقبية النظام دون تهمة أو ذنب.
من جهة أخرى، أضحت عائلات بأكملها مطلوبة للنظام السوري بسبب نشاط بعض أفرادها الثوري حيث توضح "نور" أنه قد تم اعتقال أخيها منذ ما يزيد على العام ونصف العام، وذلك عقب اعتقال سبعة من أقربائها قبله لأنه قد عرف عن عائلتهم تميز بعض أفرادها بالنشاطات السلمية في بداية الثورة، ما أدى لانحصار مصير شباب العائلة في الوقت الراهن بين "شهيد ومعتقل ومسافر".
وتحمل الكثير من العائلات في أرياف دمشق الكنية نفسها في مناطق مختلفة؛ فقد سبب ذلك العديد من المضايقات الأمنية لكثير من حاملي هذه الأسماء بسبب أشخاص لم يلتقوا بهم يوما، فمحمد الشاب العشريني قضى نحو سبعة أشهر في أقبية النظام لأنه يحمل اسما مماثلا لأحد قادة كتائب المعارضة المسلحة في ريف دمشق.
وأضحى الانتماء لأحد بلدات الريف الثائر جريمة بحد ذاتها، فأبناء مدن "داريا" والمعضمية" على سبيل المثال اعتقل الكثير منهم دون أي ذنب؛ فما يكاد الحاجز يلمح اسم المدينة على البطاقة الشخصية عند تفتيش الباصات حتى إلا و يطلب منه النزول مقتادا إياه لمكان الحجز للاستعلام عن وضعه الأمني، أو لصلة قرابته بأحد الناشطين، أو لاعتقاله وتحويله لأحد الفروع الأمنية أو لتصفيته في بعض الأحيان.
وأغلب المعتقلين الداخلين إلى أفرع الأمن لايمكن التنبؤ بمصيرهم، فالعديد منهم لم يخرج من الأفرع بعد؛ فقد عمدت الكثير من العائلات للسفر خوفا على أبنائها من مصير مشابه دون ذنب سوى الانتماء لعائلة باتت تعتبر في نظر النظام إرهابية بجميع أفرادها.