"الجميع ضدنا"، هذا ما قاله سني عربي من شمال
العراق، فرّ من المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش" للمناطق الكردية، ففي ظل "داعش" تُطبق على السكان إجراءات غريبة عليهم، وفي مناطق
الأكراد لا يسمح للعرب
السنة استئجار بيوت، ويفرض عليهم البقاء في المخيمات.
ويشير مراسل صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" رجا عبدالرحمن، إلى قصة علي حسين عباس، الكردي المتزوج من عربية سنية، كيف وصل إلى نقطة تفتيش قرب أربيل مع زوجته وأولاده، وعندها أخبره جنود البيشمركة أن بإمكانه المرور مع أولاده وليس زوجته. ورفض الانفصال عن زوجته وقرر البقاء تحت نفق للاحتماء.
ويقول عباس للصحيفة "قالوا إن العرب ممنوعون"، والذي بعد سلسلة من الرفض قرر ارتداء زي جنود البيشمركة، وعبر مع عائلته دون مشاكل. وبالنسبة للآخرين فقد مروا عبر الطرق الترابية والحقول وتجنبوا نقاط التفتيش على الشوارع الرئيسية، أو وجدوا كرديا ضمن دخولهم.
وتبين الصحيفة أنه بعد تجاوزهم عقبة دخول المناطق الكردية يواجه العرب السنة سلسلة من المشاكل الأخرى، فيحظر عليهم مثلا استئجار بيوت، ويجب عليهم البقاء في واحد من المخيمات التي أقامتها منظمات غير حكومية وأقيمت حول العاصمة أربيل.
ويبلغ عدد اللاجئين الآن مليون لاجئ، فرّوا باتجاه مناطق الأكراد من مدن الموصل وتكريت ومحافظة الأنبار وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة "داعش"، بحسب الصحيفة.
ويرى التقرير أن وضع من لجأوا لكردستان يبقى أفضل من أولئك الذين منعوا من الدخول، ويقيمون بين نقاط التفتيش الكردية وجبهات القتال، حيث يقيمون في البيوت المهجورة أو التي على قارعة الطريق.
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي لم يكن فيه السنة راضين عن ممارسة "داعش"، إلا أنه لقي في البداية ترحيبا من بعض رجال العشائر ومساعدة من ضباط سابقين في الجيش العراقي، خاصة في معاملته للمسيحيين والشيعة واليزيديين. وجاء ترحيب البعض بـ "داعش"؛ لأنه خلصهم من ممارسات الجيش العراقي الذي يسيطر عليه
الشيعة، والذي مارس ضدهم سياسات تمييزية وطائفية.
وتلفت الصحيفة إلى أن من قرر الرحيل من مناطق "داعش"، خاصة العائلات المختلطة مثل عائلة عباس وفرّوا لكردستان أو المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة بغداد، بدلا من معاملتهم كلاجئين وتقديم العناية لهم، وجدوا أنفسهم عرضة للتمييز العنصري أو هدفا للانتقام.
وتذكر الصحيفة أنه ففي آب/ أغسطس هاجمت ميليشيات شيعية مسجدا للسنة في محافظة ديالى، وفتح أفرادها النار على المصلين؛ انتقاما لتعرض سيارات لمقاتلي الشيعة لإطلاق النار.
وفي مناطق الأكراد بدلا من الشكوى يعبر البعض عن تفهمه، مع أن حنقهم على الوضع يؤدي لنوع من العداء على الواقع الذي يعيشونه، وفق التقرير.
وتنقل الصحيفة عن عباس، الذي نشأ في الموصل وعاش فيها ولا يتقن سوى اللغة العربية، قوله "لا نلومهم – الأكراد-؛ لأنهم لا يريدون تكرار ما حدث في الموصل". ويضيف "هناك الكثير من العائلات التي تحاول المجيء إلى هنا، لكنها منعت"، ويذهب إلى أن بعض العائلات اتصلت به "وقالت تعال وساعدنا، قلت آسف لا أستطيع، أخاف أن يطردوني".
ويؤكد التقرير أن البيشمركة رفضت السماح لسكان بلدة خازر الدخول إلى المناطق الكردية؛ لأن أهلها ساعدوا "داعش". وبالنسبة للعرب السنة، الذين فرّوا من تنظيم الدولة، فوجود تنظيم منشق عن القاعدة لم يكن مرحبا به بنفس الطريقة التي لم ترحب به الأقليات العرقية؛ لأنه جلب إليهم تفكيرا أجنبيا عليهم.
ويورد التقرير أنه حتى مشايخ القبائل الذين قادوا المعركة ضد الحكومة الطائفية في بغداد، بدأوا الأن يعبرون عن موقف تصالحي تجاه الأقليات؛ بسبب ما رأوه من ممارسات القاعدة.
ويؤكد الشيخ يحيى سنبل عضو مجلس الأنبار العسكري ومجلس ثوار العشائر للصحيفة أنه "يثق بالكامل بالأكراد والمسيحيين واليزيديين"، وأن لا أسباب تدعوه لمحاربة الشيعة.
ويشير مراسل الصحيفة إلى أنه في معسكر آخر حول أربيل أقسمت المدرسة هيام قادر على عدم العودة إلى الموصل "لم يسقط (داعش) الموصل، بل نحن الذين أسقطناها، فقد صفق السكان فرحين عندما وصل (داعش)؛ لأنهم أرادوا التخلص من الجيش والشرطة".
وتخشى قادر الآن على عائلتها، ففي عام 2006 وفي ذروة الحرب الطائفية لاحقت الميليشيات الطائفية وجيش المهدي ابنيها؛ لأنهما كانا يترددان على المسجد، مما اضطرها لإرسالهما من بغداد إلى سوريا وعاشا هناك عامين. وتقول "كانوا يريدون ذبحهما".
وينقل التقرير عن جنود فروا من تقدم "داعش" في الموصل مخاوف السكان من عودة الميليشيات التي ستذبح السنة انتقاما لما فعله "داعش" مع الشيعة في المدينة. ويقول آخر "الكل ضدنا، وستصبح أكثر دموية، حيث سيعود القتل والاغتيالات والتفجيرات من جديد".