لأول مرة منذ عام 1960 ستتجاوز قوات البيشمركة العراقية حدود إقليم كردستان بأسلحتها الثقيلة مرورا بالأراضي التركية إلى مدينة
عين العرب -
كوباني شمال
سوريا، وذلك لأجل تقديم الدعم والمؤازرة للمقاتلين الأكراد في الشمال السوري ضد تنظيم الدولة، الذي لم يتوقف عن محاولاته السيطرة على المدينة منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، قاوم خلالها أهالي كوباني بضراوة وشجاعة لا يمكن وصفها.
يأتي هذا بعد إقرار برلمان إقليم كردستان الموافقة على طلب رئيس الإقليم مسعود البارازاني إرسال قوات، ودعم لوجستي إلى أهالي عين العرب، إذ إن قانون الإقليم لا يسمح بخروج قوات البيشمركة للقتال خارج حدود الإقليم دون موافقة البرلمان على ذلك.
تباينت ردات الفعل حول الهدف من وراء هذا الدعم، فمن يؤيد يجدها خطوة متأخرة ولكنها ضرورة وخصوصا بعد الوضع الحرج لكوباني، وهنالك من يتهم المقاتلين الأكراد بأنهم كانوا وما برئوا أذرعا لنظام الأسد، وبأن المعركة اليوم لا تهم الشارع العربي، وأن أغلبهم يسعون إلى الانفصال عن سوريا، وإقامة منطقة حكم ذاتي، ومن هنا فلا ناقة للجيش الحر والعرب في هذه المعركة ولا جمل.
من جهة أخرى يرى نظام الأسد أنها منطقة صراع للمتمردين على نظام حكمه ومنه يتّبع المثل العامي (فخار يكسر بعضو). وما يزيد الوضع تأزما، أنه ما إن بدأت المفاوضات بين
تركيا وإقليم كردستان للسماح لقوات البيشمركة بعبور الحدود التركية حتى انطلقت التصريحات من بعض الأحزاب الكردية أظهرت في طياتها حذرا وقلقا ورفضا ضمنيا لتدخل قوات البارازاني في الصراع داخل الأراضي السورية، فقد صرح المتحدث باسم حزب العمال الديمقراطي في كوباني "نيسان " بأن لديهم ما يكفي من المقاتلين الأكراد وكل ما يحتاجونه هو السلاح وبأنهم بحاجة إلى تعزيزات كردية سورية وليس كردية عراقية على حد تعبيره !.
و في خضم كل ما ذكرناه وأكثر من الصراعات داخل المنطقة، يدفع أهالي عين العرب الحجم الكبير من الخسائر البشرية والدمار في كل يوم، الكردي السوري السني اليوم في موقف حرج وغير منصف إطلاقا، فهو متهم بقوميته الكردية، ومتهم بانتمائه وسوريته وثوريته، ومتهم بسنيته كذلك، ونحن لا نرمي القول جذافا.
فاتهامات الانفصال والرغبة في الحكم الذاتي -وإن صحت- لا يجب أن تعمم على جميع الأكراد السوريين ولا يبرر إطلاقا أن تترك عين العرب -كوباني كمدينة سورية دون دعم ونصرة لأهلها في معاركهم ضد تنظيم يجردهم من إسلامهم وسنيتهم ويسعى لإبادتهم، ونحن نرى بأم عيننا بأن نظام الأسد استطاع زرع الفتنة القومية بينهم وبين العرب وهذا ليس بجديد وقد كان منذ أيام حكم حافظ الأسد الذي جردهم حتى من أبسط حقوقهم، وسعى بكل قوته إلى طمس حضارتهم وهويتهم ومنعهم من التحدث أو حتى أحياء لغتهم.
الموقف التركي اليوم أكثر من واضح تجاه الأكراد ومن المتوقع أن السيد مسعود البارزاني طمأن تركيا بأنه لا بوادر لدولة كردية على حدودها، وعلى هذا الأساس ستلعب تركيا دورها الإقليمي وتشارك في الدعم اللوجستي والإنساني لأكراد سوريا، ولكن يبدو حذرها واضحا حيث سارعت إلى تجديد التفويض البرلماني باتخاذ الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة في حال تشكل أي تهديد أو خطر على الأمن والمصالح القومية التركية، فمن غير المتوقع أن تشارك تركيا في إقامة دولة للأكراد على حدودها بوجود خصومة دموية مع بعض الأحزاب الكردية كحزب العمال الكردستاني.
عربيا تختلف المواقف تجاه هذه المساعدات وهذا الدعم وتساؤلات مشروعة تطرح نفسها، على سبيل المثال: دولة كوردستان هل ستتحقق على حساب العراق وسوريا، وإن كان هذا فهل ستتوقف مطامع الانفصاليون الأكراد أم ستتجاوزها لإيران وتركيا؟
يطرح آخرون: هل من الإنصاف ترك عين العرب وهي جزء من المدن السورية دون تعزيزات ودعم في معاركها، ومن ثم استنكار الحديث عن الانفصال إذا ما تم طرحه؟
و هل مشاركة فصائل من الحر في معارك كوباني خجولة، أم أنها كانت على القدر الذي تسمح به قدراتهم القتالية؟
عندما يتم التحدث عن خصوصية كوباني ومعاركها، فصدق ولا ترى في الأمر مبالغة، فالحقيقة أن الوضع فيها من التعقيد ما لا يبشر بخير والضحايا دائما.
أطفال كوباني، فسارع أيها الجيش الحر إلى إنقاذ أطفال كوباني وامسح دمعة عين العرب حتى لا نخسر جزءاً عزيزاً من سوريا فالأكراد هم سوريون أيضا ويستحقون بذل الروح للدفاع عن أطفالهم وحريتهم وكرامتهم.