سبّب
الحصار الخانق المفروض من قبل قوات النظام على
حي الوعر في
حمص، والذي وصل إلى ما يقرب من 400 يوم، كارثة أصابت ما يزيد عن 450 ألف نازح سوري في الحي الواقع إلى الغرب من مدينة حمص، وذلك بعد منع دخول المواد الغذائية إلى الحي، وخاصة المواد التموينية كالرز والسكر والبرغل والعدس والخبز وغيرها.
ووصل الأمر بقوات النظام، وفي إطار الحصار الخانق الذي تفرضه على حي الوعر، أن منعت عن أهالي الحي دخول أي ذرة من ملح الطعام إليهم، وذلك لزعمها أن الثوار يقومون باستخدامه في صناعة المتفجرات التي يتم استهدافهم بها.
سلام الأحمد، وهي ناشطة ميدانية في حمص، تقول: "الآن تباع كميات الملح المتواجدة في حي الوعر بالملعقة، ولا يبيع التجار هناك سوى غرامات من ملح الطعام، ويتفاوت سعر ملعقة الملح من تاجر لآخر. كما منع النظام عن قاطني الوعر مادتي الفحم ومسحوق الغسيل، وباتتا من المواد التي يندر وجودها في الحي المحاصر. ويبلغ سعر القطعة الواحدة من الفحم قرابة الدولار الواحد، إن كانت موجودة أصلاً".
من جهته، يروي الناشط الإعلامي فارس أبو جواد من حمص؛ معاناة المدنيين في الوعر قائلاً: "تراقب قوات النظام التي تحاصر الحي كافة السيارات التي تدخل وتخرج من الوعر، ويقوم عناصر النظام، وغالبيتهم من الأمن السوري، بمراقبة عدّاد السيارات الخاص بمادة البنزين، حيث يسجلون لديهم رقم العداد وكمية البنزين الموجودة فيه قبل دخول السيارات الحي، ثم يقومون بتدقيقه عند عودة أي سيارة من الوعر، وذلك لكي يعرفوا ما إذا كان قد تم سحب أي كمية من بنزين السيارة. وإذا ما ثبت لديهم أن قطرة من بنزين السيارة تم سحبها داخل الوعر، يقومون باعتقال صاحب السيارة بالإضافة لمنعه من دخول الحي مرة أخرى، وهو ما تكرر حدوثه عشرات المرات على مداخل الحي".
ويؤكد أبو جواد ندرة مواد المحروقات والماء والكهرباء التي هي بالكاد متوفرة لأهالي الوعر بسبب حصار قوات النظام، مبينا أن "نفس الشيء بالنسبة للمحروقات من مازوت وبنزين وكاز، جميعها ممنوعة على القاطنين في الوعر".
وأوضح أن "بعض الأشخاص استطاعوا تخزين كميات منها، ثم بدأوا يحتكرونها ويبيعونها للأهالي بأسعار باهظة جداً، تفوق قدرتهم على شرائها. أما والماء والكهرباء فهما شيئان نادران بالنسبة للأهالي هناك".
ناهد شناعة، نازحة في الوعر من دير بعلبة في حمص، تقول: "لا شيء مسموحا هنا في الوعر، إلا الهواء والذي إن تمكن النظام السوري من منعه لما قصّر في ذلك.. حالة مزرية بتنا نعيشها كل يوم، فمن قصف لا يرحم واسطوانات غاز متفجرة يلقونها علينا، إلى صواريخ أرض – أرض ومدفعية ودبابات. كل شيء من أنواع القصف موجود، والسبب أننا أردنا أن نعيش بسلام وأمان وهربنا بأولادنا من جحيم الموت، لنلقى الموت من جديد".
وتضيف ناهد: "لا يوجد دعم إغاثي للأهالي المحاصرين في حي الوعر، كان هناك خمس جمعيات إغاثية توقفت جميعها عن تسليم المعونات منذ أكثر من أربعة أشهر، وذلك لعدم سماح النظام بدخول أي مواد قابلة للتخزين، الآن توقفت جميعها تقريباً ولم تعد تعطي المواطن أي شيء، وبات الأهالي بين سندان قصف النظام ومطرقة الجوع، نناشد المسؤلين عنا في الائتلاف والحكومة المؤقتة بالنظر إلينا بعين الرحمة"، متسائلة: "ألا يسمعون معاناتنا؟ ألا يقرأون ما يكتب عنا؟".
أما مدارس الحي التي تؤوي مئات النازحين، فقد فقدت أثاثها ومحتوياتها لا سيما المقاعد الخشبية، حيث تم استهلاك خشب المقاعد في التدفئة من قبل الأهالي إثر منع قوات النظام المواطنين من إدخال المحروقات إلى الحي. وتحولت الحدائق إلى حقول لزرع الخضروات، بسبب الحصار الغذائي المفروض من قبل قوات الأسد.
يشار إلى أن حي الوعر، أو كما يسمى "حمص الجديدة"، يقع غرب مدينة حمص. ويُقسم إلى قسمين: الوعر الجديد والوعر القديم، على الرغم من عدم وجود فاصل بينهما. يقع حي الوعر القديم مقابل الكلية الحربية في حمص، وهو ملاصق لحي الوعر الجديد الذي تمّ تقسيمه إلى تسع "جزر" متقابلة.
ويضم حي الوعر بعض الدوائر الحكومية، ومن أهمها بلدية حمص الجديدة، كما يضم المجمع الحكومي الجديد ومجمع المحاكم في حمص.
وحي الوعر هو آخر حي يقع تحت سيطرة الثوار في مدينة حمص، بعدما أخلى المقاتلون أحياء حمص القديمة في أيار/ مايو الماضي ضمن صفقة لخروجهم إلى الريف الشمالي بأسلحتهم الفردية، بعد حصار خانق استمر لأكثر من عامين.