مَن سيخلف آية الله علي
خامنئي في منصبه كمرشد أعلى للجمهورية الإسلامية، أي المرجعية الأولى في البلاد؟ سؤال لا يجرؤ أحد على طرحه، ولكنّ صور آية الله خامنئي في المستشفى قبل إجرائه عملية جراحية في أيلول/ سبتمبر، جعلت الحديث عن
الخلافة سرا مفتوحا.
وفي تقرير لمراسل صحيفة "الغارديان" سعيد كمالي ديغان من العاصمة طهران جاء فيه:
"في مجمع يتمتع بحراسة جيدة في وسط طهران، مكان عادة ما يشار إليه بـ (البيت)، يعيش فيه الرجل البالغ من العمر 75 عاما، رجل تنتهي ولايته كمرشد أعلى للثورة الإسلامية بوفاته. حافظ آية الله علي خامنئي، الذي كان رجلا ثوريا مرة، باعتباره السياسي الذي يملك السلطة النهائية في
إيران ولـ 25 عاما، ولكن الأخبار الأخيرة حول صحته أشعلت النقاش حول الرجل الذي سيحل محله، وماذا يعني هذا لإيران".
ويقول ديغان "يعتبر
المرشد الأعلى في إيران رجلا قويا أقوى من الرئيس المنتخب، حيث يتفوق –المرشد- عليه في القرارات المتعلقة بالأمن القومي، وقضايا السياسة الخارجية الحساسة، وكذلك المحلية".
ويضيف الكاتب "في أيلول/ سبتمبر أثارت صور لخامنئي في واحد من مستشفيات طهران العامة، بعد عملية جراحة في البروستات، تكهنات حول خليفته. ورغم أن موضوع الخلافة يعتبر في إيران امرا محرما، ولكن برحيل خامنئي فسيتغير مسار إيران المحلي والدولي، بعد ربع قرن من ولايته".
ويشير ديغان إلى أن "الكثيرين تساءلوا عن السبب الذي سمحت فيه الدائرة المقربة من خامنئي بمناقشة تطورات صحته في العلن، خاصة أن إيران تخوض محادثات صعبة مع الغرب حول ملفها النووي".
وينقل التقرير عن علي أنصاري من جامعة سانت أندروز، قوله إن صور خامنئي في المستشفى كانت رسالة واضحة أن صحته جيدة، "أعتقد أن الصور لها علاقة بأنهم -الدائرة المقربة- كانوا قلقين"،
ويضيف أنصاري للصحيفة "تقول الصور لنا الكثير حول حالة القلق العام في النظام السياسي، فحقيقة اعتماده على خامنئي تعني أن الناس قلقون من قيام من حوله بالمناورات حالة مرض خامنئي، فهذه طريقة لإسكات من يفكر بهذا، ولكن بطريقة مدروسة".
ويذكر التقرير أن خامنئي ينتمي إلى عائلة علم، فوالده كان عالما في الدين، وولد في زمن الحكم البهلوي، وصعد خامنئي من طالب في مدرسة دينية ليصبح المرشد الأعلى لإيران عام 1989 بعد وفاة روح الله خميني، مؤسس الثورة الإسلامية عام 1979.
ويذهب ديغان إلى أنه اليوم وبكلمات الكاتب الإيراني البارز أكبر غانجي، أصبح خامنئي "رئيس دولة إيران، القائد الأعلى للقوات المسلحة والمنظر الأعلى، وتشكل آراؤه في النهاية السياسة في إيران".
ويتابع الكاتب "كان مجلس الخبراء الموكل بتعيين وفصل المرشد الأعلى قد عيّن خامنئي، وبعد عقدين على وفاة الخميني، أصبح خامنئي لدرجة تحول فيها دور مجلس الخبراء لمؤسسة رمزية يعمل أعضاؤها كأتباع له، وجردوا من دورهم الاستشاري رغم أنهم لا يزالون ينتخبون لعضوية المجلس".
ويكشف ديغان عن اعتراف محلل فضل عدم ذكر اسمه، له معرفة واسعة بالنظام السياسي الإيراني، أن المجلس سيستعيد سلطته مع وفاة خامنئي "علينا ألا نقلل من أهمية المجلس"، وأضاف "في نهاية الأمر، فهم نفس الأشخاص الذين سيقومون باختيار القائد القادم، إلا إذا حصل انقلاب عسكري".
ويعلق الكاتب "في طهران، يعيش المجلس مزاج المرحلة الانتقالية، فقد توفي محمد رضا مهدوي كاني، الذي كان حتى أسابيع قليلة رئيسا للمجلس، بعد إصابته بجلطة قلبية، ولن يتم اختيار المجموعة القادمة من الأعضاء إلا بعد أقل من عامين".
ويعقب المحلل للصحيفة "ما سيحدث بعد خامنئي يعتمد على طبيعة أعضاء المجلس في وقت وفاته والقوى الحاكمة في طهران".
ويبين ديغان أن "أحمد جنتي، رجل الدين الإيراني القوي المقرب من خامنئي قد حذر في الشهر الماضي من خطط عدد من الفصائل السياسية في إيران، والتي تخطط لدور مؤثر في المجلس القادم، ملمحا إلى أن مرجعيات دينية ناقدة للمؤسسة الحاكمة تأمل بدخول المجلس". وقال جنتي "بعض الأفراد لديهم طموحات سياسية، ويريدون أن تكون لهم اليد العليا في المجلس القادم"، حيث كان يتحدث مع قناة تلفازية الشهر الماضي، دون تسمية أحد "لست متأكدا إن كانوا يتصرفون عن حسن نية".
ويرى الأكاديمي أنصاري أنه "لو مات خامنئي غدا، هناك ثلاث طرق يمكن من خلالها حل مشكلة الخلافة؛ الطريقة الأولى سيجتمع مجلس الخبراء، ويقوم بتفعيل فكرة قيادة المجلس، أما الثانية فقد يكون خامنئي قد ترك وصية أو عيّن شخصا ليخلفه، وهو الأمر الذي اعتقد أنه سيكون من داخل الحلقة المقربة، شخص سيواصل تمثيل مصالحه، أما الثالثة فسيتم انتخاب شخص جديد بالطريقة التقليدية، وهذا الخيار أكثر إشكالية"، وفق التقرير.
ويجد مراسل الصحيفة أنه في غياب الحديث حول من سيخلف خامنئي، فالأسماء المرشحة، والتي يتم تداولها في الأحاديث الخاصة، تقترح آية علي أكبر هاشمي
رفسنجاني، والذي يعتبر من أهم السياسيين الإيرانيين الذين نجوا وواصلوا مسيرتهم، ورغم كبر عمره، (80 عاما)، أكبر من خامنئي، إلا أنه يترأس مجلس الخبراء على الدستور، وشغل منصب الرئاسة مرتين وقاد مجلس الخبراء لفترة من الوقت.
ويلفت التقرير إلى أن رفسنجاني استقال من مجلس الخبراء في عام 2011، بعد ظهور نوع من الخلاف بينه وبين خامنئي حول ترشيح محمود أحمدي نجاد. وبسبب خلافه مع خامنئي تراجع تأثير رفسنجاني في الفترة الأخيرة، وتعرض نجلاه للسجن باتهامات مختلفة، ولكن أفرج عنهما لاحقا. وفي عام 2013 سجل اسمه في قائمة المرشحين للرئاسة، لكن ترشيحه رفض من قبل المقربين من خامنئي. وينظر لرفسنجاني باعتباره مقربا للإصلاحيين والمعتدلين.
ويختم ديغان تقريره بالإشارة إلى الأسماء الأخرى المرشحة لخلافة خامنئي، وتضم كلا من آية الله محمود هاشمي شهرودي، رئيس القضاء السابق، وآية الله محمد تقي مصباح يزدي، والذي يعتبر شخصية متشددة، وآية الله جوادي أمولي، عالم مشهور يقيم في مدينة قم، وآية الله إبراهيم أميني، وهو عالم مؤثر وعضو المجلس.