عقد
المجلس الثوري المصري (المؤلف من شخصيات معارضة بالخارج) مؤتمرا صحافيا مساء الاثنين، في نادي الصحافة السويسري في جنيف، بمشاركة الدكتورة مها عزام رئيسة المجلس، والدكتورعمر دراج القيادي بحزب الحرية والعدالة، والدكتور أسامة رشدي القيادي بحزب البناء والتنمية، والحقوقية مايسة عبد اللطيف، بالإضافة إلى المهندس حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط، وذلك لإطلاع الرأي العام العالمي على الأوضاع المصرية التي وصفوها بـ "المأساوية".
وفي بداية المؤتمر، تم عرض فيديوهات لمجزرة الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة والنهضة وغيرها من
المجازر التي ارتكبتها سلطة الانقلاب.
وقالت الدكتورة مها عزام، رئيس المجلس الثوري ممثلة عن منظمة "ديمقراطيون من أجل الديمقراطية" في بريطانيا، إن هناك "قتلا ممنهجا وتعذيبا بشكل بشع وحالات اختفاء للمتظاهرين، وهناك انهيار وسحق بمعنى الكلمة لحقوق الإنسان في مصر، وما حدث هو أمر تجاوز أسوأ ما كان في ظل حكم الديكتاتوريين السابقين"، مؤكدة أن الانتهاكات مستمرة بشكل يومي في كافة بقاع مصر وليس فقط في سيناء أو غيرها.
وأضافت خلال كلمتها بالمؤتمر: "سنكشف سلطة الانقلاب وجرائمها في كل المحافل، وللأسف لا نستطيع مناقشة هذه الانتهاكات داخل مصر، ولكن يوما ما سنفعل ذلك".
وتابعت: "مصر تقبع تحت الحكم العسكري في أسوأ أشكاله، والديمقراطية في ظل هذا النظام أسطورة وخرافة، لكن مصر تستحق احتراما لكل مواطنيها، ولابد من وجود مجتمع مدني يخلو من التدخل العسكري، فمصر لشعبها وليست ملكا للنخبة العسكرية، وهذه هي مصر التي نقاتل من أجلها"، مشيرة إلى أن النظام القضائي أصبح أداة في يد القمع وألعوبة في يد النظام العسكري الدموي.
واستطردت بأن "الربيع العربي بدأ من أجل الحرية والديمقراطية وسيادة القانون، وهذه المسيرة لن تتوقف، ولذلك علينا إنقاذ مصر من
الديكتاتورية العسكرية الفاشية، ونذكّر الغرب بقيمه ومبادئه، والديمقراطية لا تنتهك حقوق الشعوب، لأن الديكتاتورية والاستبداد والقمع قد يدفع الشعوب للتطرف والعنف".
وطالبت "عزام" بإيفاد
بعثة أممية لمصر لتجري تحقيقا محايدا وشفافا، حتى تتم محاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات، وعبر جمع الأدلة الحقيقية، مضيفة أنه "إذا لم نستطع محاكمة هؤلاء على جرائمهم، فأقل ما يمكن أن يقدمه المجتمع الدولي هو محاكمة هؤلاء المجرمين أمام القضاء الدولي وبالقانون الدولي".
وقال مصدر مطلع بالمجلس الثوري، إن وفد المجلس قابل بعثة النمسا والسويد وجمهورية التشيك وبعض البعثات الدولية الأخرى، لشرح أبعاد وحقيقة حقوق الإنسان في مصر، لافتا إلى أن النشاط الدبلوماسي المكثف لوفد المجلس مستمر وسيستمر مع بعثات دولية أخرى لتوضيح الصورة الحقيقية للأوضاع في مصر.
وكشف في تصريح لـ"عربي 21" عن أن وفد المجلس قدم مستندات للبعثات الدولية حول الأوضاع في مصر لتوصيلها لحكوماتهم، مؤكدا أنه سيتم الإعلان عن النقاط التي تم التوصل إليها بشأن ما يخص سيناء والانتهاكات الجسيمة ضد الطلاب والنساء واعتقال الأطفال.
بدوره، أضاف الدكتور عمرو دراج، القيادي البارز بحزب الحرية والعدالة وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الثوري: "لا ندعي – في المجلس الثوري- أننا نمثل كل المصريين، ونحن لسنا سوى صوت من أصوات كثيرة، ولا نمثل تيارا بعينه، سواء كان إسلاميا أم ليبيراليا أم يساريا، بل نمثل كل هؤلاء، لإيصال صوت المصريين للعالم، ونحن لا نعمل مع أحد في الخارج لتغيير الأوضاع في الداخل، لكن من يقوم بتغيير الأوضاع هم من في الداخل، ونحن بمثابة سفراء لهم ليس إلا".
وأكد أن "الحراك الثوري ثابت ومستمر، وقد يتصاعد أو يخفت أحيانا، وهذا أمر طبيعي، ونحاول المساعدة بقدر ما نستطيع، وندعم كل خياراتهم، وممارسات الانقلاب قد تدفع لاتجاه البعض نحو العنف، وهذا أمر له خطورة كبيرة على مستقبل مصر، والمصريون أثبتوا أن المسار السلمي قابل للاستمرار، وأكبر دليل هو الإجراءات التي تتم، ولو لم تكن السلمية موجعة أو مؤثرة ما كانت هذه الإجراءات القمعية".
وأضاف أن "مصر أصبحت وكأنها معسكر تابع للجيش، والبلاد تدار بهذه الطريقة، خاصة في ظل القانون الأخير، باعتبار أن كل المنشآت العامة والحيوية منشآت عسكرية، فضلاً عن المحاكمات العسكرية للمدنيين".
وأوضح "دراج" أنهم قابلوا بعض البعثات الدولية وأنهم مستمرون في ذلك، لتوضيح حقيقة الأوضاع وصورة مصر، مضيفا أن "هناك معايير دولية لحقوق الإنسان، وعدم تطبيق هذه المعايير أكبر باعث للإرهاب، فهذا الوضع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، ولا بد من احترام الربيع العربي والتغيير السلمي، والانقلاب على ذلك الشباب قد يدفع البعض للاستجابة لأفكار أخرى مخالفة للتغيير السلمي، خاصة أن القيم الإنسانية المشتركة ليس عليها أي خلاف"، منوها إلى أنه لا يوجد تعارض بين الديمقراطية والإسلام.
وشدّد "دراج" على أنه "يجب أن نسعى بكل قوة لتغيير الأوضاع في مصر، فلا يوجد هناك أوصياء على الشعب، ولابد من تداول السلطة بشكل ديمقراطي وسلمي".
المهندس حاتم عزام، نائب رئيس حزب الوسط، تحدث ممثلا لوثيقة المبادئ العشرة "بروكسل"، وقال إن "مجمل ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من انتهاكات تُمارس الآن في مصر بشكل ممنهج، بالرغم من أن المواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر قامت بتجريم كل هذه الانتهاكات".
وأوضح أن هناك انتهاكات للحق في الحياة، والحق في التظاهر وحرية التعبير عن الرأي، كما أن هناك اعتقالا تعسفيا كبيرا لمعارضي سلطة الانقلاب منذ 3 يوليو وحتى الآن، فقد تجاوز عدد المعتقلين أكثر من 40 ألفا، أكثر من 20 ألفا منهم داخل المعتقلات حاليا، مؤكدا أن القضاء المصري مسيس وأحكام الإعدام يصدرها خلال أقل من 45 دقيقة، لافتا إلى أن المنظمات الحقوقية الدولية قامت بتوثيق بعض هذه الانتهاكات.
وشن "عزام" هجوماً حاداً على المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي تم تعيينه من قبل سلطة الانقلاب ليكون خادماً لهم، مؤكداً أنه لا يثق مطلقا في هذا المجلس، لأنه يحاول تبرير كل الانتهاكات الممنهجة التي تتم ضد حقوق الإنسان.
واستعرض نماذج من أعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان التي قال عنها إنها تسيء تماما لحقوق الإنسان، منهم حافظ أبو سعدة وجورج إسحاق، محذرا من أن الاستبداد السياسي سيكون له عواقب وخيمة.
من جهته، قال المحامي البريطاني توبي كادمان، إن لديه استعدادا لتبني قضيتي "لمياء" و"عمر"، وغيرهما، مؤكدا أن هناك مصريين يريدون طرح قضاياهم أمام المحاكم الدولية وهم يبحثون هذا الإجراء، فهذه الخيارات والمسارات متاحة لهؤلاء الأشخاص.
وذكر "كادمان" أنه يجب أن تتعامل المحكمة الجنائية الدولية وتنظر في هذه الجرائم الكبيرة، بالرغم من أن مصر غير موقعة على اتفاقية المحكمة.
وقال إن "المجتمع الدولي يجب أن ينظر للأوضاع في مصر، لأنها ليست على ما يرام، فهي لا تتحسن بل تسوء، وبخاصة ما يجري في سيناء، فهناك آلاف الأشخاص الذين تم تهجيرهم وتشريدهم، وهو أمر له تداعيات كارثية، فهذا النظام لا يعتبر أهل سيناء مصريين من الأساس، فضلا عن أن هناك استهدافا لمجموعات محددة وحالات قتل وتعذيب خارج القانون".
واختتم بقوله: "الأمر يستحق أن تكون هناك لجنة أممية مثل التي كانت في غزة للتحقيق في الانتهاكات، ويجب أن ينظر لهذا الطلب بمنتهى الجدية، فالنظام العسكري ليس مهتماً بتحقيق الديمقراطية على الإطلاق، ولا يمكن أن يتحقق السلام والاستقرار على المدى البعيد في ظله".
وأكد الدكتور أسامة رشدي، القيادي في حزب البناء والتنمية وعضو مجلس حقوق الإنسان السابق، أن الأوضاع في مصر ازادات سوءا عما كانت عليه في عام 2010 وقبل قيام ثورة يناير، فقد تم تدمير الحياة السياسية في مصر وكذلك التجربة الديمقراطية، في حين تم التكريس لديكتاتورية عسكرية مقيتة.
وأضاف أن "القضاء يعاني من ماسأة عظيمة منذ اليوم الأول للانقلاب، وهناك تدمير لوسائل الإعلام، والانقلاب تسبب في كل هذا التدمير، وعلينا استعادة اللحمة الوطنية والتجربة الديمقراطية، فإذا ما استمر الوضع الحالي فستلعننا الأجيال المقبلة".