قالت مصادر قريبة من الرئيس الموريتاني محمد
ولد عبد العزيز، إن الأخير أبدى لعدد من مستشاريه ومقربيه رغبته في استئناف الحوار السياسي مع القوى المعارضة، خصوصا المنتدى الوطني للديمقراطية الذي يضم أغلب الأحزاب التي قاطعت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الماضية.
وقال المصدر الذي تحدث لـ"عربي21"، الخميس، إن رئيس الوزراء يحي ولد حدمين، شرع في لقاءات غير معلنة مع عدد من قادة الأحزاب السياسية المعارضة بشكل منفرد تمهيدا لإطلاق حوار شامل "تعلن تفاصيل عنه في وقت لاحق".
وبحسب المصدر ذاته فقد التقى رئيس الحكومة خلال يومي الأربعاء والخميس، بكل من رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي مسعود ولد بلخير، و رئيس حزب الوئام بيجل ولد حميد، ونائب رئيس حزب "تواصل" محمد غلام ولد الحاج الشيخ، بينما أبلغ رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود رغبته في إجراء لقاء خاص معه.
كما يسعى حدمين أيضا، إلى لقاء مرتقب مع رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داده، فيما تجرى الاستعدادات لترتيب أول لقاء بين زعيم المعارضة الجديد عن حزب تواصل الإسلامي الحسن ولد محمد والرئيس ولد عبد العزيز.
وتأتي لقاءات رئيس الحكومة الموريتاني برؤساء الأحزاب السياسية المعارضة وسط حديث عن عزم الرئاسة الموريتانية إصدار قرار بتجديد مجلس الشيوخ في وقت قريب، وسط آمال رسمية بإقناع بعض الأطراف السياسية المعارضة بالمشاركة في العملية السياسية، خصوصا الأحزاب ذات التأثير الشعبي الكبير.
وتأمل الحكومة تأمين مشاركة أحزاب رئيسية، كحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، المحسوب فكريا على الإخوان المسلمين في
موريتانيا، وحزب الوئام المعارض، وحزب التحالف الشعبي التقدمي الذي يقوده رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير، والحركة من أجل إعادة التأسيس الزنجية.
ومن المتوقع أن تشارك الأحزاب المذكورة في العملية الانتخابية بحكم امتلاكها لبعض المستشارين، وضغط القواعد الشعبية التي ترفض سياسة المقعد الفارغ.
ودعا المنتدى الوطني للديمقراطية، الذي يضم أكثر من عشرة أحزاب معارضة، السلطات الحاكمة في البلاد إلى التوجه جدية نحو البحث عن حل توافقي وسلمي، من شأنه أن يخرج البلد من الأزمة السياسية التي يعيشها منذ الانقلاب العسكري الذي قاده الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز قبل سنوات، وأطاح بالرئيس السابق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، مشددا على ضرورة "استخلاص العبرة من خطورة الأحداث" التي عرفتها بوركينا فاسو.
ويحضر منتدى الديمقراطية بموريتانيا لاستئناف أنشطته السياسية بعد أشهر من الركود، بفعل دخول زعماء الأحزاب السياسية المشكلة له في إجازاتهم السنوية.
فرص نجاح الحوار ضئيلة
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد ولد محمد في تصريح لـ"عربي21" أن فرص نجاح الحوار المرتقب بين المعارضة والسلطة ضئيلة جدا، نظرا لإصرار المعارضة على ضرورة إعادة الانتخابات، بما فيها الرئاسية والبرلمانية، تشرف عليها لجنة تكون مشكلة من جميع أطراف الطيف السياسي، وهو المطلب الذي سبق للرئيس ولد عبد العزيز أن أكد أنه لن يكون أساسا لأي حوار.
وبحسب ولد محمد، فإن الحراك الحالي لا يعدو كونه محاولة من النظام الحالي للظهور بمظهر الراغب دوما في الحوار، وتسجيل نقاط لدى المجتمع الدولي بأن هناك مساع دائمة للحوار مع المعارضة ومشاركة الجميع في الحكم.
ويضيف ولد محمد، أن قرار تسريح عمال لجنة الانتخابات وتنصيب زعيم المعارضة الجديد كلها مؤشرات على أن النظام غير مستعد لانتخابات جديدة، بما يعني فشل أي جهود للحوار قبل أن يبدأ أصلا.
وهو ما أشارت إليه مصادر من داخل المنتدى المعارض لـ"عربي21"، حيث أكدت أنه بصدد تنظيم مسيرات ومظاهرات رافضة للانتخابات الماضية ومناهضة لحكم الرئيس الحالي ولد عبد العزيز، فضلا عن مهرجانات داخل وخارج العاصمة نواكشوط.
غير أن الكاتب الصحفي باب ولد أحمد يعتقد أن النظام قد يكون يخطط لإرضاء المعارضة بانتخابات نيابية وبلدية جديدة على أن تتنازل القوى المعارضة عن مطلب إعادة الانتخابات الرئاسية وتعترف رسميا بشريعة انتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
واعتبر باب أحمد في حديثه لـ"عربي21" أن شعار الرحيل الذي ترفعه المعارضة لم يعد مستساغا، خصوصا في ظل التطورات التي عرفتها بعض بلدان الربيع العربي.