يرى مراقبون أن الهجوم الدامي الذي استهدف حسينية في
الأحساء بشرق
السعودية قد يدفع باتجاه التقارب بين
السنة والشيعة بعد الصدمة التي أحدثها هذا الهجوم غير المسبوق.
وبدلا من تأجيج التوترات الطائفية بين المذهبين، أحدث الهجوم الذي تسبب بموت سبعة مدنيين في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر، موجة من التعاطف في المملكة مع
الشيعة الذين يشكلون حوالى 10% من السكان.
وبعث رجال دين سنة ومسؤولون سياسيون برسائل تعزية وتضامن إلى ذوي الضحايا.
وقال المحلل ستيفان لاكروا المتخصص في الشؤون السعودية بجامعة العلوم السياسية بباريس "إن ذلك يمكن أن يشكل بداية" لعملية طويلة الأمد للتقريب بين المذهبين في المملكة.
وأضاف "لكن بالتأكيد يجب فعل المزيد، لأن موجة التوترات والعنف المذهبي التي تضرب العراق والدول المجاورة مثل اليمن والبحرين يمكن "أن تصل أيضا إلى السعودية" على حد قوله.
بدوره، شدد دبلوماسي غربي على أهمية الرسالة التي بعثت بها السلطات إلى الشيعة للتأكيد لهم "بأنهم جزء من الوطن" وبأنها تقف "إلى جانبهم في وجه الإرهاب".
ولم تتعرض الأقلية الشيعية لأي هجوم دموي على هذا المستوى مثل الهجوم المسلح على حسينية قرية الدالوة في محافظة الأحساء خلال فعاليات إحياء ذكرى عاشوراء.
وأطلق ملثمون النار على الحسينية ما أسفر عن مقتل سبعة من السكان بعد أن قتلوا رجلا سرقوا منه السيارة.
وفي أعقاب الهجوم، قتل شرطيان في مواجهات مع مسلحين وتم إلقاء القبض على أكثر من ثلاثين مشتبها بهم بحسب وسائل الإعلام المحلية.
وأتى الهجوم على الدالوة فيما تشارك السعودية في التحالف الدولي الذي يقصف "تنظيم الدولة".
وشهدت السعودية بين 2003 و2006 موجة من الهجمات الدامية التي نفذها تنظيم القاعدة واستهدفت خصوصا أهدافا حكومية وغربية.
وقال المتخصص في شؤون الخليج في معهد كارنيغي للسلام فريديريك ويري إن الهجوم في الدالوة "يظهر بأن المتطرفين غيروا هدفهم" واتجهوا لاستهداف الشيعة، وذلك "ربما من أجل افتعال حرب أهلية".
واعتبر الدبلوماسي الغربي أن المتطرفين فشلوا، و"هذا ما شكل منعطفا" مشيرا إلى أن وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف زار أسر القتلى والجرحى.
وبدوره، ندد مفتي السعودية الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بالهجوم الذي اعتبره مخالفا لتعاليم الإسلام.
وقال الدبلوماسي إن "هدف الإرهابيين كان إحداث انشقاق وإطلاق نوع من الحرب الطائفية... إلا أن النتيجة كانت عكس ذلك تماما".
وفي خضم الربيع العربي في 2011، نظمت تظاهرات في المنطقة الشرقية حيث يقيم غالبية المواطنين الشيعة البالغ عددهم حوالى مليوني شخص.
وبحسب ناشطين، فإن المواجهات خلال التظاهرات التي ما زالت تحصل بشكل متفرق، أسفرت عن مقتل 24 شخصا بينهم أربعة شرطيين.
وقال توبي ماتيسن الباحث في جامعة كامبريدج إن الرسالة التي وجهت إلى الشيعة مفادها بأن "الدولة هي الحامي الوحيد الحقيقي في وجه المتطرفين السنة".
واعتبر ماتيسن أنه يتعين على الدولة السعودية الآن أن تستغل الفرصة "من أجل مد اليد للشيعة" مع اتخاذ تدابير ملموسة.
وأشار الخبير في هذا السياق إلى تدابير مثل العفو عن رجل الدين الشيعي نمر النمر الذي حكم بالإعدام في تشرين الأول/ أكتوبر بتهمة "إشعال فتنة" مع العلم أنه يعتبر من أهم المحرضين على الحراك الشيعي في المنطقة الشرقية.
ويؤكد سكان الدالوة انهم ينتظرون المزيد، لاسيما وضع حد للخطاب الطائفي في الإعلام، وإصلاح المناهج التعليمية التي تعطي صورة سلبية عن الشيعة.
إلا أن وِيري رأى أنه "يوجد هناك حدود لما يمكن أن تفعله الدولة".
أما لاكروا فاعتبر انه يتعين تغيير أمرين: أن لا تبقى الوهابية المدرسة الوحيدة في المملكة، وأن لا يبقى الشيعة "على الهامش".
وأضاف: "سيتطلب ذلك على الأرجح جيلا كاملا على الأقل".