قالت مؤسسة
الأقصى للوقف والتراث في تقرير لها، الثلاثاء، إن الاحتلال
الإسرائيلي يستهدف
الآثار الإسلامية في الداخل الفلسطيني من خلال ممارسات منظمة تهدف إلى تغييب الإرث الإسلامي وطمسه، وإتلافه أو هجرانه، كما هو الحال مع بقايا حضارة الأمويين العريقة في الشام وأرض فلسطين، التي يعدّ قصر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك واحدا منها.
وبحسب مدير وحدة الآثار في المؤسسة، الأستاذ عبد الرازق متاني، فإن حال قصر الوليد بن عبد الملك أو ما يعرف بـ"
قصر المنية" كحال العديد من الآثار الإسلامية، تُرك لعوامل الطبيعة والهجر، ولصوص الآثار، ليقوموا بالقضاء عليه، فهو آثار من الدرجة الأولى.
ويقع قصر المنية في "خربة المنية" في الضفة الغربية، بالقرب من قرية الطابغة المهجرة، وهو واحد من خمسة قصور بناها الخليفة ذاته بمساعدة أخيه الخليفة هشام بن عبد الملك.
وأطلق البعض على هذه القصور اسم "قصور الصحراء" أو "قصور بني أمية".
موروث ثقافي
ونقل تقرير المؤسسة عن متاني، قوله: "ينتابني الحزن والأسى لما آل إليه حال معالم قصور المنية، التي لا تلقى العناية والاهتمام رغم أهميتها، وما تعنيه من موروث ثقافي وعلمي".
وادعى علماء الآثار اليهود أن القصر كان سوقا رومانية، أما المسجد الأبيض في الرملة، الذي هو من أعرق مساجد العالم الإسلامي، فقد ترك مهجورا، لا يسمح بترميمه، رغم عراقته ومركباته التي من شأنها أن تجعله مزارا سياحيا".
وأكد متاني أن كل محاولات طمس المعالم الإسلامية وتزويرها "لن تنجح في تشويه التاريخ والحضارة الإسلامية العريقة التي اشتهرت بها أرض فلسطين" .
فن أموي
ويمتاز قصر المنية بشكله المستطيل الممتد من الشمال إلى الجنوب ، ضلعه الأكبر بطول 73 مترا، وضلعه الأصغر بطول 66 مترا.
ووفق التقرير فقصر المنية، على غرار قصور الصحراء الأموية، مبني على شكل قلعة حصينة، في داخل جدرانها أربعة أبراج دائرية في الزوايا، وأربعة أبراج نصف دائرية في الوسط، وتم بناء القصر من حجارة بازلتية سوداء في المداميك السفلية الأساسية، ومن حجارة جيرية مستطيلة عملاقة في المداميك العليا.
وقال التقرير إن السائح يشاهد جدران القصر مزينة برسومات فنية، أما الأرضية والقسم الأسفل من الجدران فيزخر بلوحات مزخرفة بالفسيفساء والمرمر، الأمر الذي يعكس عراقة ومزايا الفن الأموي.
ويذكر متاني في كتابه "البناء الأموي في المسجد الأقصى" أن مدخل القصر كان من الجهة الشرقية في اتجاه البحيرة، وعن يسار المدخل كان المسجد والقاعات المركزية، وللمسجد مدخل مباشر من الخارج أيضا.
وبنُي قصر المنية خلال الفترة بين ( 705 - 714 م)، وذكر باحثون أن خبراء آثار وجدوا كتابة في القصر تقول إن الأخير بني للوليد، وأن الخبير الذي أشرف على بنائه هو رجل يدعى عبد الله.
وهُجر القصر بعد الزلزال العظيم الذي أصاب المنطقة في عام 749م، ولم يُعَدْ بناؤه في الفترة العباسية التي اتخذت من بلاد الرافدين مركزا لها، أما في الفترة المملوكية، فقد استعملت أجزاء من حجارته لبناء خان المنية، الواقع قرب القصر، واشتهرت المنطقة باسم "المنية" حتى أن بحيرة طبريا كانت تُعرف عبر التاريخ الإسلامي إلى عهد المماليك باسم "بحر المنية".
وبهذا الاسم ذكرها البلاذري والطبري وابن كثير في كتبهم، وسكن خربة المنية بدوٌ من منطقة طبريا، حتى تم ترحيلهم على يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي بعد عام 1948.