لم يتفاجأ الكثير من المراقبين والمحللين من الاتفاق الذي حصل بين
إيران ودول (6+1) على تمديد الاتفاق
النووي القائم لفترة جديدة بانتظار التوصل إلى حل شامل، لكن الملفت حسب بعض الخبراء المختصين بالعلاقات الدولية والأميركية هو جعل فترة التمديد سبعة أشهر، مما يعني حسب هؤلاء الخبراء: إن ما يجري من
مفاوضات وما سيجري من مناقشات في الأشهر السبعة المقبلة لن يقتصر على الأمور التقنية بل هناك بحث شامل للوصول إلى اتفاق سياسي شامل حول كل قضايا المنطقة وهذا ما لمّح إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريحات ومواقف أعلنت غداة الإعلان عن تمديد الاتفاق النووي.
مصادر مطلعة على الأجواء الإيرانية ومتابعة لملف المفاوضات بين إيران والدول الكبرى تقول: إن إيران تريد الوصول إلى اتفاق نووي شامل لأنها تريد إنهاء العقوبات وتريد تعزيز دورها الإقليمي في المنطقة، وأن إيران تعاني من العقوبات والوضع الاقتصادي لكنها رغم ذلك فإنها غير مستعدة عن تقديم تنازلات كبرى في بعض الملفات الأساسية كالوضع السوري والملف الفلسطيني والصراع مع العدو الصهيوني.
وتتابع هذه المصادر: أن قائد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي أوصى المفاوضين الإيرانيين بالفصل بين التفاوض على صعيد الملف النووي وبين التفاوض على صعيد قضايا المنطقة، لكن بالمقابل فإن المفاوضين الدوليين وخصوصا الأميركيين كانوا يصرون خلال المفاوضات على بحث الأوضاع في المنطقة ويطلبون من ايران الالتزام العلني بالمشاركة في الحرب على تنظيم داعش وترتيب الوضع السوري والتخلي عن دعم الرئيس بشار
الأسد ووقف دعم قوى المقاومة في لبنان وفلسطين والمساعدة في ترتيب أوضاع المنطقة وخصوصا في اليمن والبحرين والعراق وأفغانستان.
وتوضح المصادر: إن الأميركيين ومن ورائهم بعض الدول الأوروبية والعربية والكيان الصهيوني يريدون تدفيع إيران ثمنا سياسيا كبيرا مقابل التوصل إلى اتفاق نووي شامل، وبالمقابل لا تريد إيران أن يكون ثمن الاتفاق النووي إنهاء دورها الفاعل في المنطقة والتخلي عن مواقفها السياسية الثابتة والأساسية وخصوصا ما يتعلق بالصراع مع العدو الصهيوني ودعم المقاومة. كما أن ما ستعطيه أميركا والدول الكبرى لإيران على الصعيد النووي والاقتصادي لا يعادل ما ستقدمه إيران من تنازلات ولذا لم تكن إيران مستعجلة على الاتفاق وان كانت لا تريد إفشال المفاوضات وتلك كانت رغبة الرئيس الأميركي باراك أوباما مما أدى لتمديد الاتفاق السابق لمدة سبعة اشهر لمتابعة الملفات السياسية والسعي للتوصل إلى اتفاق شامل.
لكن هل ستكفي الأشهر السبعة المقبلة للوصول إلى مثل هذا الاتفاق السياسي الشامل؟
المصادر المطلعة على أجواء المفاوضات والخبراء المختصون في الشأن الدولي يؤكدون:أن المفاوضات لن تكون سهلة لأن نقاط الخلاف بين إيران والدول الكبرى كبيرة وعديدة، كما أن هناك العديد من القوى الدولية والإقليمية واللوبيات القوية داخل إيران وأميركا لا تدعم هذه الاتفاق وتسعى لعرقلته، ولذلك هناك عقبات عديدة قد تعرقل الاتفاق،ولكن بالمقابل إن هناك رغبة قوية لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما ولدى القيادة الإيرانية بالتوصل إلى الاتفاق لأنه سيكون له تداعيات كبيرة وسيعطي أوباما زخما سياسيا وشعبيا كبيرا وبالمقابل فإن إيران يمكن أن تستفيد من الاتفاق إذا حصل لتعزيز دورها الإقليمي والدولي إضافة لتعزيز وضعها الاقتصادي الداخلي.
وتتابع المصادر: أن الأشهر السبعة المقبلة ستكون حافلة بالتطورات السياسية والأمنية والعسكرية في كل المنطقة وهناك جهودا تبذل في أكثر من اتجاه أن لترتيب الوضع السوري أو إعادة تفعيل الحوار السعودي – الإيراني أو معالجة بعض الملفات العالقة في العراق والمنطقة، ولذلك يجب توقع كل الاحتمالات وإذا حصل الاتفاق المقبل لن يقتصر على الملف النووي بل سيكون اتفاقا سياسيا شاملا مما سيعيد رسم خريطة جديدة في كل المنطقة وعلى الصعيد الدولي.