نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا تساءل فيه إن كان هناك تقارب بين
مصر وغزة، وإن كانت هناك إشارات بأن اتفاقا وشيكا بين
حماس ومصر يتم الإعداد له.
ويشير الموقع إلى أنه ليس أقل هذه الإشارات تصريح من أحد قيادات الصف الأول في حماس حول تقارب مع مصر، يضاف إلى ذلك فتح
معبر رفح المؤقت. وكانت العلاقات توترت بشكل كبير بعد الإطاحة بمحمد مرسي، التي أعقبها تدمير الأنفاق التي تعد حيوية لغزة.
ويذكر التقرير أنه في مقابلة مع صحيفة الخليج الإلكترونية قال القيادي المعروف في حماس محمود الزهار إن مصر حريصة على تحسين وتطوير العلاقة مع حركته؛ لإصلاح ما دمره الإعلام المصري الموالي للحكومة. وقال الزهار: "هناك اتصالات بين حماس ومسؤولين مصريين كبار بدأت الأسبوع الماضي".
ويبين الموقع أن تصريحات الزهار تأتي في فترة من أحلك فترات العلاقة بين حماس ومصر، فترة يتفق معظم المحللين على أن العلاقات فيها بين الطرفين أكثر توترا مما كانت عليه بعد فوز حماس في الانتخابات عام 2006، حيث كانت مصر تحت الضغط الأميركي والإسرائيلي لتدمير الأنفاق، بحسب مذكرة تفاهم أميركية إسرائيلية عام 2009.
ويذهب التقرير إلى أنه ينظر إلى حماس على أنها الأقرب فكريا إلى الإخوان المسلمين، والتي يعدها النظام الحالي، الذي أطاح بمرسي في تموز/ يوليو 2013، حركة إرهابية.
ويتابع بأنه منذ الإطاحة به يتهم المسؤولون المصريون حماس بالتدخل في أمن
سيناء المضطربة، وهذا ما تنكره حماس.
معبر رفح الضروري
ويذكر الموقع أنه في اليوم الذي تلا مقتل 31 جنديا مصريا في هجومين في مدينة العريش الحدودية في سيناء قامت السلطات المصرية بإغلاق معبر رفح مع
غزة في 25 تشرين أول/ أكتوبر بالقرب من حدود سيناء مع غزة. والمعبر هو المنفذ الوحيد لغزة، والذي لا يمر بإسرائيل، ويعد ممرا رئيسيا لإدخال المواد الضرورية إلى غزة المحاصرة، التي هي بحاجة ماسة لإعادة البناء بعد الحرب التي شنتها إسرائيل عليها خلال الصيف. وقد تسبب الإغلاق في منع دخول المواد الطبية الضرورية ومواد البناء للقطاع منذ أن توسطت مصر بين إسرائيل وحماس للتوصل إلى تهدئة في شهر آب/ أغسطس.
ويلفت التقرير إلى أن مصر فتحت المعبر يوم الأربعاء لأول مرة في شهر للسماح لحوالي 6000 فلسطيني عالقين بالعودة إلى غزة. وفتح المعبر، مع كونه مؤقتا إلا أنه يشير إلى حوار بين حماس ومصر على أعلى المستويات، بحسب المحللين.
وأكد الزهار في مقابلته وجود "رغبة لدى حركة حماس ومصر لبدء صفحة جديدة بينهما".
ويكشف التقرير عن ترحيب أهالي غزة بتصريحات الزهار، ويقول سامي صلاح، الذي يعمل بائعا في سوق خان يونس جنوب القطاع، إن تجدد العلاقة بين حمس ومصر سيؤدي إلى انتفاع الطرفين، مضيفا "نحتاج مصر؛ لأننا محاصرون من الجهات جميعها بالاحتلال الإسرائيلي، وتبقى مصر الأم الحنون التي يجب ألا نخسرها".
ويرى الموقع أنه وبالرغم من الأوقات العصيبة التي مرت بها المنطقة والذكريات المؤلمة إلا أنه يمكن كسب الكثير من تجدد التحالف. وتقوم القوات المصرية منذ أشهر بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع غزة؛ أملا بتدمير شبكة الأنفاق التي تربط غزة بجارتها، وهي جهود حظيت بمباركة أميركا وإسرائيل وحلفاء مصر الإمارات والسعودية.
وفي الأسابيع الأخيرة ضاعفت القاهرة من جهودها لجعل المنطقة العازلة بعرض 1 كم، بحسب التقرير.
ويجد التقرير أنه بينما تصر مصر على أن قرار إقامة المنطقة العازلة هو بسبب الوضع الأمني المتدهور في سيناء وعلى حدودها مع غزة، التي تمتد لمسافة 14 كم، ولكن من وجهة نظر أهالي غزة فإن هذا التحرك يهدف إلى القضاء على حماس.
ويبين التقرير أن الزهار من خلال تعليقاته حاول إيصال رسالة مفادها أن "المنطقة العازلة والحصار الإسرائيلي قد يعيقان برنامج المقاومة، ولكنهما لن يقضيا عليه".
وينقل التقرير عن الزهار قوله: "قدرات المقاومة هي في الأساس تعتمد على الجهود الذاتية، وبالتأكيد عندما تكون الحدود مفتوحة مع الدول العربية فستكون المقاومة أكبر، ودعمها أفضل، نحن نعيش منذ سنوات في حالة حصار، ولو كان هذا الحصار يؤثر بشكل سلبي كبير في المقاومة لما كان أداؤها خلال العدوان الأخير مميزاً".
هل ينعكس التيار؟
ويشير التقرير إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تظهر فيها حماس رغبة في تحسين العلاقة مع مصر، ولكن هذه المرة يبدو أن التيار يعمل لصالح المصالحة.
وينقل الموقع عن المحلل هاني حبيب في غزة، قوله إن كلا من حماس ومصر بحاجة للآخر في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى. مضيفا أن "حماس تواجه حصارا سياسيا وستدرس الخيارات كلها لكسره .. ونجاح هذا الكلام المعسول يعتمد على مدى اتباعه بخطوات مصرية لفتح الحدود للسماح لحماس بالاستمرار في محادثات التهدئة غير المباشرة في القاهرة".
ويفيد التقرير أن مفاوضات التهدئة غير المباشرة في القاهرة قد توقفت بسبب إغلاق مصر لمعبر رفح في تشرين الأول/ أكتوبر. وعلى مر الأعوام السابقة لعبت مصر دور الوسيط بين حماس وإسرائيل في التوصل لتهدئة.
ويقول المحلل السياسي الغزي حمزة أبو شنب للموقع إنه بينما اتهم الإعلام المصري حماس في التورط بالهجمات في سيناء في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، ما يبرر إغلاق معبر رفح، فإنه لا أحد يعرف تحديدا من كان وراء تلك الهجمات، "فحتى الآن ليس هناك اتهام رسمي، وكل ما ورد في الإعلام كان عبارة عن تقارير تشير إلى مصادر أمنية غير معروفة".
ويورد التقرير أن هجمات سيناء تسببت بتصعيد حرب إعلامية بين حماس ومصر كانت قد بدأت مع الإطاحة بمرسي، فكل يوم هناك مواد جديدة على اليوتيوب من جانب يتهم الآخر.
ويؤكد الموقع أن حماس أنكرت رسميا أن يكون لها أي نشاط إعلامي ضد مصر، وطالب المتحدث باسم حماس صلاح البردويل مصر بوقف الحملة الإعلامية ضد حماس "لأنها خطأ كبير يجب تصحيحه".
حاجة كل منهما للآخر
ويعتقد الموقع أنه لو وضعنا المواجهات الإعلامية والاتهامات المتبادلة جانبا، فالمحللون يجدون أن علاقة الحب والبغض بين مصر وحماس لا يمكن قطعها؛ لأن كل طرف بحاجة الآخر.
ويعلق أبو شنب للموقع "حماس تحتاج مصر وسيطا في معظم الاتفاقيات مع الاحتلال، ومصر تحتاج حماس قوة واقعية على الأرض لها قوة ونفوذ".
ويقول حبيب إنه بعد حرب الصيف واستمرار العزلة السياسية التي تعاني منها حماس، فإن مصر في اعتقاده تحاول أن تتفحص نوايا حماس بفتح قنوات الاتصال. كما أنه يظن أن الجانبين جادان؛ لأنه إلى حد بعيد يعتمد كل منهما على الآخر.
ويشرح التقرير بأن مصر بيدها المنفذ الوحيد الذي تستطيع قيادة حماس في غزة الخروج منه، أي بيدها مفتاح الباب الوحيد الذي تستطيع الحركة الوصول من خلاله لحلفائها في الخارج، ولذلك يتوقع أن تكون إحدى الوجهات لمسؤولي حماس إيران، التي كانت تقدم الدعم المادي لحماس، ولكنها توقفت بسبب مواقف حماس من رئيس النظام السوري بشار الأسد، أحد الحلفاء الرئيسيين لإيران في المنطقة.
ويردف الموقع أن مسؤولي حماس في غزة لم يستطيعوا التواصل مع الإيرانيين مباشرة لإعادة الدفء للعلاقات بينهما، حيث قال الزهار في مقابلته الإسبوع الماضي إن حركته معنية في إعادة وتقوية العلاقات مع إيران.
ويختم الموقع تقريره بالإشارة إلى قول الزهار: "نحن ننتظر أن يتم فتح حدود غزة؛ لنتمكن من تطوير العلاقات مع إيران؛ فالرغبة موجودة، ولكن الآليات غير متوافرة حالياً".