أكد خبراء قانونيون أن الرئيس المخلوع حسني
مبارك حصل على ما يشبه الحصانة القضائية من المثول أمام المحاكم مرة أخرى، بعد الحكم يوم السبت الماضي ببراءته من تهم قتل المتظاهرين إبان ثورة يناير 2011.
وأشار مراقبون إلى أن مبارك لن يخضع مجددا لأي محاكمة جنائية أو سياسية أو حتى ثورية، وأن التعديلات التي وجه عبد الفتاح السيسي لإدخالها على عدد من القوانين تهدف فقط إلى ذر الرماد في العيون، ولن تؤدي بأي شكل إلى محاسبة مبارك أو أي من رموز نظامه.
بلاغ من مبارك
ولم يكتفِ مبارك بالحصول على البراءة من جميع التهم التي أسندت إليه، بل بدأ في تحريك دعاوى قضائية ضد وسائل إعلام نشرت تقارير سابقة حول تورطه في قتل المتظاهرين.
وقال المحامي الكويتي فيصل العتيبي عضو هيئة الدفاع الكويتية عن مبارك، في ما عرف إعلاميا بـ"قضية القرن"، إن الرئيس المخلوع سيتقدم غدا الخميس ببلاغ للنائب العام ضد صحيفة "الأخبار" القومية؛ بسبب نشرها لشهادة كاذبة على لسان اللواء عمر سليمان في القضية يدين فيها مبارك بإصدر أوامر بقتل المتظاهرين، في آب /أغسطس 2011.
وقال العتيبي في تصريحات صحفية الأربعاء، إن شهادة سليمان الحقيقية لم تتضمن أي اتهامات لمبارك في هذا الشأن، مؤكدا أن فريق الدفاع يحتفظ بنسخة منها وسيقدمها مع بلاغه للنيابة، على حد تعبيره.
لن يحاكم مجددا
وقال فريد الديب محامي الرئيس المخلوع في القضية إن مبارك "لن تعاد محاكمته ثانية"، مشيرا إلى أن المحاكم الثورية أو السياسية هي محاكم استثنائية يحظر الدستور الجديد تشكيلها.
وأضاف الديب أن مطالبة بعض النشطاء السياسيين بإعادة محاكمة مبارك تتناقض مع مبادئ حقوق الإنسان التي تضمن عدم محاكمة الشخص على جريمة واحدة مرتين، بحسب إفادته.
من جانبه، أكد وزير العدل المستشار محفوظ صابر أن مبارك "لن يحاكم حتى لو تم تعديل قانون الإجراءات الجنائية، لأنه لا يجوز تطبيق النص بأثر رجعي"، مضيفا أنه لن يكون هناك إعادة للمحاكمة في التهم ذاتها التي صدرت فيها أحكام بالبراءة، وإنما سيحاكم فقط في حال تم اتهامه بارتكاب جرائم أخرى جديدة.
وأضاف أنه لا يجوز، دستوريا، تطبيق قانون حماية الثورة الذى يتيح للنيابة العامة إعادة التحقيق مع مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه في تهم قتل المتظاهرين إبان أحداث ثورة يناير في حال ظهور أدلة جديدة، تمهيدا لإعادة محاكمتهم في تلك القضية، لأنه لا يجوز وفقا لدستور 2014 التحقيق مع أى متهم ومحاكمته مرتين فى القضية ذاتها.
وشدد الوزير على أن هذا الإجراء – إن تم - سيعدّ تعديا صارخا على السلطة القضائية وأحكامها التي لابد من احترامها وعدم المساس بها، موضحا أن قضية قتل المتظاهرين ما زالت منظورة أمام القضاء، حيث يمكن للنيابة التقدم بطعن على أحكام البراءة أمام محكمة النقض التي ستنظر أسباب الطعن، وتحدد ما إذا كان سيتم قبوله أو رفضه، فإذا رفضت الطعن يصبح الحكم باتا ونهائيا، أما إذا قبلت الطعن فستعيد النظر في القضية مرة أخرى، وتفتح الباب أمام أي جهة أو شخص يمتلك أدلة إدانة ضد المتهمين للتقدم بها إلى المحكمة.
وقال الفقيه الدستوري شوقي السيد إنه "حتى إذا تم سن قانون جديد للمحاسبة عن جرائم الفساد السياسي، فإن هذا القانون لا يمكن تطبيقه على مبارك أو أي من رموز نظامه، لإن القوانين لا تطبق بأثر رجعي"، مشيرا إلى أن تلك القوانين تسري فقط على الجرائم المستقبلية.
وأضاف السيد، في تصريحات صحفية، أن "المحاكمات السياسية لا تتم إلا عند اندلاع الثورة، وهو وضع تجاوزته
مصر منذ شهور طويلة، ويتم محاكمة المواطنين الآن وفقا لأحكام الدستور والقانون".
بدوره أوضح أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة ثروت بدوي أن محكمة النقض قد تقبل بطعن النيابة أو لا تقبله، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة قد يمر 15 عاما قبل النطق بالحكم مرة أخرى في القضية التي ستعيد المحكمة فتح أوراقها من البداية.