أثار تهديد سفير واشنطن "ماثيو
تولر" في صنعاء، بفرض
عقوبات مضاعفة ضد جماعة الحوثي المعروفة إعلامياً بـ"أنصار الله"، في حال استمرت الجماعة بسياسة احتلالها لمؤسسات الدولة
اليمنية، تساؤلات عدة، منها: ما دلالات تغير الموقف الأمريكي من الحوثيين الشيعة، بعد تورطها بمساندتهم في حربهم ضد قبائل السنة في رداع ومدن يمنية أخرى، بذريعة مكافحة الإرهاب؟ وفقاً لمراقبين.
صمت وتضليل
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبد الناصر المودع أن "الصمت الأمريكي تجاه تمدد الحوثيين المسلح، لم يكن تواطؤاً كما يروج لذلك، بل كان نتاج سياسة تضليل مارساها الرئيس اليمني عبد ربه منصور وهادي، ومبعوث الأمم المتحدة لليمن جمال بنعمر على الدول الراعية للتسوية السياسية، وذلك بغرض ضرب حزب الإصلاح (إخوان اليمن) وحلفائه".
واستبعد أن يكون هناك أيُ اتفاق بين الإدارة الأمريكية وجماعة الحوثي؛ لتمكين الأخيرة من السيطرة على العاصمة صنعاء.
وقال المودع لــ"عربي21" إن "التقارير المرفوعة للدول المشرفة على إنجاح المرحلة الانتقالية باليمن، كانت تقلل من شأن تحركات الحوثي المسلحة، مما أنتج تصوراً لدى تلك الدول ومنها الولايات المتحدة، بأن الحوثيين ليسوا خطراً على الدولة اليمنية"، على حد قوله.
وتوقع المودع، تصاعد الخلافات بين حكومة واشنطن مع جماعة الحوثي، خلال الفترة المقبلة، نتيجة تزايد التعقيدات التي فرضتها الجماعة في المشهد العام بالبلاد، فضلاً عن انهيار العملية السياسية.
تدخل سافر
من جانبه، اتهم القيادي في جماعة الحوثي علي القحوم الولايات المتحدة بـ"التدخل في شؤون اليمن الداخلية"، مؤكداً رفضه لمثل "هكذا تدخلات"، بحسب تعبيره.
وقال القحوم على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إن "تصريح السفير الأمريكي في صنعاء، أمر مرفوض، لكونه تدخلاً سافراً في الشأن اليمني، الذي يرفضه كافة أبناء الشعب"، وفق قوله.
واعتبر القيادي الحوثي تصريح "ماثيو تولر" أنه تخطٍ للعرف الدبلوماسي، مطالباً إياه باحترام إرادة الشعب اليمني، الذي أسقط قوى الفساد والعمالة والإجرام، وأسقط معها الهيمنة والوصاية الخارجية في 21 من أيلول/ سبتمبر الماضي" في إشارة إلى اجتياح مسلحي الحوثي للعاصمة صنعاء.
موقف متقدم
في سياق متصل، أكد الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أن "تصريحات السفير الأمريكي بصنعاء، فرضته تحديات المرحلة الراهنة، حيث تواجه الحكومة اليمنية مشكلة حقيقية في تأمين الموارد المالية لصرف أجور ومرتبات موظفيها، فضلاً عن عجزها تأمين نفقات التشغيل نتيجة عدم استفادتها من عوائد الفوارق السعرية لقرار رفع الدعم عن الوقود، واستمرار ضرب البنية التحتية في مختلف القطاعات، الذي ضاعف مخاطر الانهيار الاقتصادي للبلاد".
وقال لــ"عربي21" إن "واشنطن، تدرك جيداً، أن انحيازها لميليشيا محسوبة على إيران، يعمق مخاوف حلفائها التقليديين في منطقة الجزيرة العربية والخليج، من سياسة تمكين خصم مذهبي من التحكم بخاصرة دول تحتفظ الولايات المتحدة فيها بمصالح كبيرة، لا يمكن المجازفة بها"، على حد وصفه.
وأشار التميمي إلى أن "إدارة أوباما، لا تشعر بحساسية من نفوذ الحوثيين باليمن، إلا أن حديث "ماثيو تولر" سفير واشنطن في صنعاء شديد اللهجة، بشأن استمرار احتلال مسلحي الحوثي لمؤسسات الدولة في العاصمة اليمنية جاء متقدماً؛ ومواتياً لموقف القمة الخليجية التي عقدت في الدوحة، من اعتبار الحوثي أحد الأسباب الرئيسية لما آلت إليه البلاد من وضع مالي واقتصادي حرج"، وفق تعبيره.
يشار إلى أن السفير الأمريكي في صنعاء، قال: إن "بقاء الحوثيين في مؤسسات الدولة يضعف الاقتصاد الوطني"، مشيراً إلى أن عدداً من المؤسسات الأجنبية عزفت عن الاستثمارات في اليمن بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى، محذراً الحوثي بمزيد من العقوبات الدولية إذا استمر باستخدام القوة العسكرية.