أثار قرار السلطات الموريتانية توحيد خطب الجمعة في عموم البلاد جدلاً واسعاً، بين من اعتبره خطوة مهمة لضبط هذا المجال، ومن رأى في ذلك مقدمات لقرارات قادمة، كما قلل عدد من الأئمة والحقوقيين من تأثير توحيد الخطب، معتبرين أنه من الصعب على أئمة المساجد التقيد بالأوامر الجديدة.
وكانت الحكومة الموريتانية أعلنت أمس الخميس، عن قرار بتوحيد خطب الجمعة في عموم مساجد البلاد.
وقال وزير الشؤون الإسلامية أحمد
ولد أهل دواد، اليوم الجمعة إن "الخطب ستكون موحدة في عموم
موريتانيا، وستكون موجهة للقضايا الأساسية التي تهدد البلد، والواجب القضاء عليها، ومن بينها قضية مخلفات الرق في البلاد، التي خصت لها خطبة اليوم وستخصص لها خطب أخرى خلال الأسابيع القادمة".
لن يمر القرار
من جهته، قال موسى ولد أعمر وهو إمام مسجد بالعاصمة نواكشوط في تصريح لـ"عربي21"، إن القرار كان مرتجلاً، وإن تطبيقه سيواجه صعوبات كبيرة وقد يتلاشى في وقت قريب.
وقال الإمام ولد أعمر، إن العارف بالواقع الموريتاني، يدرك أنه يستحيل نقل تجارب توحيد خطب الجمعة إلى موريتانيا، مضيفاً أن الخطبة الموحدة اليوم لم تصل لأغلب مساجد العاصمة، وإن الأئمة غير متحمسين في العموم للفكرة التي تريد السلطات فرضها.
أما المتحدث باسم حركة (إيرا) المدافعة عن قضايا الاسترقاق والعبيد بموريتانيا، حمادي ولد أحبوس فقد رحب بالخطوة، معتبراً أنها مهمة في حد ذاتها، لكنه استبعد في تصريح لـ"عربي21" أن يستجيب الأئمة لها.
وأضاف أن مفتي البلاد نفسه إمام الجامع الكبير أحمد ولد حبيب الرحمن، لم يتقيد بالخطبة التي وزعت على الأئمة اليوم.
وقال ولد أحبوس، إن خطاب بعض أئمة المساجد في البلاد مثير للفتن، معتبراً أن استهداف حركته خلال خطب سابقة لبعض الأئمة، يجعلها لا تعول كثيراً على هؤلاء في هذا المجال.
الهدف حصار المنابر
أما الصحفي أحمد ولد سيد الأمين فقد اعتبر أن القرار مقدمة لفرض رقابة على المساجد، مضيفاً أن تخصيص
خطبة الجمعة اليوم لموضوع الاسترقاق مجرد بداية.
وقال ولد سيد الأمين في حديث لـ"عربي21" إن الهدف ليس مواجهة الاستقرار، بل التحضير لفرض حصار على المنابر وجعلها تابعة في مجملها لقرار السلطة تأتمر بأمرها وتنتهي بنهيها.
وأضاف: "سنشهد في الخطب القادمة إشادة بإنجازات الرئيس وتحذيرات من التظاهر، وغير ذلك، إنها خطوة أولى في طريق تكميم الأفواه" حسب تعبيره.
وعرفت موريتانيا محاولة من نظام الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطائع تهدف إلى توحيد الخطب، كما سبق لنظام ولد عبد العزيز أن وزع خطبة موحدة إبان الثورات العربية 2011، تهدف إلى إخماد الحراك الذي دعا إليه بعض الشباب الموريتاني 25 فبراير 2011.
ولقيت الخطبة الموحدة التي وزعتها وزارة الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي في موريتانيا على الأئمة اليوم الجمعة تجاوباً محدوداً، حيث تجاهلها العديد من أئمة المساجد الكبرى في قلب العاصمة، بينما اعتذر آخرون عنها، وإن اختار بعضهم الحديث في الموضوع الذي حددته الوزارة، دون الالتزام بنص الخطبة المكتوبة.