استهجن قياديان في حركة
النهضة التونسية "دعوات إقصائها" عن مفاوضات تشكيل
الحكومة الجديدة.
وقال عضو مجلس شورى "النهضة" والوزير السابق في حكومة الترويكا، عبد اللطيف المكّي، إن "قيادات محسوبة على تيار اليسار الاستئصالي، موزّعة على أحزاب مختلفة، ستظلّ تدعو حتى آخر لحظة قبل تشكيل الحكومة، إلى استبعاد حركة النهضة من المشاورات".
موقف استراتيجي
وأضاف المكّي لـ"عربي21" أنّ "ما يقوم به الماركسيون نابع عن موقف إستراتيجي منذ أكثر 30 سنة، حيث تواطأوا مع نظام بن علي في بداية التسعينيات من القرن الماضي للزجّ بالإسلاميين في السجون من منطلقات أيدولوجية"، مشيرا إلى أنهم يحاولون إعادة تجسيد تلك المرحلة في المشهد السياسي اليوم.
وأكد أن "بعض الأصوات اليسارية كانت تُغرّد داخل وخارج حزب التجمّع المنحلّ من أجل ضرب الإسلاميين"، لافتا إلى أن الأصوات ذاتها "تحاول قصارى جهدها أن تضع حركة النهضة في الزاوية، وأن تقصيها عن مفاوضات تشكيل الحكومة القادمة".
وقال المكي إنه اقترح إجراء حوار إستراتيجي من أجل المصالحة "لأن موقف الاستئصال لا يمكنه إقصاء النهضة من الساحة"، معتبرا أن "الديمقراطية الحقيقية هي أن تقبل كل الأطراف ببعضها؛ مبدئيا، وفكريا، ووجدانيا".
"النهضة" غير متلهفة
من جانبه قال القيادي بـ"النهضة" الصحبي عتيق، إن "اليسار الاستئصالي موزّع على عدد من منظّمات المجتمع المدني، ولا يقدّم مُمثّلوه برامج تُناظر برامج حركة النهضة، بل يُحرّضون ويدعون إلى إقصاء حزبنا ونبذ الإسلاميين".
وأضاف عتيق لـ"عربي21" أن "النهضة ليست متلهّفة على السلطة، ومع أنها مهتمة بالانضمام إلى حكومة حبيب الصّيد، إلا أنها في الوقت ذاته ستكون قوّة بنّاءة إذا ما وجدت نفسها في المعارضة"، مُشيرا إلى أنّ الحركة "لم تتلقَّ إلى اليوم عرضا رسميا من رئيس الحكومة المكلّف للمشاركة في الحكم".
وتوالت التصريحات المطالبة باستبعاد حركة النهضة من مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة، حيث قال الأمين العام لحزب "المسار" اليساري الذي لم يحقّق أيّ مقعد في البرلمان، سمير الطيب، إنه يرفض المشاركة في حكومة تكون "النهضة" طرفا فيها.
وأضاف في تصريح صحفي، أن مشاركة "النهضة" في الحكومة "سيسبب خسارة للعديد من الكفاءات الوطنية التي ترفض العمل معها"، على حد قوله.
خيانة للناخبين
واعتبر الأمين العام المنسّق للجبهة الوطنية، التوهامي العبدولي، في تصريح صحفي، أن "الأحزاب التي ساندت الباجي قايد
السبسي في حملته الرئاسية؛ ترفض مشاركة النهضة في هذه الحكومة"، معتبرا إشراكها "خيانة للناخبين"، حسب قوله.
وقال قيادي في حزب "نداء تونس"، إننا "لن نترك النهضة تعود من الشبّاك بعد طردها من الباب، مهما كان الثمن"، مضيفا أن "من صالحها مساندة الحكومة القادمة التي ستكون خارجها".
وكتب النائب عن "
النداء" عبد العزيز القُطّي على صفحته الرسمية في "فيسبوك": "تصريح رئيس مجلس الشورى فتحي العيادي حول قرار قبول المشاركة في الحكومة، وتحييد وزارات السيادة، هو تطاول على إرادة الشعب التونسي، واستهزاء بنتائج الانتخابات".
وتابع: "مَن تحمّل مسؤولية الدفاع عن الإسلام السياسي، ومَن حاول أخونة تونس واعتبارها مخبرا لتمرير مشروعهم الإخواني، لا يمكن له أن يكون مشاركا في نحت المرحلة القادمة".
استقراء الغنوشي
وفي السياق نفسه؛ قالت صحيفة "الشروق" التونسية، أمس الاثنين، إن زعيم النهضة راشد
الغنّوشي يعتبر أنّ المرحلة القادمة "ستضرّ كثيرا بالأحزاب السياسية التي ستشارك في الحكم، نظرا للصعوبات الاقتصادية والأمنية المنتظرة".
وأضافت الصحيفة تحت عنوان "من تسريبات شورى النهضة"، أن "الغنّوشي استقرأ خفايا عدم ترشيح الباجي قائد السبسي قياديا من النداء لرئاسة الحكومة، معتبرا أن الأفضل للحركة التواجد في المعارضة مع بعض من التطمينات، وفي أقصى الحالات إشراك وجوه مقبولة من الطيف السياسي والمجتمع المدني، ومن بينها الناطقان الرسميان للحركة ولمجلس الشورى زياد العذاري وأسامة الصغيّر".
وكان حزب الأغلبية البرلمانية "نداء تونس"، قد قدّم قبل أسبوع إلى الرئيس الباجي قايد السبسي، مرشحه الحبيب الصيد لرئاسة الحكومة المقبلة، وتم تكليفه إثرها بتشكيل حكومته.
ووفقا للدستور التونسي؛ يتعين على الصيد تشكيل حكومته خلال شهر قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها.
واحتلت حركة النهضة المرتبة الثانية في نتائج الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بـ69 نائبا، بعد تقدم حركة نداء تونس عليها بـ86 نائبا، فيما حصل الاتحاد الوطني الحر على 16 مقعدا، وحلّت الجبهة الشعبية رابعا بـ15 مقعدا، من إجمالي عدد المقاعد البالغ 217 مقعدا.