حول النظام
المصري قطاع غزة إلى سجن كبير، ومعبر
رفح إلى بوابته، حيث ينتظر الفلسطينيون في قطاع غزة فتح المنفذ على الجانب المصري كمن ينتظر فتح باب السجن له للعبور إلى العالم الآخر، فهو مغلق طوال الوقت ولا يتم فتحه إلا بعد حين تحت دواعي واهية وحجج هشة، بحسب كثير من العالقين الفلسطينيين والحقوقيين والسياسيين،.
وقد عادت السلطات المصرية إلى إغلاق المعبر الحدودي، الجمعة، بعد فتحه لمدة ثلاثة أيام تكدس آلاف العالقين وذوي الحاجة ولم يسمح بعبور إلا القليل منهم ممن أصابهم الدور أو الحظ.
ورغم أن معبر رفح المنفذ الوحيد إلى العالم بالنسبة لسكان قطاع غزة، فإن مصر قيدت عدد المسافرين من 1200 يومياً إلى 300 فقط عقب الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو / حزيران 2013.
ويقول اللواء عادل سليمان، الخبير العسكري ومدير مركز الحوار الاستراتيجي إن "مدينة رفح قبل تقسيمها بين الجانبين المصري والفلسطيني، كانت تعد بوابة مصر الشرقية والأزلية حتى الاحتلال الإسرائيلي لها عام 1967 ولشبه جزيرة سيناء ثم انسحابه من قطاع غزة عام 2005، وتوقيع اتفاقية المعابر لتشغيل معبر رفح وفق آليات معينة اختلت عقب انسحاب السلطة الفلسطينية منه، وبالتالي تم إغلاقه لأجل غير مسمى".
ليس لها ضوابط منذ مبارك
وأضاف "سليمان" في حديث لـ"عربي 21" أنه " لا توجد قواعد حاكمة لفتح معبر رفح، فهي مرتبطة بالترتيبات بين الطرفين المصري والفلسطيني وبظروف الجانبين، ولم تكن له ضوابط منذ عهد مبارك وحتى اليوم".
إلا أن سليمان حمل الجانب الفلسطيني مسؤولية استمرار إغلاق المعبر بسبب الخلافات المتأزمة بين السلطة الفلسطينية من جهة وحركة حماس من جهة أخرى، داعياً إلى ضرورة الاتفاق فيما بينهما وقال :" لو اتفق الجانبان على آلية لعمل المعبر ستنتظم الحركة عليه دون أدنى شك".
نظرة أمنية متشددة ومتخوفة
من جهته قال المدير الأسبق لمركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة، اللواء علاء عز الدين، إن السلطات المصرية تنظر إلى معبر رفح نظرة أمنية متشددة ومتخوفة في آن واحد، بدعوى أنه ليس تحت سيطرة سلطة شرعية، وبسبب تردي الحالة الأمنية في سيناء واستهداف قوات الجيش والشرطة، وهو ما ذهب إليه.
وأضاف في حديثه لـ"عربي 21" إنه "يجب النظر إلى أي معبر حدودي نظرة أمنية، أو حتى أي ميناء داخلي سواء جوي أو بحري كالمطارات والموانئ لحساسية تلك المواقع وارتباطها بالأمن القومي المصري"، واستبعد أن تكون السلطات المصرية تستخدم منفذ رفح كورقة ضغط على حركة حماس.
وأشار إلى أن " مصر لن تساعد إسرائيل في زيادة معاناة الفلسطينيين، وليس هناك نوع من العقاب كما يتوهم البعض للشعب الفلسطيني في القطاع، إلا أن كل ما هناك هو تنظيم حركة المرور إدارياً وأمنياً، وترشيد الإنفاق الاقتصادي بسبب قلة العابرين، وعدم تحمل الدولة نفقات فتحه طوال أيام الأسبوع".
الخلاف السياسي بين مصر وحماس
على الجانب الآخر يرى بعض الباحثين أن التعامل مع معبر رفح يتم على أسس إقليمية، وليس على ما يحدث في مصر بهدف إحكام الحصار على قطاع غزة.
ويقول الباحث في معهد الدراسات حول العالم الإسلامي والعربي بجامعة مرسيليا الدكتور طارق المرسي إنه "لا يجوز تعميم العقوبة طبقاً للشرائع السماوية والقوانين الإنسانية، فلقد تم الزج بمعبر رفح وآلام ومصالح الفلسطينيين في الخلاف السياسي سواء بين مصر وحركة حماس، أو مع السلطة الفلسطينية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي 21" أن "إغلاق معبر رفح لا يتم لأسباب حقيقية، وهو ضد مصالح الأمن القومي؛ فغزة تمثل البعد الاستراتيجي لمصر، ويجب تقوية شوكة الجانب الآخر فيه لا إضعافها، وليس للمطرود من حركة فتح محمد دحلان أو رئيس السلطة الفلسطينية دور في فتحه في أي وقت من الأوقات".
وأشار إلى "أن الأمن في سيناء كان مستتب لحد كبير طوال عهد الرئيس محمد مرسي وظل المعبر مفتوحاً ولم يعكر صفو الأجواء بين الجانبين أية حادثة تذكر، إلا أن النظام الذي يتغاضى عن آلاف المعتقلين داخل السجون ويمارس بحقهم التعذيب لن يبالي بسكان قطاع غزة ولا معاناتهم".
خطوة إيجابية..لكن غير كافية
بدوره اعتبر التيار المصري أن فتح المعبر الأيام الماضية خطوة إيجابية ولكنها غير كافية، وطالب عضو الهيئة السياسية العليا محمد القصاص في حديث لـ"عربي 21 :" بضرورة فتح معبر رفح بشكل دائم ومستمر وغير مشروط، وعلى مصر مساعدة الشعب الفلسطيني في تخفيف المعاناة التي تسبب فيها الاحتلال الإسرائيلي والحصار المتواصل، فمعبر غزة هو رئة الفلسطينيين".
وأكد القصاص أن "استمرار فتحه سيكون الضامن الوحيد لعدم وجود أنفاق بين البلدين، وسوف يسهم في استقرار أمن سيناء إذا كانت السلطة تسعى فعلاً إلى بسط الأمن والاستقرار في المنطقة كما تدعي".
تشديد الرقابة وتأمينه
على المستوى الحقوقي تولي بعض المنظمات العربية والدولية اهتماماً كبيراً بمعبر رفح، وتدعو السلطات المصرية إلى تركه مفتوحاً لعبور الفلسطينيين، خاصة بعد أن أصبح هو المعبر الوحيد الآمن مع العالم الخارجي.
ويرى رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محمد ذارع أنه لا يجوز تبرير النظرة الأمنية لمعبر رفح بإغلاقه، بل بتشديد الرقابة عليه وتأمينه، مؤكداً أن الدولة المصرية أصبح لديها تخوفات كبيرة أصبحت جزءاً من قناعتها السياسية.
وقال في حديث لـ"عربي 21" إنه يجب أن تكون التخوفات في حدود المعقول فلا يجب أن يدفعني الخوف من شخص إلى قتله، ولا بد من وجود توازن بين المخاوف ومصالح الناس، وفي النهاية لا يمكن التخلي عن واجبنا تجاه القضية الفلسطينية ودورنا في تخفيف معاناة أشقائنا".