تظاهر عشرات الآلاف من
اليمنيين السبت، في مختلف محافظات البلاد، رفضاً لما أسموه "انقلاب الحوثيين على مؤسسات الدولة الشرعية"، وجاب الآلاف شوارع العاصمة صنعاء، في مسيرة حاشدة، رفعت شعارات مناوئة لجماعة الحوثي، وسط هتافات "يسقط يسقط حكم الحوثي".
ورشق المتظاهرون سيارات تابعة لجماعة الحوثي في ساحة التغيير بصنعاء، بالحجارة والأحذية، في مشهد يعكس ذروة الرفض الشعبي لهم، وفقاً لمراقبين.
وفي الوقت ذاته، نظم الآلاف من أبناء مدينة تعز جنوب اليمن، مسيرة حاشدة السبت، رفضاً للانقلاب الحوثي، مشددين على "المضي في العمل الثوري ضد همجية المليشيات الحوثية".
ورفع المتظاهرون شعارات تتهم الحوثيين، بالسعي الى إعادة نظام الرئيس المخلوع
علي صالح، ونددوا بالإرهاب الذي تمارسه المليشيات الحوثية بحق المواطنين في مختلف المحافظات اليمنية منذ أيلول/سبتمبر من العام الماضي.
وأثارت عودة حركة الشارع اليمني في مشهد ثوري، يسبق ذكرى ثورة 11 فبراير التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في 2011، تساؤلات مهمة حول قدرة شباب الثورة على ضبط إيقاع المسار السياسي الذي يحكمه الفراغ، عقب استقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وحكومته، الخميس الماضي، وإشعال ثورة ضد الحوثي.
التعويل على الشباب بعيدا عن النخب
من جهته، يعتقد الصحفي والناشط في الثورة اليمنية مأرب الورد، أن "عودة حركة الشارع بقوة في ثلاث مدن يمنية (إب وتعز وصنعاء) وما تشكله من ثقل سكاني وسياسي، يعد مؤشرا على أن حركة الرفض المجتمعي ستكبر وستتمدد إلى مدن أخرى، وستأخذ أشكالا عدة للاحتجاج، منها التظاهر والاعتصام".
وقال لــ"عربي21"، إن "العام الجاري سيكون عاما حافلاً بتوالد الحركات الشبابية الرافضة للانقلاب الحوثي، وهيمنتهم على الدولة والعملية السياسية بقوة السلاح، وشباب الثورة قادرون على كسر حاجز الخوف والصمت والخنوع، في ظل الفراغ السياسي الذي يشهده اليمن بعد استقالة الرئيس هادي وحكومته الخميس الماضي".
وأشار الورد الى أنه "لا تعويل إلا على الشباب لقيادة الحراك بعد صمت ورضوخ القوى السياسية والدولة لسلطة الأمر الواقع، ممثلة بالحوثيين"، منوهاً إلى أن "شباب اليمن سيعيدون.. ثورة 11 فبراير مرة أخرى، وستأتي ذكراها هذا العام، وهناك جبهة صلبة واسعة في الشارع في مشهد ثوري سلمي يجسد الرفض الشعبي لممارسات مليشيات الحوثي".
وأوضح الورد أن "الشباب اليمني ليس لديهم ما يخسرونه، كالنخبة السياسية التي لديها حسابات لم تتحرر منها، رغم مرور أربعة أعوام على التغيير"، مشددا على أنهم لا يمكنهم القبول بإنهاء أحلامهم وتطلعاتهم ببناء دولة المواطنة والعدالة، من قبل "مليشيا مسلحة، لا تؤمن إلا بالقوة ولا تعترف بحق الشعب في اختيار حكامه بملء إرادته"، وفق تعبيره.
قادرون على إشعال الثورة الثانية
من ناحيته، أكد الناشط في ثورة 11 فبراير، فخر العزب، أنه "من الطبيعي وجود ثورة مضادة لثورة 11 فبراير، خصوصاً إذا ما تذكرنا إرث النظام السابق الممتد لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن".
وأضاف لــ"عربي21" أنه "لا شك أن شباب
ثورة فبراير، اليوم أكثر معرفة بفلسفة الثورات، بعدما استفادوا من أخطاء الثورة السابقة". وطالب العزب الشباب بــ"العمل على بلورة مشروع حامل للثورة الجديدة تجعلهم على دراية بمن هم؟ وأين هم الآن؟ وما هي وجهتهم؟".
ورأى العزب أن من أسباب انكسار ثورة فبراير، "أنها كانت عفوية وبلا مشروع، فضلاً عن افتقادها للقيادة الموحدة، ما جعل الثوار يتوهون في منتصف الطريق، ويسلمون الراية للسياسيين الذين لم يكونوا يبحثون عن تغيير جذري بقدر ما كان هدفهم إحداث إصلاح سياسي في البنية السياسية لنظام صالح، الذي سرعان ما استعاد عافيته من خلال تحالفه مع الحوثيين، وعاد للواجهة مجدداً".
ولفت الناشط العزب إلى أن "مزايا ثورة فبراير، أنها كسرت حاجز الخوف لدى جميع أطياف الشعب اليمني، وهذا يمنحهم الأمل، بالإمساك بزمام المبادرة من جديد، وإشعال الثورة الثانية ضد الانقلاب الحوثي"، حسب وصفه.
الثورة خيار استراتيجي
من جهة أخرى، قال أمين عام حركة "رفض" الشبابية أحمد هزاع، إن "ثورة الشباب اليمني ستظل حاضرة في أذهان كل اليمنيين، يستلهمون منها الدروس والعبر، بل وستظل خيارا استراتيجياً لاستعادة مؤسسات الدولة التي جرى الانقلاب عليها من قبل الحوثيين".
وأكد هزاع في حديث لــ"عربي21" أن حركة "رفض" الشبابية، التي تقود اليوم حركة الاحتجاجات ضد الحوثيين، دعت الرئيس اليمني المستقيل بالإضافة إلى كل القوى السياسية، للانضمام إلى الثورة اليمنية، "للعمل سوياً على تصحيح مسار الانتقال السياسي، بما يلبي طموحات كل أبناء اليمن، شمالاً وجنوباً".
ونوه هزاع إلى أن "الأيام المقبلة، ستشهد ذروة العمل الثوري الاحتجاجي ضد الحوثيين"، مشددا على أن "خياراتهم مفتوحة، وأن العودة إلى مخيمات الاعتصام في مختلف المدن اليمنية أحد هذه الخيارات".
وعبر أمين عام حركة "رفض" أنهم "متمسكون بخارطة التقسيم الفدرالي للبلاد من ستة أقاليم (أربعة في الشمال واثنين في الجنوب) بناءً على مقررات مؤتمر الحوار الوطني المنتهي في كانون الثاني/ يناير مطلع 2014، والذي انقلب عليه
الحوثيون".
ولفت هزاع إلى أنهم "حالياً، يعملون على إدماج إقليم الجند الذي يضم محافظتي إب وتعز شرق وجنوب اليمن، مع إقليم سبأ الذي يتكون من البيضاء ومأرب والجوف شرق ووسط البلاد، لإسقاط توجهات الحوثي الرامية لإعادة رسم خارطة اليمن وفقاً لأجنداته الخاصة".
وتعيش اليمن حالة من الفراغ الحكومي، جراء استقالة الرئيس اليمني وحكومته الخميس الماضي تحت ضغوط جماعة الحوثي، وسط مخاوف من انزلاق البلاد نحو أتون الصراع الأهلي والطائفي.