اندلعت
اشتباكات بين جبهة
النصرة وحركة
حزم في ريف
حلب الغربي، وامتدت الاشتباكات لاحقاً إلى مواقع الحركة عند معبر باب الهوى في إدلب، في حين تعهدت جبهة النصرة بالاستمرار في حملتها على الحركة بحجة "محاربة المفسدين" بعد سيطرتها على مقرات للحركة في معسكر سليمان.
ورغم تدخل الفصائل الأخرى لتهدئة الأوضاع، فقد استمرت الاشتباكات الجمعة في مناطق عدة، بينها محيط بلدة كفرنوران والمهندسين الغربي ومنطقة الشيخ علي في الريف الغربي. وكانت الاشتباكات قد اندلعت الخميس في محيط بلدتي الأتارب وأورم.
وترتبط حركة حزم بجبهة ثوار سوريا التي يقودها جمال معروف. وسبق أن سيطرت النصرة على موقع جبهة ثوار سوريا في جبل الزاوية في ريف إدلب الشهر الماضي، وأجبرت (معروف) على الفرار إلى تركيا.
وبدأت الاشتباكات حينما هاجمت النصرة مواقع وحواجز لحركة حزم في قرية الشيخ سليمان قرب الأتارب، وحين تصدى لها عناصر حزم قام مقاتلو "النصرة" بمحاصرة القرية ونصبوا حواجزهم على الطرقات.
وبررت جبهة النصرة هجومها على حزم بأن عناصر الحركة احتجزوا اثنين من عناصر الجبهة كانا في طريقهما إلى بيتيهما "ليستريحا بها بعد رباط طويل". وقالت "النصرة" في بيان أصدرته الخميس: "بعد الاعتداء الأخير باعتقال اثنين من الإخوة (..) وصلت الجبهة لنهاية كل الطرق". وأضافت: "بعدما رأت الجبهة فشل كل المفاوضات، وعودة الوفود وما معهم إلا الوعود، فإن الجبهة ستسلك الطريق الأخير لفك أسر جنودها" حسب البيان.
لكن "حزم" نفت احتجاز أي من عناصر "النصرة"، علماً بأن الحركة كانت قد اتهمت الشهر الماضي جبهة النصرة باحتجاز أحد قياداتها مع ثلاثة من عناصره، قالت إنهم كانوا في طريقهم لنقل الذخيرة والتموين للجبهات في حلب، وحمّلت "النصرة" مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع إن لم يتم إطلاق سراحهم.
وعادت الجبهة الجمعة لتصدر بياناً أعلنت فيه "استرداد (مواقعها) في معسكر سليمان بعدما سلبتها حركة حزم غدراً لما يقارب الثلاثة شهور". وبررت الجبهة هجومها على المعسكر بـ"فك أسر أربعة من جند جبهة النصرة وبعض المدنيين كانت حزم قد اعتقلتهم ولم تطلق سراحهم".
كما اتهمت الجبهة الحركة بأنها "ردت بقصف القرى التي توجد فيه الجبهة بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابات بين المدنيين في قريتي الشيخ علي والسحارة".
وتعهدت جبهة النصرة في بيانها بالاستمرار في ما أسمتها "محاربة المفسدين ورفع ظلمهم عن المظلومين"، داعية "جميع الفصائل الصادقة إلى الاستمرار في نهج محاربة المفسدين بشكل جماعي كما حدث في ريف حلب الشمالي" حسب تعبير بيان جبهة النصرة.
وفي بيان آخر شديد اللهجة، أعلنت النصرة الحرب على حركة حزم، كما حذرت "كل من يقف معهم بمحاربته فهو عندنا في حكم المرتد عن دين الله". واتهمت النصرة الحركة بالإصرار "على البغي علينا واعتدائهم على أهالي حلب والإفساد في الأرض"، وأنهم رفضوا "الخضوع لشرع الله" بعد "قتلهم البارحة سبعة من خيرة المجاهدين كانوا على جبهات الرباط".
وقال مسؤول من حركة حزم لوكالة رويترز إن الاشتباكات امتدت إلى إدلب، وإن حركته استعادت بعض المناطق التي سبق أن سيطرت عليها النصرة. وأضاف: "يدور قتال الآن في إدلب في منطقة جبل الزاوية". وذكر أن المجموعتين تتقاتلان أيضاً في بلدة الأتارب الواقعة في محافظة حلب على بعد 20 كيلومتراً من الحدود مع تركيا.
كما قالت حركة حزم في بيان: "هاجمت ما تسمى جبهة النصرة مقرات الحركة وحواجزها في الريف الغربي، مختبئة خلف بيان صادر عنها يشهد على زيفه وبهتانه من يطلع على ما جرى خلال الشهور الماضية على الأرض".
وتابع البيان: "نحن في حركة حزم مصممون على الدفاع عن أنفسنا حتى آخر قطرة من دمائنا ضد أي باغ علينا حتى يفيئوا إلى أمر الله"، متحدثاً عن "استنفاد الطرق السلمية كافة مع هؤلاء البغاة". وأضاف: "فكر التكفير والغلو الذي ينتهجه أمراء هذه الجبهة، والذي يكفر كل من يخالفهم بالرأي؛ يمنعهم من الامتثال إلى حل يجنب المسلمين مزيدا للدماء".
ودعت الحركة "الفصائل الضامنة لاتفاق الهدنة السابق الذي يقضي بتحييد حلب عن الصراع -نظراً لخطورة الوضع هناك- لتحمل مسؤولياتهم، وإلا سنضطر إلى سحب مقاتلينا من نقاط الرباط كافة على جبهات حلب؛ للحفاظ على أرواح مجاهدينا ومقرات الحركة من غدر أي باغ".
وحاولت "الجبهة الشامية" التي تضم كبرى المجموعات المقاتلة في شمال سوريا، وبينها "الجبهة الإسلامية"، التدخل للفصل بين الجانبين، كما قامت الجبهة الشامية بإرسال عناصرها للفصل بين مواقع الجانبين في ريف حلب الغربي، لا سيما في محيط الفوج 46 في الأتارب "حقناً للدماء". ودعت "الجبهة الشامية" في بيان؛ إلى "وقف إطلاق النار (فوراً) فيما بينهما، وتسليم حواجزهما إلى الجبهة الشامية حتى انتهاء الأزمة، والاحتكام لشرع الله تعالى، والقبول بمحكمة مستقلة لحل جميع الأمور العالقة بينهما".
وطالبت الجبهة الشامية في بيانها الذي وقعه القائد العام للجبهة عبد العزيز سلامة؛ بـ"توجيه السلاح نحو النظام المجرم، وعدم إعطائه فرصة الانقضاض على ثورة الشعب السورية"، محملة "المسؤولية الكاملة للطرف الذي يسعى للتصعيد في هذا النزاع".
لكن حركة حزم أصدرت بياناً الجمعة انتقدت فيه مواقف الجبهة الشامية والجبهة الإسلامية، وقالت "إننا نرجو من هذه الفصائل أن تتقي الله"، معتبرة أن الأولى "بقوات الفصل أن تبدأ من المهاجم وليس من المدافع".
كما أصدرت حركة "أحرار الشام الإسلامية" و"ألوية صقور الشام" بياناً مشتركاً عبرتا فيه عن أسفهما إزاء الاقتتال بين جبهة النصرة وحركة حزم. كما أعلن البيان "الاستنفار الكامل لمجاهدينا في الشمال (..) وإننا سنسعى للصلح بين الطرفين ومنع انتقال التوتر لمناطق جديدة". ودعا البيان الطرفين للجوء إلى "محكمة شرعية مستقلة تعيد الحق للمظلوم"، مؤكداً استعداد الفصيلين لـ"جلب الحقوق التي ادعاها الإخوة في النصرة على حركة حزم".
وخرجت مظاهرات في مناطق متفرقة في حلب لرفض القتال بين الجانبين، كما أصدرت اتحادات ثورية بيانات ترفض فيه هذا الاقتتال.
وجاء في بيان مشترك لـ"اتحاد ثوار حلب" و"مجلس ثوار حلب": "إننا كهيئات تمثل الحراك الثوري في حلب، ندين هذه المعارك ونعتبرها تطوراً يخدم أعداء الثورة ويصب في صالحهم، وترى فيها استهتاراً بالثورة وتضحياتها". ودعا البيان إلى التدخل العاجل من جانب الفصائل الأخرى، "وتوجيه السلاح ضد النظام وأعداء الثورة".