رأى مراقبون سياسيون أن إعلان رجل الأعمال وأمين لجنة السياسات بالحزب الوطني المنحل أحمد عز ترشحه الأحد لخوض الانتخابات البرلمانية المزمعة، عن دائرة السادات بمحافظة المنوفية، بمثابة مسمار جديد في نعش تحالف 30 حزيران/ يونيو 2013، الذي أسقط حكم أول رئيس منتخب ديمقراطيا بعد ثورة.
وتلقى حزبيون وسياسيون وقوى شبابية وحزبية داعمة لانقلاب 3 تموز/ يوليو نبأ ترشح عز بالغضب والرفض، محذرين من إنتاج برلمان جديد فاشل، على شاكلة برلمان 2010، يتمكن فيه عز بنفوذه من أن يشكل كتلة برلمانية تتحكم في تشكيل الحكومات، وسن القوانين، ومستقبل البلاد.
وقال المراقبون إن نجاح عز فى الانتخابات مسألة مضمونة، لا سيما أن الدائرة التى سيمثلها تضم مصانعه واستثماراته، مشيرين إلى أنه استغل الثغرة القانونية التي تقول إنه بريء حتى تفصل المحكمة في القضايا التي هو على ذمتها حاليا.
وتم قبول أوراق عز من قِبل اللجنة العليا للانتخابات بمحكمة المنوفية الأحد، وحصل على رمز السيارة لخوضها.
وتجمع العشرات أمام محكمة شبين الكوم بالمنوفية، ، اعتراضا على تقديم عز أوراق ترشحه، رافعين لافتات تتهم الحزب الوطني المنحل بتخريب البلاد، وتقول: "لا للفلول"، مرددين: "لا للفلول.. وتحيا
مصر".
وبحسب وكالة رويترز، قال أحد المشاركين في الوقفة: "ترشح عز يعني عودة الحزب الوطني من جديد إلى الساحة، وهو ما ترفضه القوى السياسية والشعبية بالمحافظة، وستعمل على أن تقف ضده".
وكان عز أمينا للتنظيم في الحزب الوطني الديمقراطي الذي حكم مصر في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك ثم حل بحكم محكمة بعد ثورة 2011، وأُلقي القبض عليه بعد الثورة في قضايا فساد، وصدر ضده أكثر من حكم بالسجن لكن محكمة النقض ألغت سجنه.
ومن جهته، تقدم المحامي سمير صبري، ببلاغ للنائب العام لحرمان عز من الترشح للانتخابات، لضلوعه في إفساد الحياة السياسية، وفق البلاغ.
وقال صبري إنه لا يختلف إثنان على أن فساد أحمد عز سياسيا، وما ترتب على ذلك من آثار، ألحق بمصر أضرارا جسيمة خاصة بعد أن ثبت تزويره لانتخابات مجلس الشعب لعام 2010 حتى يمِكن لكل أعضاء الحزب الوطني الذي قضي بحكم نهائي بات بحله، وانتهت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن هذا الحزب هو الذي أفسد الحياة السياسية في مصر.
وأضاف أن إقدام عز على الترشح يُشكل جريمة من شأنها إفساد الحياة السياسية، بطريق الإضرار بمصلحة البلاد المؤثمة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 344 لسنة 1952 بشأن جريمة إفساد الحياة السياسية المعدل بموجب المادة 1 من المرسوم بقانون رقم 131 لعام 2011، التي سيترتب عليها الحرمان من حق الانتخاب أو الترشح أو الانتماء إلى أي حزب سياسي.
وفي المقابل، أعلن أحمد عز -في بيان أصدره مساء السبت- "انحيازه لضمان تحقيق العدل الذى نصبو إليه جميعا، ووضع الحقيقة والتفاصيل كاملة أمام أبناء بلادنا، مع احترام الرأي والرأي الآخر دون مصادرة"، وذلك حال دخوله البرلمان، وفق وصفه.
ومن جهتها، وصفت المتحدثة باسم حركة تمرد، مها أبو بكر، ترشح عز بأنه "بجاحة"، مضيفة أن العزل الشعبى هو الحل أمام مثل هذه الوجوه، على حد قولها.
وقال منسق حركة 6 إبريل، عمرو على، إن إعلان عز خوضه الانتخابات يُعد استفزازا، وتحديا لإرادة المصريين.
ووصف رئيس تحرير جريدة "الشروق" عماد الدين حسين ترشح عز بأنه يسيء للسيسي والحكومة والأحزاب، بل يسيء للشعب نفسه، خاصة أن المصريين يرون فيه أحد الأسباب الرئيسية في وقوع كوارث كبيرة شهدتها مصر خلال حقبة حكم مبارك"، قائلا إنها "أسوأ دعاية للرئيس"، (قاصدا
السيسي).
وعلق عضو اللجنة العليا لحزب المصريين الأحرار إبراهيم عبد التواب، على ترشح عز بالقول: "على من أفسد الحياة السياسية، ومن شارك في منظومة الحزب الوطني والقيادات ولجنة السياسات، أن يتجنبوا الحياة السياسية تماما، فالشعب ثار عليهم في 25 يناير 2011، ورفض أسلوبهم وفسادهم".
وأعرب رئيس حزب الكرامة، محمد سامي، عن استيائه لعدم تفعيل قانون العدالة الانتقالية مسبقًا، مشيرا إلى أن تجاهله هو الذى جعل "عز"، خارج القضبان الآن.
عن إعلان ترشح أمين تنظيم الوطني المنحل، قال: "إذا لم تستحِ فافعل ما شئت"، مؤكدا أن ظهور أحمد عز من جديد في الحياة السياسية يُعد عِبئا على نفسه.
وهاجم الإعلامي مصطفى بكري، أحمد عز، قائلا: "الجميع يعلم الدور الذي مارسه أحمد عز في عهد الرئيس الأسبق مبارك، وإنه كان طرفا أساسيا في تزوير الانتخابات.. لو كانت هناك محاكمات سياسية لشُنق أحمد عز في ميدان عام".
وقال طارق زيدان، المتحدث باسم تحالف "نداء مصر"، إن إعلان عز ترشحه رسميا لخوض الانتخابات يعني عودة رموز نظام مبارك من جديد بعد ثورة أطاحت بهم، معتبرا أن ترشح عز يمثل عبئا على الحياة السياسية في مصر.
وأكد أنه سينجح بالأموال التي نهبها ورجال الحزب الوطني وسيعملون على شراء الأصوات بتلك الأموال، وأن نجاحه ربما يدفع الشعب للمطالبة بحل البرلمان، مشددا على أنهم لن يكونوا في مجلس واحد به أحمد عز.
واستنكر الإعلامي محمود سعد الترشح قائلا: "هو في شباب قاموا بالثورة، ولا دول كانوا مرتشين وقابضين ومتنيلين بستين نيلة".
وأضاف -خلال برنامجه "آخر النهار" على قناة "النهار"- أن الحزب الوطني المنحل تسبب في خلل اجتماعي وفساد سياسي وإهدار للحقوق والحريات التي كفلها الدستور، وعلى أساس ذلك تم حله بحكم قضائي، متسائلا: بعد هذا الفساد، كيف يرغب أمين تنظيمه في الترشح مرة أخرى للبرلمان؟
ووصف المتحدث باسم حزب التيار الشعبي أحمد كامل ترشح عز بـ"العبث والمسخرة"، محذرا من أن البرلمان المقبل سيكون قريب الشبه بـ"برلمان 2010"، في كل شيء، معتبرا أن الخطأ ليس على أحمد عز، ولكن الدولة هي التي تتحمل الخطأ الأكبر لأنها أتاحت له العودة مرة أخرى للترشح للانتخابات، على حد قوله.
وعلق القيادي بتحالف التيار المدني الديمقراطي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، على ترشح عز، بالقول إن الكثيرين لن يتركوه، وسيفضحون مفاسد من زور الانتخابات البرلمانية في 2010، في إشارة لـ"عز".
وقال الإعلامي نشأت الديهي، إن تدخل أحمد عز سياسيا في انتخابات برلمان 2015 سيشعل في البلد حريقا، مضيفا: "لو دخل في البرلمان سيسقط الأمة كلها".
ولم يقف رفض ترشح عز عند حدود المعارضين، فقد رفض عدد من نواب الحزب الوطنى المنحل عودة أمين التنظيم بالحزب إلى البرلمان المقبل، واصفين إياه بالغباء السياسى، وأنه لا يحق له العودة بعد أن تم إقصاؤه بثورة شعبية.
فقال أمين الحزب الوطنى المنحل بسوهاج، اللواء حازم حمادى: "كان ينبغى عليه أن يبقى بعيدا عن السياسة، لأن هذا ليس زمنه على الإطلاق.. وبالرغم من أن ثورة 30 يونيو دعت إلى عدم الإقصاء، فان ترشح عز سيتسبب فى استعداء كل من شارك فى ثورة 25 يناير، فهذا الرجل لا يحق له العودة إلى البرلمان مرة أخرى بعد أن خرج منه بثورة شعبية".
وكانت الدائرة السادسة بمحكمة جنايات جنوب القاهرة، واصلت الأحد، نظر إعادة محاكمة عز و5 متهمين آخرين، لاتهامهم بالتربح والاستيلاء علي المال العام، والإضرار العمد بالمال العام من خلال استيلائه على أسهم شركة الدخيلة للحديد والصلب بقيمة 5 مليارات جنيه، إذ قررت تأجيل المحاكمة إلى 5 أيار/ مايو المقبل.
وحضر عز وسط حراسة أمنية مشددة إلى مقر محاكمته بدار القضاء العالي مرتديا الزي المدني لكونه مخلى سبيله، لكن تم إيداعه قفص الاتهام وسط حراسة مشددة، حتى انتهت الجلسة.
وسبق لمحكمة النقض أن قضت في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بإلغاء الحكم الصادر من محكمة جنايات القاهرة، التي كانت عاقبت أحمد عز وعمرو عسل، بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، ووزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد التي قضت بمعاقبته "غيابيا"، بالسجن المشدد لمدة 15 عاما.
وأمرت المحكمة بإعادة محاكمة عز وعسل أمام إحدى دوائر محكمة جنايات القاهرة، غير التي أصدرت الحكم بالإدانة.
وأدانت محكمة جنايات القاهرة الثلاثة بارتكاب جرائم التربح دون وجه حق، وإلحاق أضرار بالغة بالمال العام للدولة، وحكمت بتغريم كل من "عز" و"عسل" 660 مليون جنيه، وإلزامهما برد رخصتي الحديد الخاصتين بشركة عز الدخيلة وعز للصلب المسطح، وتغريم رشيد محمد رشيد مليارا و414 مليون جنيه، وإلزامه برد رخصتي الحديد للشركتين ذاتهما، مع عزل كل من "عسل" و"رشيد" من وظيفتيهما.
وتجرى الانتخابات البرلمانية على مرحلتين، تبدأ الأولى خارج مصر يومي 21 و22 آذار/ مارس، وداخلها يومي 22 و23 مارس المقبل، فيما تبدأ المرحلة الثانية خارج مصر يومي 25 و26 نيسان/ أبريل، وداخلها يومي 26 و27 أبريل 2015.