قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الخميس أمام مجلس الأمن الدولي أن
اليمن "ينهار أمام أعيننا"، داعيا إلى التحرك لوقف انزلاق البلاد نحو الفوضى.
وعرض الأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن نتائج زيارته إلى السعودية والإمارات، حيث أجرى محادثات ركزت على "منع حرب أهلية في اليمن" وفق ما قال.
وأضاف بان كي مون أمام أعضاء المجلس الـ15 أن "اليمن ينهار أمام أنظارنا، ولا يمكن أن نتنحى جانبا ونتفرج".
وفشلت مشاورات سياسية سابقة أجراها المبعوث الأممي جمال بن عمر بين مختلف الأحزاب اليمنية في التوصل إلى حل للازمة الناجمة عن استقالة الرئيس وحكومة خالد بحاح.
وقال مبعوث
الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن جمال بن عمر للمجلس عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة: "اليوم يقف اليمن على مفترق طرق، إما الانزلاق إلى حرب أهلية والتفكك أو أن البلاد ستجد سبيلا لتطبيق الانتقال السياسي"
وأضاف: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي في الأيام المقبلة، هناك مخاطر فعلية أيضا لانهيار الريال، ما سيؤدي إلى تخلف البلاد عن الدفع أو تسديد الرواتب" وأضاف: "قد يجد عشرات آلاف الأشخاص أنفسهم بدون وظيفة".
وأكد أن الأمم المتحدة ورغم الصعوبات "لن تغادر البلاد وتؤكد مجددا التزامها بمساعدة اليمن".
وقال بن عمر "رغم كل العراقيل، لا يزال بإمكان اليمنيين النجاح في عملية الانتقال الديموقراطي التي بدأت قبل أربع سنوات".
إلى ذلك باءت محاولات "عبدالملك الحوثي"، زعيم جماعة "أنصار الله"، (
الحوثيين)، لطمأنة البعثات الدبلوماسية في صنعاء، بالفشل، رغم تأكيداته على أن الوضع الأمني في صنعاء "مستقر جدا"ً.
فبعد ساعات من خطاب الحوثي، غادرت البعثة الدبلوماسية الأمريكية صنعاء، وأغلقت فرنسا وبريطانيا سفارتيهما، فيما قررت سفيرة الاتحاد الأوروبي بصنعاء "بتينا موشايت"، أمس الأربعاء، مغادرة اليمن خلال 48 ساعة لأسباب أمنية.
وكانت سفارة الاتحاد الأوروبي بصنعاء، أغلقت أبوابها في أيار/ مايو الماضي نتيجة للوضع المضطرب الذي يمر به اليمن.
وقالت مصادر مفضلة عدم الكشف عن هويتها إن ألمانيا، هي الأخرى، على وشك اتخاذ قرار بإغلاق سفارتها في اليمن؛ نتيجة الأوضاع الأمنية بالغة التعقيد التي تمر بها البلاد، دون ذكر تفاصيل إضافية.
وبحسب مراقبين، فإن هذا "الهروب الجماعي"، إن صح التعبير، يترك الباب مشرعاً على كافة الاحتمالات، أخفها "نزع الشرعية" عن سلطة الأمر الواقع التي فرضها الحوثي وقوّض من خلالها شرعية الدولة، وأسوأها انزلاق البلاد إلى حرب أهلية في ظل اتساع دائرة "الرفض الشعبي" لمشروع الحوثيين.
وما يعقد الوضع أكثر، أنه بعد مغادرة بعثات أجنبية صنعاء، سيطر مسلحو تنظيم "أنصار الشريعة"، التابع للقاعدة في اليمن، الخميس، على معسكر للجيش في شبوة جنوبي البلاد، ما يُنذر بسقوط معسكرات أخرى في الجنوب في يد تنظيم القاعدة، أو حتى مسلحي القبائل والحراك الجنوبي، وهو في الشق الآخر منه، إعطاء ذريعة لتمدد جماعة الحوثي نحو تلك المناطق، تحت مبرر "محاربة الإرهاب"، وفق ما يراه المراقبون.
وفي هذا الصدد، يرى المحلل السياسي والكاتب في عدة صحف يمنية وعربية "ياسين التميمي"، أن "إغلاق سفارات الدول الغربية، وهي دول راعية رئيسية لعملية التسوية في اليمن، يعني بوضوح أن العملية السياسية انتهت، وأن اليمن بات مفتوحا على كل احتمالات العنف والاحتراب، ويتضح ذلك في أسلوب انسحاب البعثة الأمريكية التي لم تترك شيئا سوى المبنى".
وأضاف التميمي "أن هذا الانسحاب له مدلول مباشر في كونه يُدين ويرفض الأمر الواقع الذي فرضته جماعة الحوثي الطائفية المسلحة في البلاد، وقد يأذن بإطلاق مرحلة جديدة من العنف، تؤدي إلى تعزيز الأمر الواقع، أو إلى إحراق العصا الحوثية التي استخدمها الأمريكان والبريطانيون وبعض دول الإقليم (في أوقات سابقة) ضد أطراف سياسية في البلاد".
ويعتقد التميمي أن "تجدد الفعل الثوري هو الرهان الرابح أمام اليمنيين في هذه المرحلة، بكل ما يعكسه هذا الفعل الثوري من رغبة شعبية شاملة وعارمة في إجهاض
الانقلاب الطائفي، وتحييد القوى المليشياوية، واستعادة الدولة والوطن واستئناف العملية السياسية، وصولاً إلى مرحلة الدولة المدنية الاتحادية الحديثة والديمقراطية".
وكانت اللجنة الثورية، التي يرأسها محمد الحوثي، أعلنت في القصر الجمهوري في صنعاء يوم الجمعة الماضي ما أسمته "إعلانا دستورياً"، يقضي بتشكيل مجلس وطني مكون من 551 عضوا، يتم عن طريقه انتخاب مجلس رئاسي مكون من خمسة أشخاص يكلفون شخصا بتشكيل حكومة انتقالية.
وقوبل إعلان جماعة الحوثي بالرفض من معظم الأطراف السياسية في اليمن، الذي يعيش فراغاً دستورياً منذ استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته في 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، على خلفية مواجهات عنيفة بين الحرس الرئاسي ومسلحي جماعة الحوثي، أفضت إلى سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرة منزل الرئيس اليمني وعدد من وزراء حكومته.
ومنذ 21 أيلول/ سبتمبر الماضي، يسيطر مسلحو الحوثي الذين يعتنقون المذهب الزيدي، بقوة السلاح، على المؤسسات الرئيسية في العاصمة صنعاء، ويبسطون سيطرتهم على محافظات شمالية وغربية ذات أغلبية سنية.
ويتهم مسؤولون يمنيون وعواصم عربية وغربية إيران بدعم الحوثيين بالمال والسلاح، ضمن صراع على النفوذ في عدة دول بالمنطقة بين إيران والسعودية جارة اليمن، وهو ما تنفيه طهران.