على حين غرة، وتحت غطاء الضباب الكثيف، تسللت قوات موالية للنظام السوري، تضم عناصر من حزب الله وميليشيات شيعية أفغانية، إلى ثلاث قرى في ريف
حلب الشمالي، ما أدى لقطع الطريق الوحيد باتجاه الحدود التركية لبعض الوقت، قبل أن يستعيد الثوار زمام الأمور، وينجحوا في استعادة غالبية المواقع، وتقدموا في مناطق أخرى، فيما قتل العشرات من قوات النظام السوري، لكن الاشتباكات العنيفة لا تزال جارية في عدد من الجبهات في المدينة والريف.
فمع ساعات الصباح الأولى، تسللت العناصر التابعة للنظام السوري إلى قرى حردتنين وباشكوي ورتيان المحاذية لطريق
الكاستيلو الذي يصل مدينة حلب بالمعبر الحدودي في أعزاز شمالا.
وتفيد المعلومات بأن عناصر النظام السوري تسللوا من عدة محاور، ففي وقت تسلل فيه عناصر من الشرق والجنوب عبر مواقع النظام المحيطة بمدينة شيخ نجار الصناعية، وخصوصا قرية سيفات، تسلل آخرون من مدينتي نبل الزهراء الشيعيتين (شمال غرب).
كما تشير المعلومات إلى أن عناصر الميليشيات الموالية للنظام السوري تسللوا عبر الأراضي الزراعية ضمن مناطق محاطة ببلدات يسيطر عليها الثوار، ما يعني أنها لا تعدو محاولة للحشد الإعلامي، مثلما حصل سابقا عندما تم التسلل إلى منطقة مزارع الملاح قبل نحو شهرين.
وقد دفع اقتحام هذه المناطق إلى حركة نزوح للسكان باتجاه بلدة حريتان القريبة، مع عجز السكان عن اللجوء إلى تركيا. وتحدث السكان عن "مجزرة" ارتكبتها الميليشيات الموالية للنظام في المناطق التي اقتحمتها، حيث نُقل عن سكان بأن عناصر الميليشيات ذبحوا أكثر من 20 شخصا، فيما نُقل عدد كبير من الجرحى إلى المشافي الميدانية في حريتان وبلدات أخرى في الريف الشمالي، مع نداءات للتبرع بالدم.
وتزامنت المعارك في الريف الشمالي مع قصف عنيف على بلدة حيان، وأظهرت تسجيلات فيديو دمارا كبيرا في منازل البلدة. كما تعرضت بلدة بيانون القريبة لقصف مدفعي مصدره بلدتا نبل والزهراء الشيعيتان اللتان تحاصرهما كتائب الثوار.
واستمرت الاشتباكات في الريف الشمالي، وامتدت إلى قرية حندرات والملاح. ونشرت كتائب مقاتلة وناشطون صورا للعشرات من جثث عناصر القوات الموالية للنظام السوري، حيث منتشرة على أراض زراعية في الملاح، وذُكر أن بينهم إيرانيين ومن جنسيات أخرى. وقالت الجبهة الشامية إن أكثر 40 من قوات النظام والميليشيات المتحالفة معه قتلوا في اشتباكات اليوم في الريف الشمالي، وخصوصا في مزارع الملاح التي انضم مقاتلون من جبهة النصرة إلى معاركها، فيما ذكر نشطاء وحسابات لجبهة النصرة على تويتر أن عدد قتلى النظام يتجاوز الستين.
ونشرت الجبهة الشامية تسجيل فيديو تعلن فيه "تحرير" منطقة الملاح بالكامل، فيما صور التسجيل جثثا متناثرة لعدد كبير من العناصر التابعة للنظام السوري، حيث بدا قتلى ملتحون بلباس عسكري كامل، مع صوت في التسجيل يقول إنهم من الأفغان وجنسيات أخرى. كما ذُكر أن ميليشيات فلسطينية تقاتل إلى جانب النظام أيضا.
وقد قتل خلال الاشتباكات صباحا القائد العسكري في حركة نور الدين زنكي (المنخرط تحت لواء الجبهة الشّاميّة) حسن معيكة، كما قتل رئيس الهيئة الشرعية في مدينة أعزاز وليد العريض وعدد من المقاتلين خلال المعارك التي دارت بعد تسلل القوات المتحالفة مع النظام السوري إلى القرى الثلاث.
وفي محاولة من جانب النظام السوري لتشتيت انتباه الثوار، قامت قواته والميليشيات المتحالفة معها بشن هجمات على عدة جبهات في مدينة حلب، منها حي بني زيد شمال شرق المدينة، والليرمون شمالا، ومنطقة جمعية الزهراء (قرب المخابرات الجوية) والخالدية في الشمال الغربي، والراشدين جنوب غرب المدينة، وصلاح الدين جنوبا.
ويقول نشطاء إن الطريق الدولي باتجاه تركيا مفتوح الآن، وإنه تم إغلاقه سابقا بسبب الاشتباكات، لكن ما يزال الوضع غير آمن بشكل كامل.
وتسعى قوات النظام السوري منذ أشهر لإحكام الطوق حول مدينة حلب وفصلها عن الريف الشمالي، بعد تقدمها المفاجئ باتجاه مدنية شيخ نجار الصناعية، وهو ما أدى إلى قطع أحد طريقين رئيسيين يربطان مدينة حلب بالحدود التركية، لكن قوات النظام اضطرت للتراجع مؤخرا في منطقة حندرات، ما ساعد في إبعاد الخطر عن الطريق إلى الشمال. كما تسعى قوات النظام للتقدم باتجاه الشمال الغربي لفك
الحصار عن بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين.
ويقول نشطاء إن قوات النظام تقدمت شمال شرق مدينة حلب عبر مواقع كانت تحت سيطرة تنظيم "الدولة" الذي يسيطر على الريف الشرقي لحلب، دون أن يتصدى عناصر التنظيم لهذه القوات.
وكان قائد "كتائب أبي عمارة" مهنا جفالة قد حذر قبل أيام من أن النظام يحشد قواته شمال شرق حلب، محذرا من خطر محدق، بينما تنشغل الفصائل التي تقاتل ضد النظام بخلافاتها.