تسبب القتال بين
تنظيم الدولة من جهة، وفصائل
الجيش الحر من جهة أخرى، في
دير الزور (شرق
سوريا) العام الماضي، بتهجير الآلاف من المدنيين الذين يعيشون ظروفا إنسانية صعبة نزحوا إلى مخيمات داخل سوريا على الحدود التركية، فضلا عن المخيمات داخل الأراضي التركية.
وفي حديث خاص لـ"عربي21"، يقول القائد العسكري في كتائب "فهود الفرات" أنس العجيل: "لقد خرجنا من الريف الغربي من مدينة دير الزور، بسبب قتالنا مع تنظيم الدولة الإسلامية، وكان خروجنا من الريف الغربي للمدينة، بعد معارك عنيفة خضناها مع التنظيم هناك".
ويُشير العجيل إلى أنّ القتال ضد التنظيم استمر لمدة ثمانية أشهر، بعد حصار خانق فرضه التنظيم عليهم لمدة ثلاثة أشهر، بعدها اضطر جزء من الفصائل لمبايعة التنظيم، بسبب نفاد الذخيرة، وفرّ الجزء الآخر على شكل مجموعات وأفراد إلى تركيا، ومن ثم تجمعوا في ريف إدلب.
وبحسب العجيل، فإنّ مناطق القتال بينهم وبين التنظيم كانت في الريف الغربي لمنطقة الجزيرة. وأضاف: "بعد هجوم التنظيم علينا ومباغتتنا بكمين أدى لمقتل 37 عنصرا من مقاتلينا، استطعنا حينها الصمود أمام التنظيم لمدة سبعة أيام، قبل أن يتم الانسحاب إلى المدينة، بعد حملة قويّة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، إبان توسعه في العراق وجلبه أسلحة ثقيلة من هناك، استخدمها في الصراع ضدنا".
ولفت العجيل إلى أنّ انقطاع الذخيرة عن الفصائل المحسوبة على الجيش الحر في دير الزور، أدى إلى إعلان البعض منها "التوبة" وتسليم السلاح، فيما فرّ جزء منهم إلى ريف إدلب. وشكّل آخرون خلايا نائمة من أجل قتال التنظيم وقت الحاجة، وقد نفذوا عدة عمليات ناجحة ضد مقرات تابعة لتنظيم الدولة هناك.
ولم يخفِ القائد العسكري في "فهود الفرات" تخوفه من دخول ميلشيات شيعية قادمة من العراق إلى دير الزور، إذ انسحب التنظيم من المدينة، وقام بسحب الأسلحة من الأهالي والمقاتلين المعارضين له، وهو ما سهل من فرضية ارتكاب مجازر في المدينة حال انسحاب التنظيم منها، حسب تقدير العجيل.
وتشير إحصائيات غير مؤكدة إلى أنّ أكثر من 100 ألف مدني هُجّروا نتيجة الصراع بين التنظيم وفصائل محسوبة على الجيش الحر شرقي البلاد، فضلا عن مقتل المئات من المدنيين والعسكريين في صفوف الجانبين، بالإضافة لتنفيذ عشرات الكمائن للإيقاع بقادة كل طرف من قبل الطرف الآخر، وخاصة في مدينة "موحسن" في ريف دير الزور.
وفي مدينة
الرقة، خلّف القتال صراعا إيديولوجيا بين أبناء العائلة الواحدة، حيث أصبحت تهم التكفير والردّة جاهزة، حتى من قبل الأبناء للآباء، وهو ما حصل بالفعل مع الحاجة "أم محمد" الّتي كُفرّت من قبل ابنتيها في مدينة الرقة بعد هجرتها "أرض الخلافة" وعاصمتها في شرقي البلاد، بسبب ملاحقة التنظيم لابنها محمد، كونه كان مقاتلا في حركة "أحرار الشّام" هناك.
وتُشير أم محمد، خلال حديثها لـ"عربي21"، إلى أنّ ابنتيها ترفضان الحديث معها، إلا بعد إعلان استتابتها لدى شرعيي التنظيم في مدينة الرقة، مفصحة عن أن حفيديها من ابنتيها هما مقاتلان في التنظيم، وغالبا ما يُرسلان رسائل تهديد للخال "المرتد" حسب زعمهما، متوعدين إياه بالقصاص منه بالسيف.
من جهته، أشار شيخ عشيرة "البوضاهر" في الرقة، عبد القادر الخضر، إلى هجرة المئات من أبناء العشائر إلى تركيا والشّمال السوري، وأنهم يُعانون أوضاعا معيشية مُزرية، مشردين في المخيمات التركية ومخيمات الشّمال السوري.
ودعا الخضر "أهل الحل والعقد" إلى جمع الأمة إلى كلمة سواء، وهي رؤية ضرورية، و قائمة على لقاء ما بين الدولة الإسلامية وبين النخب الإسلامية في الداخل والخارج من أجل حلّ أوضاع المهجرين من أبناء العشائر في شرقي البلاد"، ورأى أنه إذا لم يتم مثل هذا اللقاء ستمحى "دولة إسلامية" و"الجيش الحر"، محذراً من تمدد "الإمبراطورية" الإيرانية في سوريا.
ويسيطر تنظيم الدولة على مساحات شاسعة شرق سوريا، تتمثل في سيطرته على مدينة الرقة وريفها، فضلا عن سيطرته على أجزاء واسعة من محافظتي دير الزور والحسكة وريف حلب الشرقي، في ظل انحسار تواجد فصائل الجيش الحر هناك، بسبب ما وصفوه بتخلي المجتمع الدولي والمعارضة السياسية عنهم.