يحتدم الجدال، منذ أسبوع، بين نقابة القضاة ونشطاء محاربة
الفساد بالجزائر، إثر تأجيل
القضاء النظر في قضيتي فساد، هما من أكبر القضايا المطروحة لديه منذ عقود. فبينما يرى النشطاء أن السلطة تعمدت التأجيل، يدافع رئيس نقابة القضاة عن قرار القضاة الذين نطقوا بالتأجيل ويقدم تبريرات يقول إنها قانونية بحتة.
وأجل مجلس قضاء
الجزائر يوم 15 آذار/ مارس، الجاري، النظر في ما يعرف بـ"قضية سوناطراك 1" المتعلقة بفضائح تسيير في المجمع الجزائري للنفط، والمتابع بها 19 متهما، وعلى رأسهم المدير العام السابق للمجمع البترولي، محمد مزيان، واثنان من أبنائه، و16 متهما، أغلبهم مسؤولون سابقون كبار بالمجمع، إضافة إلى متابعة مسؤولين بمجمعات بترولية أجنبية لها عقود شراكة مع المجمع الجزائري، تحت طائل "تبديد أموال الدولة الجزائرية" ولفساد وسوء التسيير".
وبرر القاضي المكلف بالملف، تأجيل القضية بسبب "غياب الشهود".
وأجل مجلس قضاء الجزائر، عشرة أيام بعد ذلك، أي إلى يوم 25 آذار/ مارس الجاري، النظر بما يعرف بالجزائر" بفضيحة القرن"، ويتعلق الأمر بفضائح شق الطريق السيار، الرابط بين شرق الجزائر وغربها، والمتابع بها 25 متهما، أغلبهم كانوا يشغلون مناصب رفيعة بوزارة الأشغال العمومية بالجزائر، وهي الوزارة التي أسند لها إنجاز المشروع.
ويتابع في القضية مسؤولون بسبع شركات أجنبية، لها عقود شراكة مع الجزائر أيضا، ويتابع هؤلاء بتهم "تلقي هدايا مقابل خدمات" و"وعدم احترام حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وتبديد أموال عمومية".
وبرر القاضي المكلف بالقضية، قرار تأجيل المحاكمة، بغياب محامي المتهم الرئيس شادي مجدوب، وهو الوسيط بين الشركة المكلفة بإنجاز الطريق السيار والمتعاملين الأجانب. وكلا القضيتين، أجلتا إلى شهر أيار/ مايو المقبل.
ويعتقد جيلالي حجاج، رئيس الجمعية الجزائرية لمحاربة الفساد، بتصريح لـ"
عربي21"، الاثنين أن "الحكومة الجزائرية حققت مبتغاها إثر برمجتها هذه المحاكمات بعد تماطل دام لسنوات"، وتابع بأن "السلطة هي المستفيد من تأجيل القضيتين رغم أنهما مهمتان للغاية، وهذا قصد ضمان تمكنها من توجيه المحاكمة فيهما كيفما شاءت".
لكن جمال عيدوني، رئيس نقابة القضاة بالجزائر، أكد بتصريح للإذاعة الحكومية، الاثنين، أن "القضاة المكلفين بالنظر في هاتين القضيتين من أكفأ القضاة ويجب أن نثق فيهم، رغم التأثير الممارس عليهم"، وتابع بأن "التأجيل، حكم قضائي يجب أن يحترم".
وأفاد عيدوني بأن "الرشوة موجودة في كل مؤسسات الدولة وعلى كل المستويات ويجب محاربتها، كما أنه يتعين على كل مؤسسة لعب دور معين، ونطالب برفع الضغوط ويجب انتقاء قضاة ذوي ثقة ولا يتأثرون بالضغوط".
ولم تلق تبريرات القضاة المكلفين بمحاكمة المتهمين في الملفين المذكورين، قبولا لدى المتتبعين، وبمقدمتهم نشطاء حقوق الإنسان ومكافحة الفساد.
وأدرج النشطاء، القضيتين ضمن كبرى قضايا الفساد بالجزائر، إذ إن الخزينة العمومية، خسرت مليارات الدولارات جراء تبديد الأموال العمومية وإبرام الصفقات المشبوهة، وتهريب الأموال إلى الخارج. وتضاف هاتين القضيتين إلى قضية "الخليفة" أو ما عرف بالجزائر بقضية "المليادير الهارب" التي سوف يفتح القضاء بالجزائر، ملفها يوم الرابع من أيار/ مايو القادم.
واتخذ نشطاء محاربة الفساد المستقلين بالجزائر هذه القضايا معيارا بحكمهم، على "عدم وجود إرادة من طرف الحكومة الجزائرية بمكافحة الفساد بصفة جدية".
وقال بوجمعة غشير، المحامي وعضو المكتب التنفيذي بشبكة الديمقراطيين العرب، والناشط بمحاربة الفساد بالجزائر "إنه في ملفات الفساد المعروضة أمام العدالة، الموظفون الصغار داخل القفص والرؤوس الكبيرة والوزراء طلقاء وأحرار".
ويقصد غشير، عدم استدعاء المحكمة الوزراء الذين شهدت قطاعاتهم، هذه الفضائح ومن بينهم وزير الأشغال العمومية سابقا، عمار غول، في قضية "الطريق السيار"، والوزير السابق للنفط، شكيب خليل، في قضية "سونطراك1"، علما بأن الأخير موجود في بالولايات المتحدة الأمريكية.
وأفاد غشير، بتصريح لـ"
عربي21"، الاثنين إلى أن "حجم القضايا لا يمكن أن ينسينا مسؤولية الكبار وبالتالي لا يجب الاقتصار على متابعة بعض الموظفين الصغار من الدرجة الثالثة والرابعة، دون المساس برؤوس الإدارة المعنية".
ويتساءل غشير: "كيف لموظف أن يبرم صفقات بمئات المليارات دون علم الوزير، بكل تأكيد هناك إجحاف وأعتقد أنه يجب إخضاع الجميع للمتابعة".