يحل الرئيس
التونسي الباجي قائد
السبسي، الثلاثاء، في العاصمة الفرنسية باريس، في زيارة دولة تستغرق يومين، لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني بين دولتين صديقتين، شهدت علاقتهما تعقيداً منذ الثورة التونسية في 2011.
وقالت الرئاسة التونسية إن الرئيس الفرنسي
فرنسوا هولاند سيستقبل أول رئيس تونسي منتخب ديمقراطياً من الشعب، في فندق الإنفاليد قبل اللقاء وتوقيع الاتفاقيات التي لم تكشف تفاصيلها.
وسيلقي الرئيس التونسي خطاباً أمام
مجلس الشيوخ الفرنسي، وفي اليوم الثاني سيجمعه غداء مع رئيس الوزراء مانويل فالس.
وستتمحور المحادثات حول تصاعد النشاط الجهادي في تونس منذ ثورة 2011، الذي بلغ أوجه في 18 آذار/ مارس الماضي، بعد الاعتداء على متحف باردو في العاصمة، ومقتل 22 شخصاً، بينهم 21 سائحاً أجنبياً، ضمنهم أربعة فرنسيين، بالإضافة إلى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها البلد الوحيد الذي نجح بالانتقال السلمي للسلطة بعد الربيع العربي.
وسيتم بحث التعاون في مجالي الأمن والدفاع على نطاق واسع خلال الزيارة التي تأتي بعد مشاركة هولاند في مسيرة "ضد الإرهاب" في تونس ، وفقاً لمقربين من الرئيس الفرنسي.
وخلال حديث مع قناة فرانس 24، قال السبسي إن "تونس لا تطلب شيئاً من أحد، لكنها تقبل أي نوع من الدعم والتضامن من أصدقائها والدول الشقيقة، بحيث تتجاوز هذه الفترة الحرجة".
ووفقاً لوزير الخارجية التونسي الطيب البكوش، تجري تونس حالياً مفاوضات مع فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة لشراء أسلحة، في الوقت الذي تواجه فيه البلاد الجهاديين المسلحين على حدودها مع الجزائر، وترقب بقلق الوضع في الجارة الليبية التي تعصف بها الفوضى.
ولكن زيارة السبسي "يجب ألا تكرس لقضايا الأمن فقط"، نظراً لانعدام النمو الاقتصادي والاستثماري في تونس، حسبما يشير المحلل الاقتصادي مُعِز الجودي.
يضيف: "يجب أن يكون هناك شراكة اقتصادية ملموسة، ويجب على فرنسا أن تنظر إلى تونس بصفة شريك حيوي".
وفرنسا هي الشريك التجاري الأكبر لتونس، وأول مستثمر أجنبي فيها؛ إذ توجد حوالي 1300 شركة فرنسية توظف أكثر من 125000 شخص في تونس، كما أن فرنسا هي البلد الأول في عدد السياح القادمين إلى تونس، بالإضافة إلى كونها أكبر ممول على المستوى الثنائي.
أما سياسياً، فلا تزال التوترات قائمة، وإن كانت العلاقة حالياً أقل تعقيداً عما كانت عليه في 2011، بسبب الدعم الكبير الذي قدمه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لنظام زين العابدين بن علي خلال الثورة.
وفي هذا السياق، اتهم قائد السبسي، في مقابلة مع مجلة باري ماتش الفرنسية الأسبوعية، باريس بدعم خصمه، الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، خلال الانتخابات الرئاسية نهاية 2014.
وقال قائد السبسي (88 عاماً) السياسي المخضرم المتبني خطاب الاستقلال في تونس، الحبيب
بورقيبة: "لم يكن هناك غموض من جانب فرنسا. كان هناك تأييد واضح لخصمي في الحملة الانتخابية، هكذا هو الأمر. أما أنا فكان دعمي آتياً من التونسيين، وخصوصاً التونسيات".
وأضاف مخففاً من حدة نقده: "ما سأقوله خلال زيارتي إلى باريس، إنه بعد أربع سنوات من سوء الإدارة والحكم، تونس بحاجة إلى الدعم".
من جهته، اعتبر زعيم الجبهة الشعبية (مجموعة من الأحزاب الماركسية والقومية العربية) في تونس، حمة الهمامي، أن "علاقتنا مع فرنسا ليست مستقرة بعد. لم يلحظ التونسيون أي خطوة من جانب فرنسا تظهر دعماً حقيقياً، كانت كلها وعود وأقوال فقط".
وكان الرئيس الفرنسي أعلن خلال زيارته إلى تونس في 2013، عزمه تحويل 60 مليون يورو من الديون التونسية إلى استثمارات .
ووفقاً للإليزيه، ستوضع اللمسات الأخيرة على هذا الاتفاق خلال زيارة قائد السبسي.
وأخيراً، تتوقع تونس دعماً فرنسياً، من خلال نيلها صفة "الشريك المميز"، لتعميق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ووصوله إلى إلغاء نظام التأشيرات.