حقوق وحريات

أين اختفى مسلحو "بوكو حرام"؟

مسلحو بوكو حرام - أرشيفية
مسلحو بوكو حرام - أرشيفية
من التهديد والوعيد لكل من تسول له نفسه التصويت في الانتخابات العامة في نيجيريا، التي انتهت السبت الماضي بفوز مرشح المعارضة محمد بخاري، إلى بعض الهجمات المتفرقة التي تعد على أصابع اليد الواحدة، يبقى السؤال: أين اختفى مقاتلو جماعة "بوكو حرام" بعدتهم وعتادهم؟

وفي الفترة التي سبقت الانتخابات، شن مسلحو "بوكو حرام" موجة من الهجمات في منطقة شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص وتشريد مئات الآلاف في الفترة بين كانون الثاني/ يناير وبداية آذار/ مارس الماضيين.

وفي تسجيل مصور بث أواخر كانون الثاني/ يناير، تعهد "أبو بكر شيكاو" زعيم جماعة "بوكو حرام" بتعطيل الانتخابات ولو حتى "على حساب" أرواح مسلحيه.

واضطرت السلطات النيجيرية إلى إعلان تأجيل الانتخابات العامة المقررة في 14 شباط/ فبراير حتى 28 آذار/ مارس لإعطاء الجيش، فرصة لإخضاع المسلحين بدعم من الجيوش الإقليمية من تشاد والنيجر والكاميرون.

وخلال الفترة بين 14 شباط/ فبراير ، وحتى عشية الانتخابات يوم 27 آذار/ مارس، نجحت القوات في استعادة جميع الأراضي، التي كانت تخضع لسيطرة "بوكو حرام" منذ العام الماضي.

وقبل أيام من الانتخابات التي شهدت منافسة شديدة، استعادت القوات السيطرة على مدينة "غوزا"، التي أطلق عليها المسلحون "دار الحكمة"، وجعلوها عاصمة لما أسموه بدولة "الخلافة الإسلامية" في المنطقة.

ورغم تراجع هجمات "بوكو حرام" في جميع أنحاء المنطقة المضطربة، لكنها لم تتوقف تماما، غير أنه لم تسقط أي مدن جديدة بيد الجماعة.

ويوم الانتخابات، شن مسلحو "بوكو حرام" هجومين على الأقل في ولاية "غومبي"، كما شهدت ولاية "باوتشي" المجاورة هجومين منفصلين لعناصر الجماعة، دون الإبلاغ عن وقوع إصابات في أي من الهجمات، بينما تصدت القوات لمحاولة الجماعة اقتحام مدينة "باوتشي".

وتزامنا مع إطلاق هاشتاغ وُسِم بعنوان "NeverAgain" أو "ليس بعد اليوم أبدا"، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، الذي تصدر القائمة المحلية لعدة أيام، عقب تحرير مدينة "غوزا"، قال الجيش النيجيري إنه دمر القدرات القتالية لجماعة "بوكو حرام"، بينما فر أعضاؤها المشتتون.

وخلافا لعادتهم، لم يرد عناصر الجماعة على هذه المزاعم، أو على تهديدات الرئيس المنتخب محمد بخاري، جنرال الجيش المتقاعد، بتوجيه ضربات جديدة لهم بمجرد أن يؤدي اليمين الدستورية.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل هلكت "بوكو حرام" بالفعل؟ أم أنها ببساطة دخلت في سبات؟

وفي هذا السياق، قال أبو بكر معاذ، وهو باحث في شؤون "بوكو حرام" بجامعة مايدوغوري، لقد "تعرض المسلحون للهزيمة إلى حد كبير جراء العمليات المشتركة لقوات الكاميرون والنيجر وتشاد من جهة، وتنشيط الجيش النيجيري لحفظ ماء وجهه، ربما لدواع سياسة".

وأضاف معاذ: "أشعر أن العديد منهم (مسلحي بوكو حرام) يحاولون إيجاد وسيلة للهروب".

وحذر معاذ من التراخي، مصرا على أن هذه معركة قد تم الفوز بها، ولكن ليس الحرب.

واعتبر أنه "من المبكر للغاية القول إن المتمردين قد هزموا تماما، لأن هناك تقارير تفيد أنهم يتحركون في مجموعات في أجزاء من ولايتي باوتشي وغومبي، رغم أنهم لا يهاجمون الناس كعادتهم".

وأضاف: "بناء على هذه التقارير، لا تزال بعض العناصر المتمردة نشطة إلى حد كبير، لكن عددهم ليس كبيرا حتى يمكنهم شن هجوم كبير".

ومضى الخبير النيجيري قائلا: "لقد فاز الجيش في العديد من المعارك بالفعل، ولكن الحرب بالتأكيد لم تنته"، وأشار إلى أن قوات الجيش لم تؤمن كل المناطق المحررة مؤخرا.

وأوضح معاذ أن "هذا ما يفسر لماذا لا يستطيع المشردون داخليا العودة إلى مدنهم، لأن الأمن هناك لا يزال غير مضمون"، واعتبر أنه "يجب على الجيش تطهير بعض المناطق لضمان الأمن".

من جهته، قال باتريك أغبامبو، وهو رئيس "سيكيورتي ووتش أفريقيا"، وهي شركة استشارية تقدم الاستشارات الأمنية والتدريبات، إن نشاط مسلحي "بوكو حرام" تضاءل بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة.

وأضاف أغبامبو، في حديث لوكالة الأناضول: "أولئك في عالم الأمن، واثقون من أن بوكو حرام ستصبح قريبا شيئا من الماضي".

وتابع: "أنا واحد من هؤلاء الذين، كانوا يعتقدون من البداية، أن الحكومة لا تعالج أزمة بوكو حرام بشكل صحيح، والحملة التي تشنها عليها، بالنسبة لي، كانت تحدث بالصدفة".

وأشار المحلل الأمني، إلى أن التمرد يظل مصدر تهديد خطير، بغض النظر عن تصريحات الحكومة الأخيرة بشأن النصر.

وأوضح أغبامبو، أنه "في حرب العصابات، أحيانا تتراجع الجماعات المسلحة من أجل وضع استراتيجية جديدة".

ورجح أن "بوكو حرام تقهقرت من أجل وضع إستراتيجية، في ظل إدراكها أن إدارة الرئيس الجديد (بخاري) لن تتهاون معها".

وأعرب عن أمله أن "لا تحدث الكثير من الفوضى حتى تتولى الحكومة المقبلة مهام عملها"، مضيفا: "أدعو الله ألا تتهاون الحكومة الحالية، حتى لا نخسر المزيد من الأرواح".

وفي خطاب الفوز بالرئاسة، الأسبوع الماضي، تعهد بخاري، بمحاربة كل من جماعة "بوكو حرام" المسلحة، والفساد الحكومي، وتعهد بتحقيق الديمقراطية والمصالحة في البلد الأفريقي الذي يعاني من "الإرهاب".

وفي عام 2013، اختارت جماعة "بوكو حرام" المتطرفة، بخاري باعتباره مفاوضها المفضل، وهو العرض الذي رفضه الأخير رفضا قاطعا.

والحاكم العسكري السابق المعروف بانتقاداته اللاذعة لـ"بوكو حرام"، تم استهدافه عام 2014، في ما وصف بأنه محاولة اغتيال من قبل الجماعة.

وعلى الرغم من نجاح الجيش النيجيري مؤخرا في استعادة عدة مناطق كانت تخضع لسيطرة "بوكو حرام" التي استولت سابقا على مناطق واسعة بولايات "أداماوا"، و"بورنو"، و"يوبي" شمال شرق البلاد، فإن الجماعة المتشددة تظل مصدر قلق أمني كبير في المنطقة.

وتقاتل نيجيريا منذ أكثر من ست سنوات جماعة "بوكو حرام" المتمردة التي حصدت عملياتها حياة عشرات الآلاف، وشردت أكثر من ستة ملايين شخص على الأقل، ودمرت البنية التحتية في أجزاء كثير من البلاد.

وتعني بوكو حرام، بلغة قبائل "الهوسا المنتشرة في شمالي نيجيريا"، أن التعليم الغربي حرام.

 وقد تأسست كجماعة مسلحة في في كانون الثاني/ يناير 2002، على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، حتى الجنوبية ذات الأغلبية المسيحية.
التعليقات (1)
عبدالحميداحمدجمعه
الثلاثاء، 07-04-2015 03:07 م
مازلت اؤكد ان ظهور هذه الجماعات جاء نتيجة تقصير المؤسسات الدينيه والتعليميه لدورها والضعف الذي دب في تلك المؤسسات علميا وتربويا واجتماعيا كما اصبح كل هم تلك المؤسسات الكسب المادي بالاضافه الي دور الاعلام الانحلالي الفوضوي نأهيك عن غياب دور الاسره والدوله انها منظومه طويله كان من نتأجها ما نبكي عليه ولك الله يااسلام